في الحلقة السابقة، قدمت أمينة رزق أولى تجاربها مع السينما الناطقة، وأشاد النقاد بالفيلم الذي حمل اسم «أولاد الذوات»، ما عوض فشل تجربتها الأولى مع الفيلم الصامت «سعاد الغجرية»، الذي بسببه هاجمتها روز اليوسف، بينما أضحت أمينة الفنانة الأعلى أجراً في تاريخ فرقة «رمسيس»، لصاحبها يوسف بك وهبي، وواصلت معه تقديم مزيد من العروض على خشبة المسرح... وفي السطور التالية نلقي الضوء على فصل جديد من حياة راهبة الفن. واصلت أمينة رزق التعاون السينمائي، بجانب المسرحي، مع يوسف وهبي، فقدما معاً فيلم «الدفاع»، الذي حقق نجاحا كبيرا، ودفع نجاحه يوسف وهبي للسفر إلى أوروبا للتعرف على التقنيات الحديثة التي تستخدم في الأستوديوهات، تمهيداً لمحاولة الاتفاق على شراء بعض منها لأستوديو رمسيس، فعلم أحمد سالم أول مدير لـ«أستوديو مصر» بتوقف بروفات فرقة مسرح «رمسيس»، واتصل بأمينة رزق وزارها في منزلها، لعرض دور سينمائي عليها في فيلم «لاشين»، الذي كان يستعد «استوديو مصر» لإنتاجه أواخر عام 1935. سرد سالم لأمينة قصة الفيلم ووعدها بإنتاج ضخم يليق بالفيلم، وبفنيين ومخرج أجنبي يمكنهم تنفيذه بتقنيات عالمية، لكنها ترددت في الرد عليه، خاصة أنها لم تستأذن يوسف وهبي الذي كان يفترض أن يعود بعد 10 أيام، فطلبت مهلة أياماً للرد، ووعدها سالم بزيارتها مُجدداً نهاية الأسبوع. قرأت أمينة سيناريو الفيلم وتحمست له بشدة، رأت فيه العمل الذي ترغب في تقديمه، والدور المختلف الذي سيسجل في مسيرتها الفنية، وفي موعد الزيارة استشف سالم من حديثها قلقها من العمل خارج فرقة رمسيس، فقرر أن يطرق على الجرح قائلاً: • أنت خايفة الفيلم يعطلك عن فرقة رمسيس والا من أستاذ يوسف؟ - مش خوف، لكن الفيلم ممكن يتطلب السفر لمنطقة صحراوية، وغياب أيام عن المسرح. • ما تقلقيش يا أمينة، إحنا هانراعي مواعيدك، بس انت وافقي وامضي العقد، أنا جايبه معايا. - بس (لكن) يا أستاذ.. • مفيش بس، هو أنا لازم أروح أجيب موافقة يوسف وهبي يعني. - لا يا أستاذ أحمد... هات العقد. وقعت أمينة العقد، وكانت تشعر بسعادة كبيرة، فرغم أن الفيلم لم يكن تم الاستقرار على باقي فريق عمله أو موعد تصويره، إلا أنها كانت متفائلة بأنها ستخطو خطوة كبيرة تضيف لها فنياً، بينما تضمن العقد شرطاً جزائياً قيمته مائتا جنيه، وهو مبلغ كبير آنذاك ويعادل نحو 7 أضعاف الأجر الذي اتفقت عليه. غضب يوسف بك عندما عاد يوسف وهبي من الخارج علم بتوقيعها عقد الفيلم، فغضب بشدة، وبينما دخلت أمينة للترحيب بعودته من الخارج سارع بتعنيفها قائلاً: - يا أمينة، أنت بنت مسرح رمسيس وملك له، وإذا رغبت في العمل خارجه عليك تركه نهائياً، لأن المكانة التي وصلت لها هناك كثير يتمنوها. • لكن يا أستاذ يوسف... - انت عملتي غلطة كبيرة قوي يا أمينة، وأحمد سالم كان لازم يستأذني، إحنا فرقة كبيرة ولينا قواعد الناس كلها عارفاها. • أنا آسفة يا أستاذ وهاخليه يكلم حضرتك. خرجت أمينة من بروفة المسرحية متوجهة إلى ستوديو مصر للقاء أحمد سالم، الذي رفض بحزم طلبها أن يقوم باستئذان يوسف وهبي لإشراكها في الفيلم، لأنه لا يطلبها بصفتها عضوة في الفرقة، بل لأنها ممثلة جيدة، فما كان من أمينة إلا أن طلبت فسخ تعاقد الفيلم بالتراضي، فرفض سالم أيضا مطالباً إياها بسداد قيمة الشرط الجزائي. لم تكن أمينة تملك أموالا لسداد الشرط الجزائي، فعادت ليوسف وهبي، وسألته كيف يمكن أن تتصرف في هذا المأزق، وكانت المرة الأولى التي يتخلى عنها، وطلب منها أن تحل المشكلة بنفسها دون تدخله، مثلما وقعت التعاقد دون الرجوع إليه، فأخرجت أمينة مبلغ 100 جنيه، وهو كل ما تمكنت من ادخاره في مسيرتها الفنية وذهبت إلى ستوديو مصر. مواقف صعبة وطريفة على خشبة المسرح خلال فترة عمل أمينة رزق على المسرح، تعرضت للعديد من المواقف الصعبة التي لعبت سرعة البديهة دورا كبيرا في التغلب عليها، فتذكر أنه خلال تقديمها إحدى المسرحيات مع الفرقة القومية، كان يفترض أن يدخل زميل لها بمجرد الانتهاء من مونولوج طويل، وعندما انتهت من حديثها لم يدخل الممثل، وظلت تبحث عنه بأعينها، لكنها لم تعثر عليه، فما كان منها إلا أن كررت المونولوج مرة أخرى، وكأنه مكتوب هكذا في المسرحية. انتهت أمينة من المونولوج للمرة الثانية، فوجدت الممثل الشاب دخل عليها، وبدأ في إلقاء دوره، وبعد العرض اكتشفت أنه نام قرب خشبة المسرح ولم ينتبه إلى توقيت دخوله، وأن مدير المسرح هو الذي أيقظه، عندما بدأت في تكرار المونولوج، فما كان من مخرج العرض إلا الاستغناء عنه والاستعانة بممثل آخر. وتعرضت لموقف آخر طريف، عندما كان يفترض أن تشارك بمشهدين فقط في إحدى المسرحيات، وتزوجت إحدى زميلاتها في الفرقة، وكانت العروض في مدينة المنصورة، فلم يجد المخرج غيرها ليسند لها الدور على عجل، وتقوم أمينة بالاستعداد له وتقديمه بعد 8 ساعات فقط، فزميلتها التي تزوجت قالت إن زوجها لا يرغب في أن تقف على المسرح مجدداً، ما جعل فريق العمل في ورطة لم تحلها سوى أمينة التي اتفقت مع الملقن على إسعافها بالنص، مع رفع الستار، خاصة أنها ذاكرت الدور، لكنها لم تحفظه كاملاً. مر الفصل الأول دون مشاكل، لكن المفاجأة أن الملقن في الفصل الثاني تعرض لاحتباس في صوته، ولم يكن قادراً على تلقينها، فتلعثمت قليلاً، وكان المشهد لها كزوجة تشك في خيانة زوجها لها، فقررت أن تلجأ لحيلة تنقذها، فعدلت النص وقالت لزميلها إنها ستخرج لتأتي له بدليل خيانته لها، فخرجت لتبلغ مدير المسرح، الذي أدرك ما حدث، فتوجه إلى مكان الملقن وبدأ في تلقينها بدلاً منه، ليمر الموقف على خير وتحفظ دورها في اليوم التالي. •أنا مش هقدر أعمل الفيلم يا أستاذ أحمد، والشرط الجزائي أنا أقدر أدفع نصفه، ولو سمحت وافق على تقسيط النصف الآخر. - لكن دي فرصة كويسة ليكي يا أمينة. •مش هاينفع أعمل الفيلم ويوسف بك معترض. - خلاص، طالما انت شايفة كده، إحنا هنفسخ التعاقد بالتراضي ومش عاوزين قيمة الشرط الجزائي، ويارب نتعاون تاني قريب، أنت ممثلة شاطرة وهيكون ليكي مستقبل هايل. خرجت أمينة من ستوديو مصر، وهي في غاية السعادة مما حدث، فلم تخسر تحويشة عمرها، كما أن اعتذارها عن عدم تقديم الفيلم سيجعل يوسف وهبي لا يشعر بالضيق منها، وأبلغته فور عودتها للمسرح في المساء بما حدث، فلم يبد اهتماماً بما قالته أمينة التي لم تكن تتعامل كنجمة مع أستاذها، بل تلميذة في محراب علمه الذي لم يتوقف حتى وفاته. ظلت أمينة تلازم أستاذها في جميع أعمالها كبطلة نسائية، ورغم تلقيها عدة عروض سينمائية إلا أنها كانت تعتذر عنها، فكان من الطبيعي أن تشارك يوسف وهبي في بطولة فيلمه الجديد «المجد الخالد»، الذي حاول فيه استغلال نجاح فيلمه السابق، خاصة فيما يتعلق بالتركيز على سلبيات الأجانب، ولم تكن أمينة تتحدث عن أجرها فكانت تحصل على أجر يتراوح بين 20 و25 جنيها، بحسب قرار يوسف وهبي الذي كان يحدد الأجور لفريق العمل من أعضاء الفرقة، بعدما تخلى عن عقيدته السابقة بأن السينما تندرج ضمن باقي الأنشطة التي تقوم بها الفرقة، خاصة أن وجود أكثر من شركة للإنتاج السينمائي دفع بعض أعضاء فرقته للانفصال والعمل في السينما، إلى جانب فرق أخرى، بسبب رفضه عمل أعضاء فرقته خارج نشاطها الفني. فشل «المجد الخالد» وعُرض الفيلم، لكنه فشل فشلاً ذريعاً، فرغم الثناء على أداء أمينة رزق وتعاطف المصريين معها -على الرغم من أنها لعبت دور فتاة أوروبية، في وقت كان مشحوناً تجاه الأجانب– إلا أن يوسف وهبي لم يسلم من الانتقادات الصحافية التي عنفته بشدة على الأداء الذي وصفته الصحافة بالمبالغ فيه، واستحواذه على مشاهد كثيرة في الفيلم، ولم يحقق الفيلم ليوسف وهبي الإيرادات التي توقعها، ولم يستمر أكثر من أسبوعين بدور العرض، وهو ما تكرر مع فيلم «ساعة التنفيذ». ونتيجة الخسائر التي مني بها يوسف وهبي في السينما، اضطر إلى حل فرقته المسرحية، ولأول مرة عملت أمينة رزق بمفردها، حيث انضم جميع أعضاء فرقة رمسيس إلى الفرقة القومية التي تولى إدارتها الشاعر خليل مطران، إذ تعاقد معهم بأجور مرتفعة عن تلك التي كانوا يحصلون عليها من يوسف وهبي، فحصلت أمينة رزق على 30 جنيها، بينما لم يكن يتجاوز أجرها الشهري في فرقة «رمسيس» 20 جنيهاً، واختلف يوسف وهبي على الأجر مع خليل مطران الذي كان يرغب في إعطائه 50 جنيهاً شهرياً، وهو أجر وجده قليلاً. وخلال تلك الفترة قدمت أمينة عدة مسرحيات حققت نجاحا جماهيريا كبيرا، وهي أعمال مأخوذة عن روايات أجنبية، منها «تحت سماء إسبانيا» لجوزيه كوديا، و«امراة تستجدي» لهنري برنشتين، و«مرتفعات وذرنج» لإيملي رونتي، وهي التجارب التي أخرجها فتوح نشاطي على المسرح. إحياء «رمسيس» بدأ يوسف وهبي بعد سنوات قليلة إعادة إحياء فرقته بزيارة لأمينة رزق في منزلها، زيارة كان اعتاد عليها أسبوعياً، وهذه المرة فاجأ أمينة. • أنا عاوز أرجع فرقة رمسيس... تقبلي تيجي معايا يا أمينة؟ - طبعاً يا أستاذ، بس إزاي، انت مديون لكل الناس. • مالكيش دعوة، بس أنا مش هاقدر ادفعلك نفس الأجر، خصوصاً في الأول. - أنا موافقة يا أستاذ، وعقدي مع الفرقة القومية يخلص نهاية الموسم. • ماشي يا أمينة، أنا هعمل إعلان في الجرايد علشان الممثلين الجدد والهواة اللي عاوزين ينضموا للفرقة، وأنا واثق أننا هانقدر نعمل حاجة كويسة. - طيب إيه رأيك تكلم أمينة محمد؟ لأنها كانت عاوزة تشتغل معاك. • بس... - يا أستاذ يوسف، أنا كنت معاها من كام يوم، وكانت بتقول عنك كلام حلو قوي، وهي الفلوس مش هتفرق معاها في المسرح. كانت أمينة رزق تلتقي بخالتها أمينة محمد من وقت لآخر، خاصة بعدما انتهت الغصة التي وترت علاقتهما لفترة، وبالفعل قام يوسف وهبي بزيارتها، واتفق معها على أن يكون الأجر بحسب العائد من عروض الفرقة، خاصة أنه لا يملك مسرحا يقدم عليه العروض، وكان لا يزال يبحث عن طريقة خروج الفرقة للنور. استقر يوسف وهبي على اختيار علوية محمد ومحمود المليجي ليكونا إلى جوار أمينة رزق وأمينة محمد، بالإضافة إلى مجموعة من الهواة منهم فاخر فاخر، سعيد خليل، وعثمان أباظة، وبدأ في الاستقرار على المسرحيات التي سيعود بها بعد التغلب على العقبة القانونية التي تمنعه من تكوين فرقة جديدة، بسبب ديونه التي فشل في تسديدها على مدار أكثر من عامين. اتفق يوسف وهبي مع صديقه «صديق أحمد» على أن تكون الفرقة باسمه، ويتم الاكتفاء باسم يوسف وهبي كمشرف عليها، وهي الحيلة التي نجحت في الترويج للفرقة الجديدة، التي حملت اسم «فرقة صديق أحمد تحت إشراف يوسف وهبي». حفلات المحافظات لم يكن يوسف وهبي وصديقه يمتلكان أية أموال لبدء بروفات الفرقة الجديدة، التي تم الاستقرار على رواية غادة الكاميليا لتعود بها، فتم الاتفاق على حفلات في محافظات قبلي وبحري قبل الانطلاق في القاهرة، فتحصلت الفرقة على 100 جنيه كانت الأساس الذي بدأ العمل به في المحافظات... صحيح أنهم عانوا ضعف الإكسسوارات والديكورات، لكن الأداء التمثيلي عوَّض ذلك. رغم صعوبة عرض «غادة الكاميليا» إلا أن عدم امتلاك الفرقة لأية أموال جعلهم يقدمون العرض في الإسكندرية ودمنهور، في نفس التوقيت، وكانت خمسة فصول كاملة يستغرق العرض الواحد فيها 3 ساعات، وبسبب الإقبال الجماهيري كان يتم تنظيم عرضين في الإسكندرية على مسرح «الهمبرا»، الأول يبدأ في العاشرة صباحاً، والثاني في الثالثة ظهراً، بينما تسافر الفرقة مساء لدمنهور بالسيارة من أجل تقديم الحفلة السواريه التي تبدأ في العاشرة مساء، لتقضي ليلتها في دمنهور، وتعود للإسكندرية في الصباح الباكر. رجل الساعة نجحت الفرقة نجاحا منقطع النظير، وطافت الرحلات الصعيد والوجه البحري، وظلت الصحافة الفنية تتحدث عن الإقبال الجماهيري عليها، قبل أن تعود إلى القاهرة وتقرر تقديم مسرحية «رجل الساعة»، خاصة أن «غادة الكاميليا» قد استنفدت غرضها مع الجمهور في القاهرة وقدمت أكثر من مرة. تزامن افتتاح فرقة رمسيس الجديدة نشاطها مع انطلاق عرض «أهل الكهف» لتوفيق الحكيم، لكن المفاجأة أن رواية فرقة المسرح القومي لم تحقق نجاحا، ولم تشهد ليالي عرضها إقبالا جماهيريا، في وقت تهافت الجمهور على حضور مسرحية «رجل الساعة» التي حقق من خلالها يوسف وهبي نجاحا باهراً، وعادت فرقته إلى سابق مجدها. لم يكن يوسف وهبي متوقعاً نجاح الفرقة بهذه الصورة، وبدأت الفرقة في تقديم موسم جديد يمزج بين المسرحيات القديمة التي قدمتها من قبل والعروض الجديدة، وحققت نجاحا كبيرا، وجعلت يوسف وهبي يمنح الفرقة أجورهم المرتفعة ويسدد ديونه، وتواصلت العروض يومياً على مسرح «الماجستيك» بشارع عماد الدين (وسط القاهرة). عروض في بغداد عادت الفرقة إلى رحلاتها الخارجية، إذ تلقت عرضاً لتقديم مسرحياتها في بغداد، ووافق يوسف وهبي على العرض وسافر مع باقي أعضاء الفرقة إلى العراق، حيث قدموا عروضا ناجحة للغاية، قبل أن يعودوا إلى القاهرة، ويسافر يوسف وهبي إلى أوروبا في رحلة تستغرق شهرين لمشاهدة التطورات الجديدة في صناعة المسرح والسينما، التي كانت تتطور بسرعة بنهاية الثلاثينيات. كانت أمينة رزق ترى في السينما العمل غير الثابت، في ظل محدودية الأفلام التي يتم تقديمها، في مقابل العمل الثابت بالمسرح والرحلات التي تقوم بها في مصر وخارجها، ودفع نجاحها في فيلم «الدكتور» الذي قدمته مع سليمان بك نجيب، خلال سفر يوسف وهبي للخارج، إلى تقديم العديد من الأفلام بعيداً عن عباءة المسرح الذي تأثر سلباً مع بدايات الحرب العالمية الثانية والتوتر العسكري. لاحقاً، أدركت أمينة أهمية التواجد السينمائي، فبجانب شعورها بأن السينما ستخلق لها جماهيرية كبيرة تفوق جماهيريتها في مسرح رمسيس، شعرت بأن وجودها سيكون مخاطرة محسوبة، وستجعل يوسف وهبي يفكر جيداً قبل أن يصطدم بها ويطالبها بمغادرة الفرقة، كما فعل مع بطلات كثيرات من قبل، خاصة أنه توقف عن العمل في السينما وقرر التركيز في المسرح وسفرياته المتعددة للخارج. نجيب الريحاني فوجئ بالكوميديانة أمينة رزق! تنوعت العروض التي كانت تشارك فيها أمينة رزق على المسرح، خلال وجودها مع فرقة رمسيس، وفي إحدى الروايات أسند لها دور كوميدي، وبالمصادفة حضر نجيب الريحاني الذي فوجئ بأدائها للمشاهد الكوميدية، وبعد العرض جلس برفقتها مع يوسف وهبي: - أنت ممثلة كوميدية هايلة يا أمينة، الأدوار الدرامية ظلمتك. • شكراً يا أستاذ نجيب. - انت عاوز تخطفها يا نجيب هي كمان ولا إيه من الفرقة؟ • لا يا أستاذ يوسف، بس عاوزها معايا في السينما. - كفاية عليك روز اليوسف واللي حصل. كان يوسف وهبي يلوم نجيب الريحاني على تعاونه السابق مع روز اليوسف، بعد مغادرتها الفرقة، ومحاولتهما تكوين فرقة تحاكي فرقة مسرح رمسيس، وهي التجربة التي لم تنجح ولم تستمر سوى أسابيع محدودة، بينما أدرك الريحاني أنه لن يستطيع التعاون مع أمينة رزق التي كانت طوعاً لأستاذها، فصرف نظره عن ترشيحها لأي عمل كوميدي أمامه. وكررت أمينة تجربة الكوميديا من خلال الفرقة القومية، عندما قدمت مسرحية «ابن الحسب والنسب»، المأخوذة عن «صهر المسيو بواربيه»، التي تسخر من أثرياء الحرب، فمسيو بواربيه الذي قام بدوره حسين رياض، وابنته انطوانيت التي قامت بدورها أمينة رزق، دارت بينهما العديد من المواقف الكوميدية التي كانت تملأ المسرح ضحكاً، وأثنى النقاد على موهبة أمينة رزق في تقديم الشخصية الكوميدية بهذه الصورة. وكتبت إحدى المجلات الفنية: «أمينة رزق ضحية الحسب والنسب، وضحية حب ابيها وأنانيته، رقيقة وديعة كنسمات الفجر، ولعل هذا الدور يكون فاتحة أدوار أخرى بعيدة عن اللون المقبض الكئيب الذي اشتهرت به».
مشاركة :