أصبح دور دول الشرق الأوسط كمنتج قادر على المحافظة على التوازن في أسعار النفط العالمية آخذاً بالتضاؤل في ضوء تعاظم الإنتاج من دول نفطية أخرى. وتشير الأرقام الخاصة بإنتاج واستهلاك النفط لعام 2013 إلى تناقص اعتماد الولايات المتحدة على وارداتها من خامات الشرق الأوسط، في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي، أكبر الاقتصادات العالمية، ارتفاعا كبيرا في معدلات إنتاجه اليومي من النفط الخام. وقالت ميد في تقاريرها الاقتصادية إن إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام وسوائل الغاز قفز في عام 2013 بنسبة 13.5% عما كان عليه في عام 2012 ليصل إلى 10 ملايين برميل يوميا، مسجلا بذلك أعلى زيادة سنوية في إنتاج النفط الخام في تاريخ الولايات المتحدة. ومن المعروف أن هذه الزيادة تمت بفضل زيادة استخراج النفط من مصادره غير التقليدية مثل الغاز الصخري والغاز الثقيل. وظل الاستهلاك الأمريكي من النفط والبالغ 18.9 مليون برميل يوميا أعلى بكثير من معدلات الإنتاج اليومي الحالية المسجلة عام 2013، غير أن واردات البلاد من النفط الخام تراجعت بنسبة 7.5%. وتسود التوقعات بأن يتوالى ارتفاع الطاقة الإنتاجية الأمريكية من النفط ليصل قرابة 15 مليون برميل يوميا بحلول عام 2020، في الوقت الذي سيبدأ فيه الطلب بالانحسار بفضل التحول إلى استخدامات المصادر البديلة للطاقة. وهذا الأمر سيحول الولايات المتحدة إلى مستورد صغير نسبيا للنفط الخام، ولما كان الإنتاج الأمريكي من النفط قد سجل في عام 2013 رقما قياسيا لم يسجله خلال 26 عاما، فإن إنتاج النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تراجع بالمقابل بنسبة 1.6%، حيث تقلص إنتاج النفط من قبل كل من ليبيا وإيران وسورية والسعودية في عام 2013 عما كان عليه في عام 2012. وقالت ميد إن حصة منطقة مينا من الإنتاج النفطي العالمي تقلصت من 37.6% إلى 36.8%، على أنه من المتوقع أن تعود المنطقة إلى تعزيز دورها كمصدر مهم للنفط في السنوات القليلة المقبلة استنادا إلى الطموحات التي يبني عليها العراق آماله بزيادة طاقته الإنتاجية والعودة المحتملة إلى مستويات الإنتاج السابقة لكل من إيران وليبيا. وتعتبر اليابان أكبر الدول المستوردة للنفط من الشرق الأوسط في عام 2013، حيث بلغت وارداتها 3.31 ملايين برميل يوميا، وتلتها الصين بواقع 3.26 ملايين برميل يوميا، ثم الهند بواقع 2.51 مليون برميل يوميا. وتوقع التقرير أن يتم توجيه المزيد من الصادرات النفطية من منطقة مينا إلى دول آسيا في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة تسير نحو الاكتفاء الذاتي بخطوات أسرع، وذلك مصحوبا مع ركود الطلب على النفط من قبل الدول الأوروبية.
مشاركة :