قال مديرون وعاملون في قطاع التأمين، إن تطبيق الضريبة الانتقائية على منتجات التبغ بنسبة 100%، اعتباراً من أول أكتوبر المقبل، سيقلل تكاليف الرعاية الصحية للأمراض المرتبطة بالتدخين بالنسبة للأشخاص الذين قد يقلعون عن التدخين أو يخففون منه نتيجة ارتفاع أسعار التبغ، لافتين إلى أن ذلك سينعكس أيضاً على أسعار وثائق التأمين الصحي. وذكروا لـ«الإمارات اليوم»، أن التدخين مسؤول عن جزء كبير من الأمراض التي تتعلق بالصدر والجهاز التنفسي والقلب، وغيرها من الأمراض التي تكلف الكثير من النفقات على المتعاملين وقطاع الرعاية الصحية. تعويضات التأمين الصحي أظهرت إحصاءات لشركات التأمين في السوق المحلية، أن التعويضات التي دفعتها الشركات لعلاج المؤمن عليهم صحياً بالدولة خلال العام الماضي بلغت 17 مليار درهم، منها 14 مليار درهم تم سدادها فعلياً، فيما تبقت ثلاثة مليارات درهم تحت التسوية. ووفقاً للإحصاءات، بلغ إجمالي حجم الأقساط نحو 19 مليار درهم بفارق ملياري درهم، بينما بلغ إجمالي عدد وثائق التأمين الصحي (فردي وجماعي) أكثر من مليون وثيقة العام الماضي، بنمو نسبته 113%، مقارنة بعام 2015. بدورها، اعتبرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير أصدرته بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التبغ 2017، أن الضرائب تُعد أداة قوية لمكافحة التدخين، مشيرة إلى أن زيادة الضرائب المفروضة على منتجات التبغ وأسعاره هي أقل التدابير استخداماً، رغم أنها أكثرها فاعلية. تقليل الفاتورة وتفصيلاً، قال الرئيس التنفيذي لشركة «يو آي بي» لوساطة التأمين في مركز دبي المالي العالمي، جورج قبان، إن «هناك ارتباطاً وثيقاً بين عادات التدخين ومجموعة من الأمراض التي تصيب المستهلكين بناء على دراسات علمية». وأضاف قبان أن «شركات التأمين عندما تلجأ إلى تسعير وثائق التأمين الصحي للأفراد، فإنها تأخذ بالاعتبار في ما إذا كان المتعامل مدخناً أم لا، وبالتالي ينعكس ذلك على كلفة التغطية التأمينية»، لافتاً إلى أنه «بالنسبة للوثائق الجماعية التي تضم أكثر من فرد فإن شركات التأمين وبناء على دراسات اكتوارية كانت تأخذ نسبة افتراضية من الإجمال على أنهم مدخنون، وبالتالي فهم أكثر عرضة للأمراض المرتبطة بالتدخين». وبين قبان أن «تطبيق الضريبة الانتقائية على منتجات التبغ بنسبة 100%، اعتباراً من أول أكتوبر المقبل، سيساعد قطاع التأمين الصحي في تقليل فاتورة نفقات الأمراض المرتبطة بالتدخين بالنسبة للأشخاص الذين قد يقلعون عن التدخين أو يخففون منه نتيجة زيادة أسعار التبغ»، مشيراً إلى أن «الضريبة الانتقائية تعتمد على فلسفة الحد من آثار المنتجات الضارة، وتستهدف منتجات بعينها». تخفيضات كبيرة من جهته، أفاد المدير التنفيذي لشركة «ماي بارتنرز»، لاستشارات التأمين وإدارة المخاطر، موسى الشواهين، بأنه «في الأسواق الأوروبية والأميركية يحصل المؤمن عليهم غير المدخنين على تخفيضات كبيرة في أسعار التأمين، خصوصاً التأمين على الحياة باعتبار أن الأمراض المرتبطة بالتدخين تسبب الوفاة المبكرة». وذكر الشواهين أن «نسبة المدخنين في منطقة الشرق الأوسط تعتبر مرتفعة، كما أنهم يؤثرون في الأشخاص غير المدخنين الذين يستنشقون الدخان (مدخن سلبي)»، لافتاً إلى أن «التدخين مسؤول عن جزء كبير من الأمراض التي تتعلق بالصدر والجهاز التنفسي والقلب، وغيرها من الأمراض التي تكلف الكثير من النفقات على المتعاملين أنفسهم وشركات التأمين». وأوضح أن «تأثير الضريبة الانتقائية في إقلاع البعض عن التدخين أو خفض عدد السجائر سينعكس على صحتهم، وبالتالي على التكاليف جراء علاج هذه الأمراض، فضلاً عن خفض عدد الزيارات للعيادات الطبية». وأضاف الشواهين، أنه «لا توجد إحصاءات دقيقة عن المدخنين لدى شركات التأمين والتكاليف التي يدفعونها مقابل تأمين شخص مدخن»، مشيراً إلى أن «الشركات عندما تلجأ إلى تسوية مطالبات التأمين الصحي وتدفع الفواتير، فإنها لا تعرف بدقة سبب المرض الذي تطلّب علاج متعامل ما». وأكد أنه «على المراكز الطبية تزويد شركات التأمين بالمزيد من البيانات حتى تعرف شركات التأمين الكلفة التي تدفعها مقابل الأمراض المرتبطة بالتدخين». إجراءات صارمة بدوره، قال مدير تطوير المنتجات في شركة «آر جي إيه» لإعادة التأمين، تامر ساهر، إن «الأمراض الناتجة عن التدخين مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بارتفاع فاتورة النفقات الطبية»، لافتاً إلى أن «التدخين يكلف قطاع الرعاية الصحية الكثير من الأموال سنوياً جراء العلاجات التي يتلقاها الفرد بسبب الأمراض المرتبطة بالتدخين بشكل مباشر وغير مباشر، لاسيما تلك المزمنة منها التي تتطلب ظروف رعاية مكلفة بما في ذلك الأدوية المطلوبة». وذكر ساهر أن «بعض الدول لجأت إلى وضع إجراءات وممارسات صارمة للحد من انتشار ظاهرة التدخين، وتأثير ذلك في الاقتصاد»، مبيناً أن «تراجع عدد المدخنين أو تقليل معدلات التدخين سينعكس على تراجع أسعار التأمين الصحي لهذه الفئة، وتقليل قيمة الفاتورة المرتبطة بالأمراض الناتجة عن التدخين، علاوة على تقليل عدد الزيارات للعيادات والمراكز الطبية». وأشار إلى أنه «من الصعب تحديد نسبة من إجمالي التكاليف المرتبطة بالتدخين، إذ لا تتضمن الفواتير الطبية التي تدفعها الشركة السبب الرئيس للعلاج الذي تلقاه المؤمن عليه»، موضحاً أن «معدلات الوفاة بين المدخنين أعلى مقارنة بغير المدخنين، وبناء على ذلك هناك حسومات كبيرة على أسعار منتجات تأمين الحياة وخطط التقاعد والادخار بالنسبة لغير المدخنين». أداة قوية إلى ذلك، أفادت منظمة الصحة العالمية في تقرير أصدرته بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التبغ 2017، بأن التغلب على التدخين يساعد على وقاية ملايين الأشخاص من الإصابة بالأمراض والوفاة من جراء الأمراض التي يسببها التبغ. وأوضح تقرير المنظمة أن نفايات التبغ تحتوي على أكثر من 7000 مادة كيميائية سمية تؤدي إلى تسمم البيئة، منها المواد التي تصيب الإنسان بمرض السرطان، مشيراً إلى أن أعقاب السجائر تشكل ما بين 30 و40% من مجموع المواد التي تجمع في عمليات التنظيف بالمناطق الساحلية والحضرية. وأضاف التقرير أن انبعاثات دخان التبغ تسهم ايضاً في تلويث البيئة بآلاف الأطنان من المواد التي تصيب الإنسان بالسرطان والمواد السمية والغازات الدفيئة. وأكدت «الصحة العالمية»، أن فرض الضرائب على التبغ يعتبر أداة قوية لمكافحة التدخين، لافتة إلى أن حكومات عديدة تتخذ إجراءات ضد التبغ، بدءاً من حظر الإعلان والتسويق إلى استحداث فكرة التعبئة البسيطة لمنتجات التبغ، فضلاً عن منع التدخين في أماكن العمل والأماكن العامة، لافتة إلى أن زيادة الضرائب المفروضة على التبغ وأسعاره هي أقل التدابير استخداماً، رغم أنها أكثرها فاعلية، من بين التدابير التي تساعد البلدان على تلبية احتياجات التنمية.
مشاركة :