تحقيق: راندا جرجستعد حاسة السمع من أهم الحواس الرئيسية في جسم الإنسان، والأذن العضو الذي يستخدم لاستشعار الصوت، وتنقسم الأذن إلى ثلاثة أجزاء، هي: الأذن الخارجية، وتتضمن صوان الأذن وقناة السمع الخارجية، الأذن الوسطى، التي تحوي طبلة الأذن والعظيمات الثلاث وهي على التوالي المطرقة والسندان والركاب، والأذن الداخلية، وتشمل القوقعة والنافذة البيضاوية والجهاز الدهليزي، ولذلك عند حدوث ضرر أو خلل في الأجزاء السمعية، يؤثر سلباً على حياة المصاب، وخاصة غير القابل للشفاء بالطرق العادية، وفي السطور القادمة سنتعرف على أحد أبرز العلاجات الواعدة للمصابين بنقص سمع استقبالي شديد إلى عميق من أطفال وكبار.يقول الدكتور روهيت جولاتي، مختص جراحة الأنف والأذن والحنجرة، إن قوقعة الأذن، عبارة عن جهاز على درجة عالية من التقنية الطبية والإلكترونية، صمم لتجاوز الجزء التالف، والمختص بالسمع في القوقعة الطبيعية بالأذن الداخلية للمريض، وبالتالي ترسل إشارات كهربائية مباشرة للعصب السمعي، ومن ثم إلى الدماغ، وتتكون قوقعة الأذن الإلكترونية من جزأين وهما:} الجزء الأول، وهو جزء داخلي يتم زراعته أثناء العملية بعمل ثقب في عظم الجمجمة، ومد الأقطاب داخل قوقعة الأذن الطبيعية للحالة، ويتم تثبيتها بعظمة الأذن، ويتم ترميم الثقب في الجمجمة بنفس العظام المتطايرة أثناء الثقب، لضمان عدم حدوث تلوث وعدم استخدام مواد يرفضها الجسم.} الجزء الثاني، وهو جزء خارجي يتم تركيبه بعد 4 أسابيع من العملية، ويتكون من قطعتين، الأولى جهاز يعمل على تحليل الأصوات، وضبط صورتها، ووضعها في صورة الإشارة المناسبة لإرسالها عن طريق الجزء الداخلي المزروع للمخ، وهو يشبه بصورة مطابقة سماعة الأذن الخارجية العادية، مع العلم أنه أكبر حجماً وأثقل وزناً، والقطعة الثانية هي جهاز يلصق بمغناطيس في المكان المقابل للجزء المزروع داخل الدماغ، ويعمل على نقل الإشارة من الجزء الخارجي الأساسي إلى الجزء المزروع داخل الدماغ عن طريق موجات FM ويصل بين القطعتين سلك.إرشادات تحذيريةويشير د. جولاتي إلى ضرورة أن ينتبه الأهل لسمع الطفل منذ الولادة، ولا بد من إجراء تقييم سمع المواليد، لاكتشاف حالات فقدان السمع مبكراً، حيث إنه الأساس لتنمية مواهب الطفل السمعية والإدراكية والنطق، وفي حالة التأكد من أن الطفل يعاني من مشكلة في السمع، فإن زراعة القوقعة تعطي نتائج قوية في الحالات المنتقاة بشكل جيد، وبعد التأهيل المكثف، كما أنها تقوم بتحويل الطفل المعاق سمعياً إلى طفل منتج وليس عالة على المجتمع، ويفضل أن تجري عملية زراعة القوقعة قبل سن الخامسة، حيث إن زراعة القوقعة صممت فقط للأشخاص الذين لا تجدي معهم مساعدات السمع العادية (سماعات الأذن الطبية)، لذا يجب التأكد من تجربة أكثر من سماعة أذن طبية لدى المراكز المتخصصة قبل الشروع في خيار زراعة القوقعة، وخاصة في حالة الأطفال الذين أصيبوا بالصمم منذ الولادة، والبالغين الذين فقدوا السمع بعد اكتساب اللغة، إلا إذا كان الصمم بسبب التهاب السحايا منذ الطفولة، فيتم اتخاذ القرار في سن مبكرة. مراحل وأهدافويفيد د. جولاتي أن الطفل يمر بمراحل تقييم، تبدأ بالتشخيص للحالة ومعرفة مستوى ونوع ضعف وشدة السمع، ثم يحتاج الطفل بعد ذلك إلى استخدام سماعتين خلف الأذن، وبعد ذلك يقيم الطفل قبل وبعد لبس السماعة من قبل اختصاصي السمع والتخاطب، وتسمى هذه المرحلة بما قبل الزراعة، والتي يمكن أن تمتد إلى ستة أشهر، ثم يتم توجيه الطفل إلى برنامج زراعة القوقعة إذا تبين خلال هذه الفترة عدم وجود أي فائدة من السماعات، وتتضمن أهداف عملية زراعة قوقعة الأذن الآتي:} استعادة حاسة السمع، والقدرة على الكلام للأطفال والكبار الذين أصيبوا بضعف سمعي حسي شديد إلى كامل.} تحسين سماع الأصوات اليومية المحيطة بالمريض.} تحسين القدرة على التمييز بين هذه الأصوات.} تحسين فهم الكلام الموجه للمريض.} تحسين نمو لغة الطفل وكلامه.} تحسين المهارات الاجتماعية والدراسية.} أن يلتحق الطفل بعد زراعة القوقعة الإلكترونية وإتمام فترة التأهيل بالمدارس العادية، بشرط ألا يكون لديه أي إعاقة أخرى تمنعه من ذلك.} أن تكون القوقعة المزروعة قابلة للتطور، وكفاءة إعادة برمجتها.عوامل نجاح الجراحة} ويذكر د. جولاتي أن القوقعة الإلكترونية تعتبر الحل الأخير بعد التأكد من عدم مناسبة أي من سماعات الأذن العادية للمرضى المصابين بضعف سمعي حسي شديد إلى كامل والذين لم يستفيدوا من السماعات العادية بأي صورة، لذا وجب علينا أن نحتاط جيداً في عملية اختيار السماعة المناسبة لتجربتها، والتأكد من اختصاصي السماعات الطبية من حسن برمجتها وتشغيلها، حتى لا نفقد ما من الممكن أن نستفيد منه بدون الحاجة لعملية الزراعة، وما يترتب عليها من عدم إمكانية العودة لهذه الرحلة لاحقاً، ويتم تشغيل جهاز القوقعة الإلكترونية من قبل اختصاصي السمع بعد فترة تتراوح ما بين 4-6 أسابيع، ويتم ترتيب جلسات، هدفها تدريب الطفل والعائلة على الاستفادة من الفائدة القصوى من القوقعة، مع اختصاصي السمع والتخاطب، ومن العوامل التي تتحكم في نجاح العملية:} العمر، حيث إنه يستحسن أن تتم الزراعة بعمر مبكر، اعتباراً من عمر السنة وقبل البدء بالنطق، ليستطيع الطفل سماع الأصوات وتعلم النطق في سن مبكرة، حيث ثبت أن الأطفال بين عمر سنة إلى خمس سنوات، هم أكثر استفادة من جهاز قوقعة الأذن الإلكترونية، وخاصة بعد إعطائهم برنامج تأهيل مركز بعد العملية.} يتم إجراء العملية للكبار عند فقد السمع الكلي، أو الشديد، الذي يحدث في أعمار غير الطفولة، حيث يكونون تعلموا النطق مسبقاً، وتوجد لديهم ذاكرة لمفهوم الكلمات، وتمنع زراعة القوقعة للأشخاص الكبار، الذين فقدوا السمع منذ الصغر، أو ليس لديهم نطق أو كلام مفهوم، لأن الفائدة ستكون معدومة.} مقدار فقدان السمع، في حالات ضعف السمع الشديد تكون النتائج أفضل من حالات فقدان السمع الكلي.} القدرة على استيعاب الكلام قبل فقدان السمع، حيث إنه يقلل من فترة التأهيل اللازمة، ويعطي نتائج قوية، وخير مثال في حالات الأطفال الذين يفقدون سمعهم بعد عمر الأربع سنوات، والكبار بسبب التهاب السحايا أوالتهابات الأذن الداخلية الفيروسية.} استخدام السماعة العادية، لأن الطفل الذي اعتاد على السماعة العادية يستطيع التأقلم مع القوقعة الإلكترونية بسهولة أكبر من الطفل الذي لم يجرب السماعة من قبل.} فترة فقدان السمع، فكلما قلت فترة فقدان السمع، فإن الفائدة من زراعة القوقعة تكون أكبر.زراعة الحلزونويوضح الدكتور كامل سمير ضاي، مختص جراحة الأنف والأذن والحنجرة، أن الصمم يُعرف من الناحية الوظيفية، بأنه فقدان السمع الذي يعيق صاحبه من فهم اللغة المنطوقة حتى باستخدام المعينات السمعية، ومن ثم يتعطل أو ينعدم نمو هذه اللغة لديه فلا يستطيع التواصل والتفاعل مع أسرته وأقرانه والعالم من حوله، ولم يتم بعد الاتفاق على العمر المثالي لعملية الزرع عند الأطفال إلا أنه يجري بين عمر السنة إلى 6 سنوات في معظم الحالات، وكلما كان الطفل صغيراً عند الزرع، تقلص تأخر تطور الكلام واللغة عنده شرط أن يخضع للعلاج والتربية المناسبين بعد العملية، أما عند البالغين فلا يوجد حد أعلى للعمر المناسب لعملية الزرع، فقد أظهرت عدة دراسات أن الأشخاص فوق سن الـ 65 يمكن أن يحصلوا على نتائج ممتازة ويكتسبوا فوائد قيمة على صعيد التواصل مع الآخرين والتنبه إلى محيطهم، وتتركز الجهود الطبية على استعادة ما يمكن استعادته من الوظيفة السمعية المفقودة، ومن ثم استعادة القدرة على الكلام واكتساب اللغة المنطوقة، وتعد عمليات زراعة الحلزون من أحدث هذه المحاولات الطبية.ويستكمل: إن عملية زراعة القوقعة، ليست بديلاً عن السماعة الطبية بل هي مصممة لمن لا يمكنه الاستفادة منها فهي مخصصة للأطفال والكبار الذين يعانون من نقص سمع حسي عصبي شديد إلى عميق في الأذنين معاً أو صعوبة بالغة في فهم الكلام، وأكثر المرشحين للاستفادة من هذه العملية هو من أصيب بالصمم بعد أن يكون قد تعلم اللغة المنطوقة ولم تعد المعينات السمعية التقليدية تقدم له أي فائدة تذكر، كذلك يمكن زراعة الحلزون لدى الأطفال المصابين بالصمم الولادي والذين لم يكتسبوا اللغة المنطوقة مع فوائد أقل، وهناك بعض الشروط الواجب توفرها قبل زراعة القوقعة وهي:} أن يعاني الطفل من ضعف سمع حسي عصبي شديد أو عميق بالأذنين كلتيهما.} يفضل ألا يتجاوز عمر الطفل الخمس سنوات عند الزراعة.} ألا يكون هناك استفادة من السماعات الطبية التقليدية بعد استخدامها بشكل متواصل لمدة لا تقل عن 3-6 أشهر.} أن يكون ذكاء الطفل طبيعياً.} سلامة العصب السمعي.} عدم وجود معيقات طبية أو جراحية تمنع عملية زراعة القوقعة.} وجود مراكز تأهيل سمعي ولغوي.خطوات زراعة الحلزونويذكر د. ضاي أن عملية زراعة الحلزون هي زراعة جهاز إلكتروني في الأذن الداخلية ليساعد على السمع، وهي مخصصة للفئة من الأشخاص المصابين بضعف السمع الحسي العصبي (الشديد أو العميق)، والذين لا يستطيعون الاستفادة من المعينات السمعية الاعتيادية كالسماعات، وتشتمل مراحل عملية زراعة المعين السمعي على:} قبل عملية الزراعة يقوم فريق جهاز زراعة القوقعة الذي يتضمن اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة واختصاصي تقويم السمع بتقييم يسبق الزراعة يشمل الفحص السريري والتقييم بالأشعة الطبقية المحورية والرنين المغناطيسي وتقييم السمع والكشف النفسي.} حلاقة الشعر وتعقيم الجلد حول الأذن تحضيراً للعملية.} يتم عمل شق جراحي بطول 5 سنتيمترات خلف الأذن للوصول للأذن الوسطى من خلال حفر عظم الخشاء بالاستعانة بمجهر جراحي خاص عالي الدقة.} تثبيت الجزء المستقبل أو المحفز في نقرة يتم عملها بالعظم.} عمل فتحة في قوقعة الأذن من خلال فتحة بالعظمة الخشائية لزرع سلك بطول 52 مليمترا تقريبا إلى داخل الحلزون ويضم عدداً من الإلكترودات لتوصيل النبضات الكهربائية لتنبيه نهايات العصب السمعي الموجودة في الحلزون. يتصل السلك بمستقبل يثبت مباشرة فوق العظم الواقع خلف الأذن ثم يغطى الجلد ويأخذ هذا المستقبل بالتقاط الموجات الواردة إليه عبر الجلد من مرسل خاص يثبت فوقه.} اختبار الجهاز ثم إغلاق الجرح.} بعـــــد شفاء الجرح لاحقاً، يقــــــوم مختص الســـمعيات بتركيب الأجـــــزاء الخـــارجـــــية لجـــــهاز القوقعـــة وبرمــجــــة معالـــج الكــــلام.نسبة الشفاءويشير د. ضاي إلى أن عملية زراعة القوقعة ناجحة بكل المقاييس إذا تم اختيار المريض المناسب وتم تأهيله بشكل جيد، لكن كلما تأخر العلاج كانت النتائج أقل، ومن الصعب التنبؤ تماماً بمدى نسبة الاستفادة والشفاء بعد زراعة الحلزون حيث يبدي بعض الأطفال المجرى لهم زراعة الحلزون تحسناً جزئياً في قراءة الشفاه وتمييز الكلام والضوضاء وتزداد قدرتهم على نطق الكلمات وينبغي التأكيد على أن الفوائد التي تتحقق من زراعة الحلزون تختلف من فرد إلى آخر وفق عوامل عديدة، ويضيف: ربما يبدو الصوت المسموع عبر جهاز زراعة القوقعة غير طبيعي في البداية ولكن الأصوات تصبح مألوفة مع الوقت وتمتد عملية التكيف من أسابيع إلى سنوات، غالباً ما يستطيع البالغون الذين لم يعانوا من نقص السمع لفترة طويلة فهم الكلام بسرعة، أما الذين لم يسمعوا من قبل فهم بحاجة لمدة أطول للتكيف مع الأصوات الجديدة، ولكن من المؤكد أن المرضى الذين أجريت لهم عملية زراعة القوقعة، يتمتعون بالآتي:} يسمعون بشكل أفضل بالمقارنة مع المعينة السمعية التقليدية. } يمكنهم التركيز بشكل أفضل في الأماكن الصاخبة.} يمكنهم التحدث مع الآخرين في الاجتماعات والأماكن المزدحمة. } يشعرون بالأمان في المجتمع لأنهم يسمعون التحذيرات والناس والمركبات التي تقترب منهم.} يتحدثون عبر الهاتف.} يستمتعون بسماع الموسيقى. التأهيل بعد الجراحة تعتبر هذه المرحلة في غاية الأهمية، حيث إن عدم التزام الأهل بالتأهيل سيؤدي إلى فشل عملية زراعة القوقعة، فإن 80% من نسبة نجاح زراعة القوقعة يعتمد على التأهيل السمعي للطفل بعد العملية، وتستمر مدة التأهيل حوالى أربع سنوات، يتم فيها تدريب الطفل على كيفية سماع الأصوات ودلالاتها وكيفية النطق، كما يجب مراعاة بعض الاحتياطات اليومية للمحافظة على جهاز القوقعة، مثل:} حفظ الأجزاء الخارجية للجهاز بعيدة عن الماء، ويمكن للطفل الاستحمام بعد نزع الجزء الخارجي من الجهاز.} تجنب تعريض أجزاء الجهاز للكهرباء الساكنة، مثل الشحنات التي تتولد عند لمس شاشة التلفزيون أو عند لبس الملابس.} يمكن لمستخدمي القوقعة الاستمرار في المشاركة في معظم النشاطات اليومية، ولكن ينصح بتجنب بعض الرياضات العنيفة التي تسبب ضربة قوية للرأس مثل الملاكمة.
مشاركة :