ناجي العلي بعد 30 عاماً

  • 8/31/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ما جدوى أن تعيد الشرطة البريطانية فتح التحقيق في قضية اغتيال ناجي العلي بعد مرور 30 عاماً على الجريمة التي وقعت في أحد شوارع لندن في وضح النهار، حيث شوهد القاتل، وفر آخر من مسرح الجريمة. ومع ذلك كما لو «لُفْلِفَ» الموضوع، وأسدل الستار عليه، وأصبح صاحب حنظلة مجرد ذكرى تستعاد من عام إلى آخر، لا، بل، أخذت الذكرى في السنوات الأخيرة شكل النسيان المتدرج، كما لو أن ناجي العلي كان «مزعجاً» في حياته، وفي موته. أمر يبعث على الضحك والسخرية أن يجري التحقيق مجدداً في قضية اغتيال العلي، وقد اندثرت الأدلة، وطويت التفاصيل، وربما مات الشهود.. الشاب المشتبه بأنه أطلق النار على ناجي يوم 22 يوليو/ تموز 1987، كان حينها في الخامسة والعشرين من عمره، أي أنه الآن في الخامسة والخمسين، إذا كان على قيد الحياة، أما الرجل الذي هرب من مكان الجريمة بسيارة مرسيدس رمادية فكان آنذاك في الخمسين من عمره، أي أنه الآن في الثمانين من العمر، ومرة ثانية، هذا إذا كان على قيد الحياة.لماذا انتظرت السلطات الشرطية أو الأمنية البريطانية كل هذه السنوات التي مرت على الجريمة؟ ولماذا لم يبق ملف القضية مفتوحاً إلى أن عرفت كل خيوط حبكة الاغتيال الذي أودى بحياة واحد من أكبر رسامي الكاريكاتير في العالم؟.. ثم مَنْ كان وراء إطفاء ملف القضية ومن المستفيد من ذلك؟ والأهم من هذا له.. أين سلطة القانون في بريطانيا المشهود لها بأرفع الديمقراطيات في العالم؟أسئلة كثيرة أثيرت عند إغلاق ملف اغتيال ناجي العلي، وأسئلة أكثر سوف تُثار عند فتح هذا الملف الذي عمره ثلاثون عاماً، ويصلح أن يكون نواة لعمل روائي درامي بطله رسام كاريكاتير لم يكن مبالياً بالتهديدات التي تلقاها، وأكثر من ذلك لم يكن مبالياً أصلاً ببعض السياسيين وبعض القياديين الذين رسمهم على شكل كائنات لحمية مترهلة تثير الاشمئزاز.يقول الخبر إن وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة البريطانية تسعى للحصول على معلومات جديدة عن رجل كان يحمل سلاحاً، وآخر شوهد يقود سيارة مغادراً موقع الحادث، ومن يقرأ خبراً بهكذا صياغة يظن أن الجريمة وقعت أمس.مع ذلك لا بأس في فتح ملف قضية الاغتيال، فقد يكشف الإرهاب الجديد عن الإرهاب القديم، ومن باب الثأر فقط للضحية قانونياً وقضائياً فإن كل من يحب ناجي العلي يأمل اليوم أن يعرف شيئاً عن قتلة ابن عين الحلوة.. التي أصبحت عيناً مالحة عندما بكت على ابنها القتيل.هل وراء إعادة فتح ملف الاغتيال تسييس ما إذا أردنا قراءة القضية بحيثيات جديدة بعد ثلاثين عاماً على جريمة أريد لها أن تكون غامضة؟ثم مَنْ له مصلحة في التسييس إذا صدقت فرضية كهذه.. بعد كل هذه السنوات من «النسيان»؟يستحق ناجي العلي أن تطال العدالة رأس قاتله حتى ولو بعد مائة عام.. ولو على نحو معنوي.. غير أن إعادة التحقيقات في حد ذاتها إجراء مفاجئ نأمل أن تكون نتائجه مفاجئة أيضاً.يوسف أبولوزy.abulouz@gmail.com

مشاركة :