فرار الآلاف من المسلمين من ميانمار مع تصاعد الاشتباكات العرقيةأدى العنف العرقي المتبادل بين المسلمين والبوذيين في إقليم راخين بميانمار إلى موجة نزوح كبيرة من سكان المنطقة، حيث لجا المسلمون من أقلية الروهينغا إلى الفرار باتجاه حدود بنغلادش هروبا من عمليات عسكرية لقوات الجيش.العرب [نُشر في 2017/08/28، العدد: 10736، ص(5)]تصاعد تدفق الفارين من جحيم المعارك دكا – قالت حكومة ميانمار إنها قامت بإجلاء أربعة آلاف على الأقل من المزارعين غير المسلمين وسط استمرار الاشتباكات في ولاية راخين شمال غرب البلاد، في حين فر الآلاف من المسلمين الروهينغا عبر الحدود إلى بنغلادش الأحد. وأضافت حكومة ميانمار أن عدد قتلى أعمال العنف التي تشهدها البلاد منذ الجمعة بعد هجمات منسقة شنها مسلحو الروهينغا، ارتفع إلى 98 قتيلا بينهم 80 من المسلحين و12 من أفراد الأمن. وقال وين ميات آيي وزير الشؤون الاجتماعية والإغاثة في ميانمار لرويترز إنه تم إجلاء أربعة آلاف “مزارع عرقي” كانوا فروا من قراهم، في إشارة إلى السكان غير المسلمين في المنطقة. و حصدت أعمال العنف في ولاية راخين أرواح ستة من أفراد أسرة هندوسية بينهم ثلاثة أطفال وامرأة. وعثر الأحد على جثثهم ويعتقد أنهم قتلوا على يد مقاتلين من الروهينغا. ويحاول الآلاف من أقلية الروهينغا المسلمين، وأغلبهم من النساء والأطفال، التوجه صوب نهر ناف الذي يفصل ميانمار عن بنغلادش والحدود البرية تحسبا من وقوع المزيد من أعمال العنف، فيما أكد مراسلون من رويترز أنه تم سماع دوي إطلاق نار على جانب ميانمار من الحدود، مما دفع الكثيرين من الروهينغا للفرار إلى المنطقة الحدودية بين البلدين. ووفقا لتقديرات لاجئي الروهينغا الذين يعيشون في مخيمات مؤقتة على جانب بنغلادش من الحدود، تمكن نحو ألفي لاجئ من العبور إلى بنغلادش منذ الجمعة الماضي.وفي المقابل، أعلنت مصادر من الشرطة البنغالية عن اعتقال 90 شخصا من الروهينغا وإعادتهم إلى ميانمار بعد ساعات على إطلاق قوات ميانمار المنتشرة على الحدود النار على أشخاص حاولوا الفرار من البلاد. واعتقلت الشرطة الروهينغا المسلمين في ساعات متأخرة من السبت بعد عبورهم “خط الصفر” في المنطقة الحدودية، حيث استخدمت قوات ميانمار مدافع الهاون والأسلحة الرشاشة ضد قرويين كانوا يحاولون الهروب من ولاية راخين في شمال البلاد إلى بنغلادش. وتم العثور على القرويين بعد عبورهم حوالي أربعة كيلومترات داخل أراضي بنغلادش متوجهين إلى مخيم للاجئين في “كوتوبالونغ”، الذي يأوي الآلاف من الروهينغا يعيشون في ظروف بائسة، بحسب قائد الشرطة في المنطقة. وقال القائد أبوالخير لوكالة فرانس برس “تم اعتقال الأشخاص السبعين جميعا وقام حرس الحدود في ما بعد بإعادتهم إلى ميانمار”.الهجمات تعد بمثابة "نقطة الانفجار" التي وصلت إليها أقلية الروهينغا نتيجة الاضطهاد الذي عانته طوال سنوات وقال مسؤولون من حرس الحدود البنغالي إنهم يوفرون الطعام والماء للروهينغا، إلا أنهم لن يسمحوا بدخول أحد. وذكر شرطي طلب عدم كشف اسمه “كانوا يحاولون إقناعنا بعدم إعادتهم إلى ميانمار”. وأفاد قائد لحرس حدود بنغلادش عارف الإسلام أن عشرين آخرين أوقفوا الأحد وأرسلوا عن طريق نهر ناف الذي يشكل حدودا طبيعية بين بورما وبنغلادش. وأمرت حكومة بنغلادش المسؤولين في منطقة كوكس بازار الولاية المتاخمة لميانمار والتي تضم عددا من مخيمات اللاجئين، بعدم السماح بأي “دخول غير شرعي” للروهينغا. وتجمع منذ السبت الماضي قرابة ألفين من النساء والأطفال الروهينغا على الحدود مع بنغلادش، لكن السلطات رفضت السماح لهم بالدخول. وتؤكد مصادر عن قادة الروهينغا ووسائل الإعلام المحلية أنه رغم تشديد الرقابة الحدودية، تمكن ثلاثة آلاف لاجئ من الروهينغا من دخول بنغلادش حيث وجدوا ملاذا في مخيمات اللاجئين وفي القرى. وقالت وزارة الخارجية في بنغلادش إنها تشعر بالقلق من اعتزام الآلاف “من سكان ميانمار غير المسلحين” العبور إلى البلاد التي تستقبل على أرضها حوالي 400 ألف لاجئ من الروهينغا. وبلغت حصيلة المعارك أكثر من مئة قتيل في أحدث موجة من أعمال العنف العرقي التي تشهدها ميانمار منذ الجمعة الماضي، بعد أن هاجم أفراد من “جيش أراكان لإنقاذ الروهينغا” مراكز للشرطة، مسلحين بالسكاكين وبعض البنادق ومتفجرات يدوية الصنع، فقتلوا عشرة منهم على الأقل ما أرغم الآلاف من المدنيين من الروهينغا المسلمين ومن سكان راخين الآخرين على الهرب. وتمثل هذه الهجمات تصعيدا كبيرا في الصراع الذي تشهده المنطقة منذ أكتوبر الماضي بين قوات الجيش وتنظيم “جيش أراكان لإنقاذ الروهينغا”. وتشهد القرى الحدودية بين بنغلادش وميانمار مذّاك معارك عنيفة بين مقاتلين وقوات الأمن، فيما أجبرت الحملات العسكرية التي يشنها الجيش أكثر من 87 ألف شخص على الهروب إلى بنغلادش. وتعيش أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار أوضاعا أشبه بسياسة الفصل العنصري، فهم محرومون من الجنسية ويواجهون قيودا على تحركاتهم. ويعتبرهم الكثير من البوذيين في ميانمار مهاجرين غير شرعيين. ويعتبر مراقبون أن الهجمات الأخيرة تعد بمثابة “نقطة الانفجار” التي وصلت إليها أقلية الروهينغا نتيجة الاضطهاد الطويل الذي عانته طوال السنوات الماضية بتحريض من زعيم المسلحين عطاءالله. ويتزعم عطاءالله جماعة “جيش إنقاذ الروهينغا في أراكان” التي حرضت على هجمات أكتوبر وأعلنت المسؤولية عن الهجمات الأخيرة. وتمثل طريقة التعامل مع حوالي 1.1 مليون من الروهينغا المسلمين في ميانمار التي تقطنها أغلبية بوذية، أكبر تحد لزعيمة البلاد أونج سان سو كي الحائزة على جائزة نوبل للسلام. ويتهم منتقدون غربيون سو كي بأنها لا تحمي الأقلية المسلمة المضطهدة وتدافع عن الهجوم الوحشي الذي شنه الجيش بعد هجمات أكتوبر. وأعلنت ميانمار “جيش أراكان لإنقاذ الروهينغا” تنظيما إرهابيا بعد هجمات الجمعة.
مشاركة :