القاهرة: «الخليج»تحتل الفلسفة العربية مكانة كبيرة في تاريخ الفكر الفلسفي العالمي، إنها حلقة الاتصال بين الفلسفة اليونانية من جهة والفلسفة الحديثة والمعاصرة من جهة أخرى، وإذا كنا نهتم بدراسة آراء مفكرين وفلاسفة يونانيين كسقراط وأفلاطون وأرسطو، ومذاهب فلاسفة محدثين ومعاصرين كديكارت وكانت وهيجل وراسل، فإننا يجب أن نهتم أيضاً بدراسة فكر فلاسفة العرب، إذ إنهم أضافوا إلى التراث الفلسفي إضافة جديدة، كان فكرهم يعبر عن مزج بين الجانب الديني من جهة، والجانب الفلسفي من جهة أخرى. يوضح د. عاطف العراقي في كتابه «الفلسفة العربية مدخل نقدي» أن المفكرين العرب وضعوا في الاعتبار أصول العقيدة الدينية الإسلامية، كما وضعوا في الاعتبار أيضاً الفكر الفلسفي الديني والذي وصلهم عن فلاسفة يونانيين كأفلاطون وأرسطو وأفلوطين، وقدموا لنا بهذا المزج نوعاً من الفكر الفلسفي لا يعد مجرد نقل عن الفكر اليوناني كما أثاروا مشكلات، وقدموا حلولاً لها، لا نجدها قد درست باستفاضة عند المفكرين اليونانيين القدامى، لقد قدموا لنا مذاهب فلسفية دقيقة وآراء ناضجة، يجب دراستها والكشف عما فيها من اجتهاد في الرأي من خلال رؤية نقدية.يوضح د. العراقي: «نقول هذا ونؤكد على القول به، لأننا نجد نفراً من المستشرفين والباحثين الغربيين لم يسلموا بأهمية الفلسفة العربية، وهذا معناه أن قضية وجود فلسفة عربية لم تكن موضع اعتراف من جانب بعض الباحثين، بل وجد من وضع جدتها وأهميتها موضع لاشك تارة والإنكار تارة أخرى، فمنهم من يرى أنه ليس من طبيعة العرب التفلسف وإبداع المذاهب الفلسفية، ومنهم من يرى أن فلاسفة العرب قد تأثروا بفلاسفة اليونان تأثراً كبيراً، بحيث إن فلسفتهم ما هي إلا الفلسفة اليونانية مكتوبة بحروف عربية، أي أن فلسفتهم لا تخرج عما أبدعه فلاسفة اليونان من مذاهب، وخاصة أفلاطون وأرسطو وأفلوطين».ويشير العراقي إلى أن هؤلاء المستشرقين قد اعتمدوا في كثير من أقوالهم هذه على التفرقة بين الجنس السامي والجنس الآري، فإذا كان العرب الذين يرجعون إلى الجنس السامي لم يفعلوا إلا نقل دائرة المعارف الفلسفية اليونانية وعدم الخروج عليها، بحيث لا نجد عندهم آراء فلسفية خاصة بهم، لأن العقلية السامية لا تستطيع بطبيعتها التفلسف، فإن الجنس الآري وحده القادر على التفلسف وإبداع المذاهب الفلسفية.يرى العراقي أن هذه الاتهامات شاعت في القرن التاسع عشر، وقد أثبت البحث العلمي الدقيق خطأها في بعض الزوايا، ووجد من المستشرقين من دافعوا عن أهمية الفلسفة العربية وأثبتوا المكانة الكبيرة التي احتلها فلاسفة العرب في تاريخ الفكر الفلسفي العربي.
مشاركة :