القاهرة: «الخليج»رغم حصول «أصحاب الهمم» في مصر على العديد من الحقوق الأساسية عقب ثورة 25 يناير 2011، والمكاسب العديدة التي ضمنها الدستور الذي أقر عام 2014، ما بين تحديد نسبة من مقاعد مجلس النواب «البرلمان»، إلى تخصيص أخرى 5% من الوظائف، إلا أن الثقافة المجتمعية ما زالت سجينة موروثات قديمة تتعامل معهم بفوقية، وهي نظرة يسعى «أصحاب الهمم» إلى تغييرها من خلال النجاحات التي يحققونها في حياتهم الشخصية، ومشاركة العديد منهم في مغامرات جماعية خطيرة قد تكون شديدة الصعوبة على الأشخاص الأصحاء، ليتحولوا إلى سفراء لأقرانهم، وأصحاب رسالة مضمونها «نحن نستطيع..». في واحدة من أروع السيمفونيات الإنسانية الواقعية عن المثابرة والتحدي، تسلق في مارس/ آذار الماضي نحو 20 من أصحاب الهمم المصريين قمة جبل موسى الشهير بمحافظة جنوب سيناء، والذي يبلغ ارتفاعه 2285 متراً فوق سطح البحر، وبرغم أن الرسالة العامة للمغامرة هي المساهمة في تنشيط السياحة المصرية، ودعوة أمثالهم في العالم لزيارة مصر، إلا أنه ثمة أخرى لا تقل أهمية كانت المحرك الرئيسي للمشاركين في المغامرة الذين يعاني كل منهم من إعاقة مختلفة، وهي «نحن قادرون».. رسالة دفعت مجموعات منهم إلى وضع استراتيجية لتنظيم مغامرات جماعية عديدة، كالغطس ورحلات البالون الطائر، والقفز بالباراشوت «المظلات».يقول مازن حمزة «يعاني من إعاقة حركية» الذي قاد فريق الصعود إلى جبل موسى: إن «رسالة أصحاب الهمم للمجتمع من خلال المغامرات الصعبة، أننا قادرون على النجاح وتحدي الصعاب أياً كانت، وقد وضعنا خططاً لمغامرات عديدة أخرى، وشخصياً أتدرب في الوقت الراهن لصعود قمة جبل سانت كاترين، وهي أعلى قمة جبل في مصر، وسوف يليها صعودي إلى قمة جبل كلمنجارو في تنزانيا بإفريقيا». ويضيف «أقوم بالكثير من المغامرات منذ 5 سنوات بينها تسلق جبال صعبة، كي أقول للعالم والدولة والمجتمع نحن موجودون، ونستطيع أن ننجح، ونسعى إلى تغيير نظرة المجتمع تجاهنا لتصبح أكثر إيجابية، وقد حققنا الكثير في الفترة الماضية على مستوى التشريعات والقوانين والتمثيل السياسي والرعاية الصحية والوظائف، كما أن نظرة المجتمع تغيرت كثيراً تأثراً بالنجاحات التي حققناها».شهرة عالميةساهم أصحاب الهمم في لفت الأنظار إلى قضيتهم، عن طريق النجاحات التي حققوها في مجالات مختلفة، وتحول العديد منهم إلى نجوم ومشاهير تخطت شهرتهم المستوى المحلي والإقليمي إلى الشهرة العالمية، ومن بينهم مثل أعلى لأقرانه، ومحط إعجاب وانبهار المجتمع، وهو الطفل بشار محمد رمضان، عمره 9 سنوات، وأطلقت عليه وسائل الإعلام «الطفل المعجزة»، وبرغم أنه ولد بعيب خلقي في النخاع الشوكي، إلا أنه تحول إلى أسطورة بين الأطفال، فقد حصل على العضوية الشرفية بنقابة المهندسين في السويس تقديراً لابتكاراته العلمية، ويعتبر أصغر عضو في منظمة أنتل المهتمة بالعلوم والتكنولوجيا، كما أنه يعزف الموسيقى ويلقي الشعر، ويعتبر أصغر سباح في محافظة السويس، وحصل على الحزام الأصفر في رياضة الكاراتيه التي يمارسها على كرسيه المتحرك. وقام الطفل المعجزة بتصميم ماكيت لحفر قناة السويس، وبانوراما أكتوبر والمجموعة الشمسية، وشارك في مسابقة عالمية لذكاء الأطفال المبتكرين، وحصل على المركز الأول، حيث تمكن من صناعة روبوت يرفع الكرات الصغيرة من على الأرض، كما ابتكر «مشاية» لذوي الاحتياجات الخاصة تعمل بالريموت كنترول، لمساعدتهم في صعود السلم بسهولة كبديل عن الكرسي المتحرك.سباحة أولمبيةبدأت رحلة التحدي مبكراً بالنسبة للسباحة العالمية رحمة خالد «مصابة بمتلازمة داون»، فقد ولدت عام 1996، وخاضت تدريباتها الرياضية في عمر 8 سنوات، وبينما كان عمرها 13 عاماً بدأت أولى خطوات تألقها الرياضي في أول بطولة لها عام 2009، وتأهلت لتمثيل مصر في بطولة الألعاب الإقليمية التاسعة التي أقيمت في سوريا، وحصلت على أربع ميداليات(2 ذهب 1 فضة و1 برونز).كما حصلت خالد، على المركز الأول في بطولة السباحة للأولمبياد عامي 2010 و2011.. وبطولة الجمهورية عام 2010، وشاركت في مؤتمر الشباب الأول في لبنان، على هامش البطولة الإقليمية العاشرة في 2012 كمتحدث رسمي باسم كل فئات حضور المؤتمر، وتم اختيارها متحدثة رسمية عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤتمر الشباب العالمي الذي عقد في كوريا الجنوبية في يناير/ كانون الثاني2013، وبرغم شهرتها كسباحة عالمية، إلا أنها حصدت العديد من الميداليات في ألعاب ورياضات أخرى منها لعبة التنس. وتقول رحمة خالد، إنها تحلم بالحصول على بطولة العالم في السباحة، وتأمل أن يأتي اليوم الذي تتغير فيه نظرة المجتمع لأصحاب الهمم تماماً.تحدي الخوفيرى أسامة طايع «كفيف» مدرب التنمية البشرية، رئيس جمعية «حقي» لحقوق أصحاب الهمم، أن نظرة المجتمع تجاههم تغيرت كثيراً بشكل إيجابي خلال السنوات الأخيرة، بسبب النجاحات التي حققوها في مجالات مختلفة، وأيضاً بسبب المكاسب السياسية التي ضمنها دستور عام 2014 من تمثيل برلماني ونسبة في الوظائف، وأيضاً إنشاء مجلس قومي لهم.ويضيف طايع: «كنت من بين المجموعة التي نجحت في الوصول إلى قمة جبل موسى، وشاركت في العديد من المغامرات، ليس بهدف المغامرة في حد ذاتها، لكن لإيصال رسالة للمجتمع أننا يمكننا النجاح والقيام بالعديد من الأمور، وأيضاً محاولة إلهام رفاقنا، فقبل أن نتسلق جبل موسى للمرة الأولى كان الجميع يعتقدون أنها مغامرة صعبة، لكن بعد أن نجحنا في ذلك قامت مجموعات عديدة من أصحاب الهمم بتسلقه لأنه أصبح ممكناً، ولدي سبب شخصي يدفعني للمشاركة في مغامرات خطيرة مثل المشي على النار والزجاج والغطس، لهزيمة وتحدي الخوف، وهو أمر يدفعك دائماً إلى الإقبال على الحياة».
مشاركة :