حسين معلوملم تتوقف الاتهامات لدولة قطر، بتمويل الإرهاب ودعم التنظيمات المتطرفة والإرهابية، عند حدود الدول العربية الداعية لمحاربة الإرهاب، لكن هذه الاتهامات امتدت من منطقة الساحل الإفريقي إلى منطقة الجنوب الآسيوي، لتؤكد أيضاً أن قطر تمول الإرهاب من خلال عدد من الجمعيات الخيرية، وتحت ستار العمل الإنساني. فقد اتهمت الهند، خلال الأيام الأخيرة، قطر بضلوعها في الأعمال الإرهابية داخل أراضيها، معتبرة الدوحة ممولًا رئيسيًا للإرهاب، والملاحظ، أن وكالة التحقيق الوطنية الهندية، ذكرت أن قطر استخدمت أموالًا تحت مسمى الأعمال الخيرية، من أجل دعم وكالات على صلة بجماعات إرهابية، في منطقة مالابار جنوبي الهند. وقد نقل موقع «ماثروبهومي» عن وكالة التحقيق قولها: إن مرتكبي الهجمات الإرهابية في حيدر آباد وبنغالور تلقوا مساعدات مالية من جمعية في ولاية كيرال، وهي الولاية السياحية، التي وجد فيها تنظيم داعش الإرهابي- بحسب صحيفة جارديان البريطانية- «أرضًا خصبة» لتجنيد المقاتلين. وذكر الموقع الهندي، نقلًا عن نتائج التحقيق، أن أغلب المنظمات غير الحكومية، التي تلقت المساعدات والأموال، هي منظمات وهمية موجودة على الورق فقط. ودفع الغطاء المزيف الذي تستخدمه قطر- والكلام لا يزال للموقع الهندي- السلطات إلى إجراء تحقيق بشأن تمويل العديد من التنظيمات الإرهابية على الأراضي الهندية.وإن كانت الهند هي المثال الأحدث على اتهام قطر بتمويل الإرهاب ودعم التنظيمات المتطرفة والإرهابية، لكن الأمثلة كثيرة، ومتعددة، على السلوك القطري في التغطية على التمويل والدعم لهذه التنظيمات، عبر العمل الإنساني والجمعيات الخيرية. إذ تتهم تقارير غربية، وعربية، عدة منظمات حقوقية، وجمعيات خيرية، تمولها الدوحة بالقيام بهذا الدور.من بين تلك المنظمات: منظمة الكرامة، التي تمولها قطر، ومقرها الرئيسي في جنيف، حيث تُتهم المنظمة برعاية ودعم الإرهاب على المستوى العالمي. ورغم وقف تسجيلها في الأمم المتحدة (عام 2011)، لاتهامها بتمويل تنظيم القاعدة، إلا أنها لاتزال تعمل بتمويل قطري. وقد أدرج تقرير وزارة الخزانة الأمريكية (عام 2013)، رئيس منظمة الكرامة، عبدالرحمن النعيمي، على لائحة الإرهاب.أما مؤسسة دعم الديمقراطية الأمريكية، فنشرت تقريرًا في واشنطن، عنوانه «قطر وتمويل الإرهاب»، أشارت فيه إلى أن قيادات في القاعدة تلقوا دعمًا من مانحين قطريين أو مقيمين في الدوحة، ومن بين الأسماء البارزة في التقرير عبدالعزيز بن خليفة العطية، وهو ابن عم وزير الخارجية القطري السابق، وقد سبق أن أُدين في محكمة لبنانية بتمويل تنظيمات إرهابية، وبأنه على صلة بتنظيم القاعدة.من بين تلك المنظمات، المصنفة داعمة للإرهاب، تبرز، أيضاً، قطر الخيرية التي تعد مثالًا نموذجيًا لدعم الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في دول مختلفة، منذ بداية الإعلان عن تنظيم القاعدة وحتى الآن. وكانت «جمعية قطر الخيرية» قد غيّرت اسمها إلى «قطر الخيرية»، بعد انكشاف تورطها في تمويل عمليات إرهابية لتنظيم القاعدة، وغيره، وبعد أن ورد اسمها في كثير من القضايا الجنائية المتعلقة بالإرهاب في الولايات المتحدة الأمريكية.والواقع، أن قطر الخيرية هي واحدة من أكبر الهيئات غير الحكومية، حيث تأسست في أوائل التسعينيات، وقد قدمت المؤسسة مساعدات مالية للتنظيمات الإرهابية في اليمن، لاسيما تنظيم القاعدة، إضافة إلى معالجة ونقل الجرحى إلى الدوحة لتلقي العلاج، وكذلك، دعم وتمويل الأنشطة السياسية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في عدد من المحافظات اليمنية. وتذكر بعض التقارير أن المؤسسة قدمت دعمًا بما يُقارب نصف مليار دولار خلال العام الماضي فقط.ويصل عدد الجمعيات التي تمولها قطر، تحت غطاء العمل الخيري إلى اثنتي عشرة منظمة ومؤسسة وجمعية، تستخدمها قطر ك«أذرع» مالية في تمويل ودعم التنظيمات الإرهابية. وقد نشرت مجلة «فورين بوليسي»، منذ أكثر من ثلاث سنوات (فبراير 2014)، تقريرًا مطولًا عن تلك الجمعيات، في دراسة بعنوان «منظمات غير خيرية»، ألقت فيها الضوء على تمويلها لتنظيمات إرهابية، من أنصار الشريعة في تونس، إلى الجبهة الإسلامية في سوريا، التي تضم تحت لوائها عددًا من التنظيمات المُصنفة إرهابية.وكشفت عدة تقارير نشرت مؤخرًا في بعض الصحف الأوروبية والأمريكية، من بينها، صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، التي نشرت تقريرًا في 22 إبريل الماضي، تحت عنوان: «الوجه المزدوج لقطر.. الحليف المريب في الشرق الأوسط»، وأسبوعية «لوكنار أنشينه» الفرنسية، التي نشرت مقالًا بعنوان: «صديقتنا قطر تمول الإسلاميين في شمال مالي»، في يونيو 2012، ونقلت عن مصادر استخباراتية فرنسية أن: «أمير قطر منح مساعدات مالية للجماعات الإرهابية المسلحة شمالي مالي»، دون أن تذكر إجمالي قيمة هذه المساعدات.وكشفت هذه التقارير عن المساعدات الإنسانية التي أرسلتها قطر لعدد من الدول الإفريقية، من خلال المؤسسات الخيرية، التابعة للدوحة. وحصل السودان وغانا ومالي، والصومال، على نصيب الأسد من هذه الأموال القطرية، تحت ستار دعم قطاعات الصحة والتعليم وغيرها، وفي هذا الإطار، تبرهن التجارب أن قطر اعتادت التحايل على فقر الدول، وتعمل على إغرائها بالمال والمساعدات، تحت ستار العمل الخيري والمساعدات الإنسانية، إلا أن الجزء الأكبر من هذه الأموال يتجه فعلياً إلى دعم وتمويل تنظيمات بعينها ماليًا وعسكريًا.كاتب وباحث مصري
مشاركة :