المحاولة المستميتة لتسييس الحج تنتهي بفضيحة للدوحة

  • 8/31/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد:عمار عوض:سقطت ورقة التوت التي كان يتدثّر بها النظام القطري في محاولاته المتكررة لتسييس الحج هذا العام، عندما سعى إلى عرقلة المكرمة التي تقدّم بها خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز. فقد خطط «تنظيم الحمدين» إلى استغلال موسم الحج متوهماً قدرته على اكتساب ورقة سياسية علّها تساعده على التهرب من مطالب الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب؛ الإمارات والسعودية ومصر والبحرين، لكن محاولاته باءت بالفشل وانتهت بفضيحته هو ومرتزقته، عندما تواصل توافد الحجاج القطريين عبر منفذ سلوى الحدودي، تلبية لنداء الحج إلى البيت الحرام، ولم تنجح خطة «الحمدين» من خلال الادعاء بأن السعودية تمنع الحجاج القطريين من زيارة المشاعر المقدسة، وهو ما أظهر للجميع كذبه وبهتانه، مع دخول أكثر من ألف حاج قطري وصلوا إلى مكة بعد دخلوهم الأراضي السعودية من منفذ سلوى البري، بموجب تسهيلات أمر بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.تقول السلطات السعودية إن الأيام التسعة الأولى من فتح معبر سلوى، شهدت رقماً قياسياً لم يسجل في السنوات الثلاث الأخيرة، وهو تطور كشف العزلة التي يعيشها النظام القطري عن شعبه، وهو ما يكشف بجلاء تعثّر محاولات تسييس الحج عندما رفض بحجج واهية، نقل الحجاج القطريين عبر طيران الخطوط الجوية السعودية، حيث لجأ الحجاج إلى دخول المملكة عبر سيارات أو حافلات من الأراضي القطرية، ثم استقبلتهم الجهات السعودية في المنفذ البري.وكانت الخارجية السعودية أوضحت أن الحجاج القطريين «لهم الخيار بالتوجه لمطار الأحساء، أو مطار الدمّام، أو استخدام سياراتهم الخاصة». وتابعت: «تنتظرهم الطائرات المخصصة لنقلهم لمحافظة جدة، وبإمكانهم استقلال سياراتهم الخاصة إلى مداخل مكة»، مشيرة إلى أن الحافلات المجهّزة تنقلهم من مطار الملك عبد العزيز بجدة، ومن مواقف السيارات في مداخل مكة إلى أماكن إقامتهم، بينما أعلن الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، عن أرقام جديدة لمركز «تواصل لخدمة القطريين»، الخاص باستقبال الاستفسارات المتعلقة ببرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين، لاستضافة الحجاج القطريين. وعبّر الشيخ عبدالله، عبر حسابه على «تويتر» عن شكره للمسؤولين السعوديين على تزويده بالأرقام، ووضعها في تصميم مناسب يسهّل تداولها، مثمناً تفانيهم في خدمة حجاج بيت الله.وجاءت قرارات العاهل السعودي بناء على ما رفعه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد استقباله للشيخ عبدالله بن علي بن عبدالله بن قاسم آل ثاني، في قصر السلام بجدة، حيث أكد الأخير للسعودية أن العلاقات مع قطر هي علاقات أخوّة راسخة في جذور التاريخ.وكان الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، انتقد حجب النظام القطري الرقم المخصص لغرفة عمليات خدمة الشعب القطري في السعودية، وتعنّت نظام الدوحة وإصراره على تسييس ملف الحج، في محاولة خبيثة للإضرار بسمعة المملكة العربية السعودية.هذه التطورات تطرح سؤالاً ملحاً مفاده لماذا يمنع «تنظيم الحمدين» القطريين من أداء فريضة الحج؟ وهو السؤال الذي باتت إجابته واضحة، فالحكومة القطرية تحاول إشعال المنطقة بتسييس الشعائر الدينية، وتستغل ركن الإسلام الخامس لتحقيق أغراض سياسية، فطالبت بتدويل إدارة الحرمين كإهانة للأمة الإسلامية، وخلط الدين بالسياسة في أكبر إساءة لمسلمي العالم، كل هذا يخلق علامات استفهام تثير الدهشة والريبة.واليوم قطر تحرم القطريين من أداء ركن من أركان الإسلام، وبالأمس القريب انتقدت الدوحة مساس إيران بالشعائر المقدسة، حيث كانت إيران قد اتخذت قراراً في عام سابق بمنع الإيرانيين من أداء فريضة الحج، وهو النهج الذي انتهجته قطر هذا العام، بما يشير إلى أن تسييس الحج مطلب إيراني بلسان قطري. ففي نفس اليوم الذي رفضت فيه قطر السماح لمواطنيها بالحج، أعادت سفيرها إلى إيران المعادية للعرب، ولم تدرك أن الديار المقدّسة ليست ميداناً للخلافات السياسية.وأثار التصرف القطري المراقبين عرباً وأجانب، وقالت مجلة «نيوزويك» الأمريكية، إن قطر حاولت خوض صراع جديد حول دخول الحجاج القطريين إلى الأماكن المقدسة في مكة والمدينة لأداء شعائر الحج، على الرغم من أن السعودية قدمت تسهيلات كبيرة لاستقبال الحجاج القطريين، وأسقطت كل الذرائع التي تتحجج بها الدوحة.غير أن وصول الحجاج القطريين إلى السعودية كجزء من الخطة البديلة التي بادرت إليها السعودية، يبدو أنه أدى إلى تفاقم التوتر، حيث اتهمت قطر المملكة بتعمّد جعل حجاجها يحصلون على تصاريح للذهاب إلى مكة. وقالت السعودية إن قطر تحاول استخدام الحج للضغط السياسي في منتصف أزمة الخليج الجارية.وأشارت المجلة إلى أن السعودية في تهدئة نادرة للتوتر مع قطر، وافقت على تخفيف القيود على الحجاج القطريين الذين يدخلون البلاد، وكانت المملكة قد اتهمت قطر الشهر الماضي بما يرقى إلى إعلان حرب، بسبب موقفها من الحج ورعاية السعودية لمكة والمدينة؛ المدينتين الأكثر قدسية لدى المسلمين، إلا أن وصول الحجاج القطريين إلى السعودية كجزء من الخطة، بدا أنه يفاقم التوتر، بحسب ما قالت المجلة.وتابعت «نيوزويك» في تقريرها قائلة، إن قطر تزعم أن السعودية تتعمد جعل الأمور صعبة على الحجاج للحصول على تراخيص بالذهاب إلى مكة، على الرغم من أن الخلاف بين الدوحة والرياض بدأ منذ يونيو/حزيران الماضي، إلا أن الحجاج القطريين الذاهبين لمكة والمدينة لم يجدوا أي صعوبة في السفر إليهما، ووفرت لهم المملكة التسهيلات اللازمة. كما روّجت قطر أن حجاجها قد يتعرضون إلى اعتداءات.لقد حاول النظام القطري أن يلعب لعبة لكنها انقلبت عليه، فحين حاول تسييس الحج كان يقتدي بتجربة فاشلة أقدم عليها العام الماضي النظام الإيراني، ولكنه لم يتعظ ولم يعتبر، واختار المغامرة على التعقل. وتؤكد الدوائر السياسية والإعلامية السعودية، أن هناك جوانب كثيرة لتطابق وجه النظام القطري مع نظيره الإيراني؛ إذ تتسق خطوات الدوحة مع مثيلاتها في طهران، وإن اختلفت تلك الخطوات في أدوات وصور التنفيذ، إلا أنها ترمي إلى هدف واحد يتمثل في تسييس الحج، على الرغم من عدم استخدام المملكة على مدى تاريخها، الشعائر الدينية كورقة ضغط على أي دولة وفي أي اتجاه.خطوة الدوحة في تسييس الحج وإن انسجمت جزئياً مع نوايا الجانب الإيراني، إلا أنها تتسق مع نهج طهران في هذا الهدف؛ إذ دعا المرشد الإيراني علي خامنئي، قبل أسابيع، إلى استغلال موسم حج هذا العام لإبداء المواقف السياسية الإيرانية حول صراعها مع الولايات المتحدة في المنطقة، والقضية الفلسطينية وانتهاكات الأقصى. كما دعا خامنئي إلى تنفيذ وصية الخميني مرشد الثورة الأول، التي تنص على أنه لا معنى للحج من دون «البراءة»، ويعني بذلك إجراء مراسم «البراءة» من المشركين من قبل الحجاج الإيرانيين، التي أعلنها الخميني منذ استلامه السلطة عام 1979 كشعيرة من شعائر الحج، والتي يعتبرها فقهاء شيعة مجرد «بدعة خمينية».وحاول النظام القطري استغلال موسم الحج لكسب موقف سياسي في مواجهته مع دول المقاطعة؛ السعودية ومصر والإمارات والبحرين، عبر تسييس الحج، والادعاء بمنع السعودية للحجاج القطريين من زيارة المشاعر المقدسة، وهو ما أظهر للجميع كذبه وبهتانه، مع دخول مئات الحجاج القطريين خلال أيام إلى السعودية.وأدانت دول ومنظمات وعلماء وشخصيات عامة، المحاولات القطرية لتسييس الحج، كما قام كثير من الأكاديميين والمختصين بفضح هذه الادعاءات الباطلة، وقال عدد منهم لصحيفة «الرياض» السعودية، إن الدعوات الباطلة التي تطالب بتسييس الحج، ما هي إلا أصوات نشاز، مشيرين إلى أن الأصوات التي تطالب بتدويل وتسييس الحج، تظهر في كل موسم حج، وهي أصوات شاذة، حيث أثبت التاريخ أنها لا تريد للمسلمين الخير، كما أن تلك الدول لديها كثير من المشكلات الداخلية وتريد تصديرها للخارج.وقال الدكتور محمد آل ناجي، عضو مجلس الشورى السعودي، إن الدور الذي تقوم به السعودية في خدمة حجاج وضيوف بيت الله الحرام كبير، وذلك من خلال تسخير كافة الإمكانات البشرية وتوفير كافة السبل والخدمات لقاصدي بيت الله الحرام، مؤكداً أن الشواهد التي يراها العالم أجمع كثيرة ولا حصر لها، من خلال ما تقوم به المملكة منذ عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه إلى يومنا هذا خدمة لضيوف الرحمن، وذلك ما يعتبر شرفاً للمملكة، ونعتز به، وهي قائمة منذ العقود الماضية ومستمرة.وذكر عضو مجلس الشورى أن من يريد أن يشكّك فيما تقوم به المملكة، سيجد أن الحقائق صادمة وسيرجع مفلس الحجة، مبيناً أن بعض الدول التي تصدر منها هذه الأصوات تحاول تصدير تلك المشكلات، وطرح بعض هذه الشعارات والقضايا، لعلها تخفف عنها الضغوطات التي تواجهها في مجتمعها الداخلي.وأكد الدكتور أحمد الأنصاري، المستشار الأمني والباحث في العلاقات الدولية، أن دور المملكة في خدمة الحجاج يعد رسالة منذ نشأتها وتوحيدها على يد المؤسس الملك عبد العزيز غفر الله له، والمملكة وضعت على عاتقها خدمة ضيوف حجاج بيت الله الحرام، والعناية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، والمشاعر المقدسة.ويأتي ذلك بتوفير أقصى درجات سبل الراحة لحجاج بيت الله وزوّاره، مبيناً أن أهميتها مطلقة جداً بالنسبة للمملكة؛ كونها حاضنة لقبلة المسلمين، والجميع يشهد على ما قامت به المملكة من جهود في خدمة ضيوف بيت الله الحرام، وخدمة المشاعر المقدسة والحاج، والعالم يشهد بذلك.وقال المحلل السياسي الدكتور أحمد بن باز، إن موضوع تدويل وتسييس الحج، خصوصاً أنه يصدر من دولة شقيقة، يعتبر أمراً يدعو إلى الاستغراب، مبيناً أن الإيرانيين كانوا يطالبون بذلك باستحياء، ولكن أن تقوم دولة شقيقة للمملكة بذلك، ولو بمجرد التفكير فيه فهو شيء يبعث على الحزن، ومهما بلغت اختلاف وجهات النظر فلا تصل الأمور إلى تلك الأفعال. وأضاف ابن باز، أن المملكة لا تقبل بذلك، كما لن تقبل به الدول الإسلامية وبقية دول العالم.وتؤكد افتتاحية صحيفة «الرياض» السعودية، أن القيادة القطرية أياً كان المسؤول فيها ترى في تصعيد الأزمة سبيلاً للنجاة، في مؤشر لا لبس فيه على طريقة التفكير العقيمة التي لا تحسب حساباً للعواقب الوخيمة وامتداداتها، وآخر الدلائل على عقم التفكير السياسي في قطر هو لجوؤه إلى تبنّي طروحات عقيمة لا علاقة لها بالتفكير العقلاني، ولا المنطق السليم (تدويل الحرمين الشريفين)؛ أي بمعني تدويل المسؤولية عن الحرمين لتكون الدول الإسلامية هي من تدير الحرمين الشريفين، وذلك الطرح نعرف أنه ليس ناتجاً عن فكر قطري، وحتى لو أنه نتج عنه فنحن لا نستغربه، لكنه طرح إيراني محض تبنّته القيادة القطرية عن قصد. ومن الواضح أن قطر رمت نفسها في الحضن الإيراني، تلوذ به من مأزق هي من أوقعت نفسها فيه، فانطبق عليها القول العربي؛ كالمستجير من الرمضاء بالنار.زيارة ميدانيةعلى الرغم من الجلبة التي حاول «تنظيم الحمدين» إحداثها، تكذب المعطيات كل مزاعمه، فقد حظي الحجاج القطريون بعناية فائقة بمجرد دخولهم الأراضي السعودية، فهم يتمتعون بكافة سبل الراحة وهو ما كشفته تفاصيل زيارة الأمين العام لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة، عبد الله بن مدلج المدلج، الذي زار الحجاج في مخيماتهم بمشعري عرفات ومنى، ووقف على آخر التجهيزات في تلك المخيمات. وأظهرت تلك الزيارة حرص السلطات السعودية على تهيئة جميع الخدمات التي تضمن توافر أجواء روحانية مفعمة بالطمأنينة للحجاج، والمعينة لهم على أداء مناسكهم وعباداتهم بكل يسر وسهولة.وقال الحاج القطري صالح المري، إنه «منذ أن عبر منفذ سلوى الحدودي مع السعودية، وجد كل التسهيلات المقدمة من الحكومة السعودية، سواء من الجانب الأمني في إنهاء الإجراءات، أو من الجانب الحكومي في الإرشاد إلى الطريق». وأضاف المري أنه «خلال عبوره نقاط التفتيش منذ دخوله الأراضي السعودية، حتى وصوله إلى مكة المكرمة، لم يجد إلا الترحيب». وتابع: «مجرد أن يعرف رجال الأمن أنني حاج قطري، تسهّل مهامي».

مشاركة :