انطلقت المبادرة الشبابية «يوم الزي الفلسطيني» التي تحولت منذ ثلاث سنوات مهرجاناً يقام في مدن فلسطينية عدة، رد فعل من شابات فلسطينيات وشبان أيضاً على ارتداء عارضة أزياء إسرائيلية الزي الفلسطيني، مدعية أنه جزء من تراث دولة الاحتلال، وفق ما أكدت الشابة لنا حجازي، وهي إحدى المبادرات. لكن حجازي ورفيقاتها لم يستسلمن لحال الضيق التي كانت تتملكهن إزاء هذه السرقة العلنية للتراث الفلسطيني، ممن سرقوا الأرض الفلسطينية برمتها. ولم تترك الفتيات أنفسهن فريسة للعجز، لذلك وجدن في الثقافة ضالتهن، وكانت مبادرة «يوم الزي الفلسطيني» احتفالاً ثقافياً بالزي النسوي الفلسطيني في مختلف شوارع المدن والبلدات الفلسطينية وحاراتها وأزقتها، وهو ما وجدن أن من شأنه تثبيت الهوية الفلسطينية للثوب من جهة، وتعزيز حضوره بين الأجيال الشابة من فتيات فلسطين من جهة أخرى. وأشارت نجوى عدنان، وهي ايضاً مشاركة في المبادرة، إلى أن من بين صعوبات هذا اليوم الذي بات مهرجاناً سنوياً تجميع الأثواب الخاصة بكل مدينة أو بلدة على حدة لما هناك من اختلافات في التطريز او الألوان، ولكن ايضاً لارتفاع كلفة هذه الأثواب. وتقول عدنان إن هذا يتم التغلب عليه بطرق عدة، فبعض الفتيات المشاركات في المهرجان يلجأن الى أثواب الجدات، وبعضهن إلى محال متخصصة في هذا المجال، وأحياناً الى مصممي الأزياء المحليين. وتصبح المهمة أقل صعوبة بعدما منحت المشاركات مساحة زمنية أكبر لتدبير اثوابهن، لافتة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت أيضاً في تسهيل مهمة جمع الأثواب في شكل واضح. وترفض حجازي إجراء مقارنة تتعلق بتميز أو تفوّق ثوب ما في جماليته على الأثواب الأخرى، وتقول: «حتى أثواب شمال الضفة الغربية كريف نابلس، على سبيل المثال، وهي ليست مطرزة كغيرها، لها جمالها الخاص وألقها، فكل ثوب يعبر عن منطقة وتاريخ وحكايات مختلفة يمكن جمعها تحت مظلة التراث الفلسطيني». وأضافت: «كلما حظينا بثوب مختلف لم يسبق أن صادفنا من قبل، وعرفنا ما وراءه من حكايات، نشعر بحالة من الفخر، ونقدر جمالياته وما يحمله من دلالات رمزية». وكشفت حجازي أنه جاري الترتيب في مدينة رام الله، وعبر مبادرة «يوم الزي الفلسطيني»، لتنظيم مسابقة لأجمل ثوب، على رغم صعوبة المهمة، معربة عن تطلعاتها وفريق المبادرة في المهرجان إلى مشاركة «أقدم الأثواب»، بخاصة أن بعض النساء والفتيات وعدن بالمشاركة بأثواب يفوق عمر بعضها القرن من الزمن وتتوارثه نساء العائلة. واشتمل المهرجان الذي انطلق منتصف هذا الشهر، على دعوة الفتيات والنساء الى ارتداء الثوب الفلسطيني التقليدي، كل في منطقة سكناه، والمشاركة فيها ضمن مسارات محددة من إدارة «يوم الزي الفلسطيني» في الشوارع والساحات العامة بالترافق مع بث الأغاني التراثية التي كانت تتردد في مطلع القرن الماضي، وحتى منتصف الخمسينات والستينات، بخاصة في العرس الفلسطيني، إضافة إلى أنه تم تنظيم معارض صور تراثية في العديد من المواقع، وهو الحدث الذي انطلق من جنين، وحل في نابلس ورام الله أيضاً، التي انطلقت فيها مسيرة تراثية من أمام مبنى البلدية إلى مركز مدينة البيرة الثقافي، اذ إن هناك تعاوناً ما بين القائمين على المبادرة وبلديتي رام الله والبيرة، ومؤسسة الروزنا، ومركز حواء، والمجلس الفلسطيني الأعلى للشباب والرياضة، ومنتدى شارك الشبابي، والعديد من الفرق الشعبية. ولم تقتصر الدعوة على الفتيات والنساء، بل اتسعت لتشمل الذكور، بحيث يتم إعادة الاعتبار للزي الشعبي الفلسطيني للرجال على اختلافه ايضاً وباختلاف المناطق والمحطات الزمنية، بخاصة أن الثوب النسوي يحضر ولو في المناسبات لكن الزي الرجالي يعاني الانقراض. والهدف من ذلك كله أن يعيش الفلسطينيون، وبخاصة الشباب منهم، ومن الجنسين، ولو لبعض الوقت ثقافة الثوب و «القنباز»، وكسر الحاجز ما بين الشاب أو الفتاة وارتداء الزي الفلسطيني التقليدي. وفي تقدير كل من حجازي وعدنان فإن القائمين على مبادرة ومهرجان «يوم الزي الفلسطيني» تمكنوا من إحداث شيء من التغيير في هذا المجال.
مشاركة :