أكد سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي، أن القطاع المصرفي القطري يتمتع بالكفاءة والقوة؛ حيث أثبتت اختبارات الضغط التي يجريها المصرف المركزي بشكل دوري أن تأثّر هذا القطاع بأكثر الضوابط تشدداً يكون في أضيق الحدود، ولا يمثل مخاطر كبيرة على قدرته في الاستمرار، نظراً لما يمتلكه من كفاية رأس المال وانخفاض في نسب الديون غير المنتظمة، فضلاً عن تمتّعه بالسيولة والربحية.شدّد سعادته، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، على عدم وجود أزمة سيولة لدى الجهاز المصرفي القطري بأي شكل من الأشكال، موضحاً أنه يكفي للتدليل على توافر السيولة لدى النظام المصرفي القطري، الإشارة إلى أن ودائع البنوك لدى المصرف حالياً تزيد على 39.3 مليار ريال، والمعلومات بشأن حجم السيولة في البنوك متاحة للجميع بالنشرات الإحصائية التي يصدرها «المركزي» بشكل شهري، وكذلك عن النقود الاحتياطية أو ما يعرف بالقاعدة النقدية. وتعليقاً على ما قامت به مؤخراً وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني من تخفيض التصنيف الائتماني للبنوك القطرية، قال سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني: «إن المخاطر الجيوسياسية والأحداث الحالية غير الطبيعية كان لها تأثير كبير على وجهة نظر تلك الوكالة، ولكننا نؤمن بأنها قريباً جداً سوف تعدّل هذا التصنيف». وأفاد سعادته بأن مصرف قطر المركزي على الرغم من ثقته في قدرة البنوك المحلية على مواجهة الظروف غير الطبيعية الناتجة عن الحصار المفروض على الدولة، وتأكّده من التزامها بالمعايير الدولية وتنفيذها لتعليماته، خاصة تلك التي تتعلق بكفاية رأس المال والسيولة، إلا أنه ومع ذلك فقد اتخذ عدداً من الإجراءات الاحترازية لمواجهة التأثيرات السلبية لهذا الحصار الغاشم. ولفت إلى أن من بين هذه الإجراءات عقد اجتماعات دورية مع الرؤساء التنفيذيين للبنوك والمصارف العاملة في الدولة، والمراقبة اليومية لمستويات السيولة والتحويلات النقدية بالجهاز المصرفي، وإجراء اختبارات الضغط بافتراض أسوأ السيناريوهات، والمراقبة الدقيقة لحركة الودائع والتعاملات في النقد الأجنبي، ووضع خطط طوارئ لمواجهة أي مخاطر محتملة. وأوضح سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني أن حجم الاحتياطيات الدولية لمصرف قطر المركزي جيدة وتتوافق مع النسب العالمية، أما حجم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى المصرف فإنه ممتاز ويغطي حاجة السوق. وأشار سعادته في هذا الإطار إلى أنه وعلى الرغم من أن تلك الاحتياطيات تمثّل نحو ثمانية أضعاف النقد المصدر ونحو 240 % من القاعدة النقدية، إلا أنها لا تمثّل سوى نسبة ضئيلة لا تتجاوز 10 % من احتياطيات دولة قطر. ضمان وبشأن ضمان عدم تراجع الريال القطري تجاه الدولار الأميركي والمحافظة على التدفقات النقدية بالدولة، أكد سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني، أن كفاية الاحتياطيات الدولية للدولة بصفة عامة ولدى المصرف بصفة خاصة تمثّل حائط الصد المنيع والضمان الأكيد لثبات سعر صرف الريال أمام الدولار الأميركي، كما أن الفوائض التي يشهدها كل من الحساب الجاري والحساب الرأسمالي وميزان المدفوعات القطري تدعم تلك الاحتياطيات. ونوّه سعادته إلى أن المصرف يعمل على تحقيق الاستقرار المالي بالدولة عبر آليات وطرق، منها: إصدار التعليمات الرقابية إلى الجهاز المصرفي والمالي بدولة قطر بهدف تعزيز الثقة المالية لهذا الجهاز وزيادة قدرته على مواجهة المخاطر المالية المحتملة، مشيراً إلى أن المصرف أصدر تعليماته الخاصة بالمبادئ التوجيهية حول عملية التقييم الداخلي لكفاية رأس المال، والحاجة إلى إضافة احتياطي مساند للتقلبات الدورية حتى الآن لمتطلبات كفاية رأس المال، بالإضافة إلى ذلك فإن المصرف يستخدم أدوات السياسة الاحترازية الجزئية والكلية بحيث يتم تقييم البنوك والمؤسسات المالية الأخرى بشكل دوري، فضلاً عن أن البيانات المقدّمة من تلك المؤسسات إلى مصرف قطر المركزي تتم مراجعتها من قبل مدققين خارجيين باعتبارها جزءاً من التدقيق الكامل في نهاية العام. استراتيجية وفيما يخصّ خطة المصرف الاستراتيجية لتنظيم القطاع المالي بالدولة، قال سعادته: «يوشك مصرف قطر المركزي على إطلاق الخطة الاستراتيجية الثانية لتنظيم القطاع المالي (2017-2022)؛ حيث تأتي هذه الاستراتيجية نتيجة الجهد المثمر والتعاون بين الجهات الرقابية الثلاث (المصرف المركزي، وهيئة قطر للأسواق المالية، وهيئة تنظيم مركز قطر للمال)، وفي ضوء رؤية قطر الوطنية 2030 وقيام القطاع المالي والمصرفي بدور فعال في تحقيق هدف التنويع الاقتصادي وزيادة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي». وأضاف سعادته: «تُبنى هذه الاستراتيجية على ما تحقق في الاستراتيجية الأولى، بالإضافة إلى تعزيز التعاون التنظيمي والإشرافي بين الجهات، سواء في تطبيق المعايير الدولية في مجال العمل المصرفي؛ حيث سيتم استكمال تطبيق معايير «بازل 3»، أو تعزيز البنية التحتية للنظام المالي وزيادة كفاءة الأسواق وحماية مستخدمي الخدمات المالية والمستثمرين». وأوضح أن الاستراتيجية الجديدة تتضمن أحدث الوسائل في كشف ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتركيز على تطوير العنصر البشري في القطاع المالي وخلق كوادر تتمتع بمعايير المهنية العالمية. الدين وفيما يتعلق بالاتجاه نحو إصدار أدوات الدين الحكومي، كإصدار السندات وأذونات الخزينة والصكوك، أوضح سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي، أن المصرف يقوم بإصدار أدوات الدين الحكومي نيابةً عن الحكومة، ومن ثَمّ فإن حصيلتها لا تعود إلى المصرف. وقد بدأ المصرف في إصدار تلك الأدوات لأسباب تتعلق بالسياسة النقدية، مثل إدارة السيولة في الجهاز المصرفي وبناء منحنى العائد للريال القطري، كما أن الحكومة تستخدمها أيضاً في تمويل الموازنة باعتبارها أحد المصادر المتاحة. وبخصوص ما تردّد حول توقّف الكثير من شركات الصرافة عن بيع الدولار مع بداية الحصار، وإذا ما كان لمصرف قطر المركزي دور في هذا الشأن، قال سعادته: «لا أعتقد أن أية مؤسسة مالية أو مصرفية في دولة قطر -بما فيها شركات الصرافة- قد توقفت عن بيع الدولار أو أية عملة أخرى. ربما حاول البعض أن يستغل الأزمة، لكن تعليمات المصرف المشددة في هذا الشأن مثلت رادعاً لمثل هذا السلوك». الحوكمة وعن الدور الذي يقوم به مصرف قطر المركزي في إطار موضوع حوكمة البنوك، والذي يستحوذ على قدر كبير من اهتمام وعناية السلطات الإشرافية والرقابية والإقليمية والدولية، أوضح سعادته أن مهام «المركزي» في هذا الإطار تشمل -وفقاً لأحكام قانون المصرف رقم «13» لسنة 2012- الإشراف والرقابة على جميع المؤسسات المالية المرخَّص لها بمزاولة الخدمات والأعمال والأنشطة المالية، وذلك لتعزيز نظام الاستقرار المالي، منوهاً على حرص المصرف على اتباع أفضل الممارسات العالمية عند إصدار التعليمات الرقابية للبنوك والمؤسسات المالية الأخرى وشركات التأمين. وتطرّق سعادته إلى عدد من الأمثلة التي يقوم بها المصرف المركزي في هذا الصدد، ومنها: إصدار المصرف قراراً بتنظيم تملّك أسهم المؤسسات المالية الخاضعة لرقابته والمدرجة في بورصة قطر، والتعليمات الصادرة بعدم جواز قيام البنك أو شركة الاستثمار المؤسس أو المدير لصندوق الاستثمار هو وجميع شركاته التابعة بتملك أكثر من 10 % من إجمالي حصص الاستثمار في الصندوق، واستكمال تطبيق معايير لجنة «بازل 3»، وخاصة الدعامة الثانية منها والمتعلقة بكفاية رأس المال والإجراءات الداخلية لتقييم كفاية رأس المال. ولفت سعادته إلى أن مصرف قطر المركزي أصدر أيضاً مبادئ الحوكمة في شركات التأمين، وتتضمن الإطار العام والقواعد والنظم والإجراءات الشاملة التي تمارس من خلالها شركات التأمين أنشطتها وإدارتها، ويحدد هيكلها العلاقة بين الأطراف المختلفة وتوزيع السلطات والمسؤوليات بينهم، لا سيما أعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين والمساهمين وأصحاب المصالح أو المتعاملين مع الشركة.;
مشاركة :