شراكة مبابي مع نيمار تزيد من طموح سان جيرمان في دوري الأبطال

  • 9/4/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

عندما ينجز كيليان مبابي انتقاله إلى باريس سان جيرمان الذي يقدره باعتباره ثاني أغلى لاعب في تاريخ النادي والعالم (مقابل 167 مليون جنيه إسترليني الصيف المقبل بعد فترة إعارة لموسم كامل) فإنه بذلك يعود إلى المدينة التي شهدت بداية مسيرته. منذ ما يزيد قليلاً على 12 عاماً ماضية، وقف مبابي الصغير يتوسل والده لضمه إلى ناد محلي بالضاحية التي عاشوا بها داخل العاصمة الفرنسية. حمل هذا النادي اسم «إيه إس بوندي»، وهو ناد للهواة سبق أن لعب به ويلفريد مبابي قبل أن يتولى تدريبه. كان ويلفريد متردداً إزاء ضم ابنه كيليان للفريق، خشية أن يفقد موضوعيته في الأحكام التي يصدرها بخصوص ابنه. ومع هذا، استمر كيليان في الإلحاح على نحو بالغ أجبر ويلفريد نهاية الأمر للاستسلام ومنح الغلام الذي لم يتجاوز خمسة أعوام الفرصة. ونجح كيليان في ترك انطباع مبهر لدرجة أجبرت المسؤولين على تصعيده إلى مجموعة عمرية أكبر عن سنه. وعندما عرضت أكاديمية «آي إن إف كليرفونتان» منحة على كيليان بعد بضع سنوات، جرى تصعيده من جديد، ليصبح بذلك من بين أفضل المواهب الواعدة في جيله. وبفضل مثابرته وموهبته، وضع مبابي قدميه على الطريق الذي جعله ينضم إلى باريس سان جيرمان على سبيل الإعارة من موناكو باتفاق يجعل الانتقال دائماً بقيمة تصل إلى 180 مليون يورو (167 مليون جنيه إسترليني) الصيف المقبل. داخل «كليرفونتان»، شعر مبابي بعض الأحيان أن التدريب لم يكن كافياً، ما دفعه للتدريب سراً خلف المباني المخصصة للنوم، في أوقات متأخرة من الليل، وكان يستعين بالهاتف الجوال ليضيء لنفسه الطريق. وكان يُعرف عنه حرصه على مشاهدة أربع مباريات متتالية، غالباً ما تكون لريال مدريد الذي وجه إليه دعوة في ذلك الوقت تقريباً لزيارة إسبانيا، وتولى زين الدين زيدان إرشاده عبر جولة بمختلف أرجاء منشآت النادي. ورغم حرص مبابي المراهق على إخفاء جهود التدريب الإضافي عن أنظار المشرفين، فإنه لم يكن باستطاعته إخفاء مهارته ومواهبه اللافتة عن أعين الكشافين من مختلف أرجاء أوروبا، تحديداً سرعته اللافتة في اجتياز اللاعبين الخصوم، والسهولة التي كان يخترق بها صفوفهم قادماً من الجناح الأيسر، ناهيك بقدرته على تسجيل الأهداف من أي نقطة داخل منطقة المرمى. من جانبه، قال جان كلود لافارغ، مدير أكاديمية «كليرفونتان»: «لا يزال يملك قدرته المميزة في استخدام كلتا قدميه على النحو الذي كان عليه عندما كان في سن الـ12. في لحظة يبدو أنه يتحرك في اتجاه، ثم فجأة يثب لينطلق سريعاً بالاتجاه الآخر». من ناحيتها، شعرت أسرة مبابي بالقلق إزاء انتقاله إلى الخارج في وقت مبكر من حياته، رفضت جميع العروض التي انهالت عليه من أندية ووكلاء. وبمرور الوقت، نجح اللاعب في تعزيز مهاراته التي جعلت منه الموسم الماضي أصغر لاعب على الإطلاق يسجل هدفاً في دور قبل النهائي في بطولة دوري أبطال أوروبا. وقد رفض مبابي عروضاً من ريال مدريد وباريس سان جيرمان، ليوافق نهاية الأمر على الانضمام إلى موناكو في يوليو (تموز) 2013، حيث نجح في تحطيم الرقم القياسي المسجل باسم تييري هنري كأصغر لاعب في تاريخ النادي يشارك ويسجل أهدافا بالدوري الفرنسي الممتاز. شعرت الكثير من الأندية بالصدمة، مساء الأحد، لدى ظهور تقارير تشير إلى انتقال مبابي إلى سان جيرمان، وذلك لاعتقاد كل منها أنها أقرب إلى اقتناص اللاعب عن غيرها. من جانبه، لم يطلب مبابي صراحة الانتقال لناد آخر، واستمر في مشاركته بالتدريب والتواصل مع من حوله على النحو المعتاد في الوقت الذي تولى ناديه التفاوض بشأن بيعه. وبمجرد أن أدرك اللاعب والدائرة الضيقة المحيطة به، الذين شعروا بالإحباط بداية الموسم الماضي، بعدما اعتقدوا أن مجلس إدارة موناكو لمح إلى أن مبابي سيشارك على نحو منتظم في التشكيل الأساسي للفريق، أن النادي قرر بيعه، أعلنوا بالإجماع تفضيلهم لباريس سان جيرمان. ولا بد أن المال شكل عاملاً في هذا القرار، وإن كان هذا يشكل تحولاً في الأسلوب الذي اعتاد مبابي من خلاله إدارة حياته المهنية، خصوصا مع رفضه الكثير من العروض الأعلى قيمة بكثير ليظل في صفوف «كليرفونتان»، ثم الانضمام إلى موناكو. ويبدو أن فرصة الاستمرار داخل الدوري الفرنسي الممتاز والعودة إلى محل ميلاده لعبت دوراً في اختيار اللاعب البالغ 18 عاماً لباريس سان جيرمان. جدير بالذكر أنه منذ أربع سنوات، رفض والدا مبابي انتقاله إلى مدريد لرغبتهما في تجنب المخاطرة بجعل ابنهما يعاني مشاعر الاغتراب والحنين إلى الوطن. وهذا الصيف، جرى تقييم العروض التي تقدمت بها أندية أجنبية أقل عن عرض سان جيرمان للسبب ذاته. ومع هذا، ينبع اختيار سان جيرمان كرغبة من مبابي في الدخول في تحد أمام نفسه من خلال المشاركة في بيئة أكثر تنافسية، وأمام لاعبين أفضل ممن تركهم خلفه في موناكو في أعقاب بيع كل من بنجامين ميندي وبيرناردو سيلفا وتيموي باكايوكو وآخرين في أعقاب الفوز المبهر ببطولة الدوري الممتاز الموسم الماضي. واللافت أن طموح مبابي يتطابق مع طموح ناديه الجديد، المتمثل في الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا. وبعدما نجح سان جيرمان في إيجاد سبيل للالتفاف على مادة في قانون اللعب المالي النظيف لضم البرازيلي نيمار مقابل 222 مليون يورو، والآن مبابي تبدو إمكانية اقتناصه البطولة الأوروبية واقعية تماماً. عالمياً، لم يحدث أن اجتمع أغلى لاعبين في العالم في النادي ذاته سوى مرتين، كانت كلتاهما من نصيب ريال مدريد، وذلك عندما اجتمع زين الدين زيدان مع لويس فيغو عام 2001، ثم انضم غاريث بيل إلى كريستيانو رونالدو عام 2013. وفي كلتا الحالتين، فاز ريال مدريد ببطولة دوري أبطال أوروبا العام التالي. من جهته، يعتقد لافارغ أن الانتقال إلى سان جيرمان سيسرع وتيرة تطور مهارات مبابي. وأضاف: «قد يكسب عامين من عمره بانتقاله إلى باريس سان جيرمان. يعتبر هذا الانتقال خطوة نحو الأعلى نظراً لأن البيئة هناك أكثر تنافسية، لكنه يعرف بعض اللاعبين بالفعل من المنتخب الفرنسي وسيتكيف بسهولة مع فريقه الجديد». من ناحيته، يأمل مبابي في ضمان مكان له داخل المنتخب تحت قيادة المدرب ديديه ديشامب في بطولة كأس العالم المقبلة، الأمر الذي قد يتعزز إمكانية حدوثه مع مشاركته في صفوف باريس سان جيرمان. هناك، سيجد مبابي نفسه محاطاً بمهاجمين موهوبين مثل نيمار وجوليان دراكسلر وخافير باستوري وأنخيل دي ماريا ولوكاس مورا وإدينسون كافاني. ومع أن الرحيل عن موناكو لم يكن أولوية مبابي هذا الصيف، فإنه ووالده وضعا خططاً، ودرسا كيف يمكن لشراكته مع نيمار أن تنجح. يذكر أن كلا اللاعبين ينطلق بصورة أساسية من الجناح الأيسر، لكن مبابي، 18 عاماً، أنهى الموسم الماضي في مركز مهاجم ثانٍ، بجانب فالكاو، ومن الواضح أن لديه رغبة أكبر لأن يصبح في قلب الهجوم أكثر منه لاعب جناح. ويبدو أن هذا التحول، الذي سبقه إليه هنري، الخطوة التالية في مسيرة تطور مبابي. عن ذلك يقول لافارغ: «اللاعبون أمثال كيليان يرغبون دوماً في التمركز بقلب الحدث. على مستوى الأكاديمية، رغب في اللعب على الجانب بحيث يبدأ الهجمات بكرة من قدمه. إلا أنه عندما انتقل إلى اللعب الاحترافي، أدرك تدريجياً أهمية الجري دون الكرة والوعي بالمساحات. واليوم بعد موسم واحد له بالدوري الفرنسي الممتاز، أدرك أن بإمكانه المشاركة في خضم الأحداث في مركز قلب الهجوم، والانتقال لمراكز أخطر بفضل تمركزه دون الكرة. في الواقع، هذا هو المجال الذي شهد التطور الأكبر من جانب مبابي منذ رحيله عن الأكاديمية». ورغم تركز الأنظار والتعليقات على اللمسات الأخيرة التي يضعها مبابي على الكرات وقدرته على المناورة بالكرة، فإن ما يفعله بين الاثنين يشكل حقيقة الأمر نقطة قوته الكبرى، تحديداً توقيت جريه وذكاءه عندما يكون بعيداً عن الكرة. من جهته، اعترف ويلفريد مبابي، الذي لا يميل لإغداق الثناء على نجله، بأن كيليان لديه القدرة على رصد جيوب من المساحات تصعب رؤيتها حتى من المدرجات. في الواقع، كانت هذه القدرة من العوامل التي أسهمت في إنجاز موناكو كواحد من أكثر أندية أوروبا تسجيلاً للأهداف الموسم الماضي، وقد تعود بنفع كبير على نيمار وتسمح لمبابي بالتألق في مركز قلب الهجوم. في هذا المركز، سيوفر مبابي قدرة كبيرة على الحركة عبر الثلاثة المتمركزين بالأمام على نحو يشابه ما قدمه نيمار خلال فترة وجوده مع برشلونة. ومع أن النصيب الأكبر من الأضواء والضغوط قد يكون على نيمار، تظل الحقيقة أن مبابي يواجه سقفاً من التوقعات لم يعايشه من قبل. في الحقيقة، يستحق اللاعب التعامل معه بصبر كبير، لكنه في الوقت ذاته يبدو قادراً تماماً على الارتقاء لمستوى التحدي القائم أمامه، مثلما فعل دوماً منذ أول جلسة تدريب له داخل «إيه إس بوندي».

مشاركة :