باريس - حذر جان-غي فاتو رئيس بعثة ليبيا في منظمة أطباء بلا حدود من ان الصحراء الليبية تشهد تفشيا لما أطلق عليه صناعة الخطف والتعذيب. وقال اثناء زيارة له لباريس ان الوضع الانساني ازداد تدهورا منذ عام في ليبيا الغارقة في فوضى كبيرة ومعبر المهاجرين الافارقة الساعين للوصول الى اوروبا. وأكد "الوضع ازداد سوء بوضوح منذ عام. وخلال عشرين عاما امضيتها في ساحات الازمات، لم يسبق ان شاهدت ظروفا اسوأ". وواضاف فاتو "نتمكن في منظمة اطباء بلا حدود من نجدة قسم صغير من المساجين في مراكز احتجاز رسمية لكن لم نتمكن حتى الان من الوصول الى مستودعات ضخمة غير رسمية يتم احتجاز المهاجرين فيها في طريقهم الى اوروبا". وتشير شهادات الى ان ظروف العيش فيها أسوأ من مراكز الاحتجاز. وقال "لم نتمكن حتى من التفاوض على كيفية الوصول اليهم لان شبكات المافيا لا مصلحة لها في ادخالنا الى هذه المستودعات. فهؤلاء لا يهتمون بمعاناة المهاجرين ولا يحفلون حتى بموتهم خصوصا وان عملية العبور مدفوعة الثمن مسبقا. وهم لا يولون أدنى اكتراث بهم. لكن هناك نشاط آخر يتفشى في الصحراء الليبية هو الخطف والتعذيب. وهذه الشبكات مختلفة عن شبكات تهريب المهاجرين ويتفق جميع من أفرج عنهم ان المهربين ومن يقبضون الثمن ليسوا الاشخاص ذاتهم. ووأكد الضحايا هم طيف واسع من الفقراء والمهاجرين او العاملين المهاجرين العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم. هناك على سبيل المثال عمال يوميون يتم توظيفهم صباحا في ورشة وعند المساء لا يأتي مشغلهم لنقلهم بل خاطفون وذلك بعد ان باعهم رب العمل. ويستخدم الخاطفون تقنية عرفت في سيناء المصرية’ تخطف شخصا وتعذبه وتخيف أسرته عبر الهاتف حتى تدفع فدية للافراج عنه. والفارق أن الامر في الصحراء الليبية بات قطاعا تجاريا منظما. وبدلا من خطف شخص ثري او ابن طبيب او وزير مثلا لكسب فدية عالية، يخطف الاشد فقرا ومع ان الفدية تتراوح بين الف وثلاثة آلاف دولار "فقط"، غير أن الأمر يتكرر. والبعض يموت اثناء التعذيب اما من يتمكنون من الدفع فيتم رميهم في حالة مزرية وهم يعانون من سوء التغذية او مع آثار ضرب وجروح تثبت فظاعة التعذيب وخصوصا بإحداث حروق. يتم كسر هؤلاء الفتية، حتى لا يعودون يقوون على الكلام. ويصعب تفسير هذه الظاهرة التي يقال في المنطقة أنها ظهرت منذ بداية 2017. ونجمت على الارجح عن استغلال الوضع وسط غياب قوات الامن وعدم توفر الامكانيات لديها للتدخل. وافاد ناتو "هذا لن يردع الباقين اي من يطلق عليهم "المهاجرون الاقتصاديون". وكثيرا ما قالت الدول الاوروبية نحن لا نريدهم. لكن هذا الاعلان لن يغير من الامور". لم يكن هناك مسوغ لفكرة فتح مراكز استقبال في ليبيا سريعا ما تخلت عنها الرئاسة الفرنسية. فهذا البلد لم يوقع اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين وبالتالي فان الدول الاوروبية لا يمكنها الاعتماد على الادارة القائمة. كما ان الاوروبيين ليس لديهم فريق يمثلهم في ليبيا. ولدى الاوروبيين استراتيجية لاحتواء تدفق المهاجرين القادمين من ليبيا. لكن احترام حقوق الانسان مستحيل في الامدين القصير والمتوسط في هذا البلد. وهناك فارق بين ان نقول ان الامور ليست على ما يرام في ليبيا وعدم القيام باي بادرة لاخراج المهاجرين منها، وبين اعادة ارسالهم الى ليبيا. وفي المستوى الاخلاقي والسياسي هذا اشبه بالمرور من وضع الموقف السلبي الى موقف المتواطىء.
مشاركة :