هذه ليست نهاية بانون.. بل البداية!

  • 9/4/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

محمد أمين | هل سيكون الرئيس دونالد ترامب وادارته أفضل أم أسوأ حالا، بعد رحيل ستيف بانون، مستشار الرئيس للشؤون الإستراتيجية؟ بانون، المعروف الآن، باسم «بانون البربري»، رجل ذكي ويحُسن تقدير الأمور. وإدارة ترامب بحاجة الآن، إلى خطوط واضحة وتوافق تشريعي وقضائي ومساءلة وشفافية. وربما كان مشروع ترامب بحاجة الى شيء من التوفيق، كما هو الحال في الأعمال التجارية أو غرفة الأخبار. ويشعر بانون في غرفة الأخبار كأنه في بيته. فهو بصراحة، ليس واحدا من الذين يحسنون إدارة الحياة. لقد أدرك أنه يفتقر إلى المهارات اللازمة للتنقل في ردهات الحكم، وذلك لإفراطه في الشك وسوء الفهم والتصريح بالعداء للآخرين. مكث بانون في إدارة ترامب لستة أشهر. وهذا يعني انه لا يمتلك مهارة البقاء، اوالرغبة في التوصل إلى حلول وسط أو الدبلوماسية التي كانت ستجعله رصيدا طويل الأمد للرئيس. ولا يمكن لأي رئيس، وللرئيس دونالد ترامب تحديداً، أن يقبل أن يُعلن أحد كبار مساعديه معارضته في سياسته تجاه كوريا الشمالية. وكان يجب على بانون ان يدرك ذلك أيضا. فإذا كنت صحافياً، وخاصة من اؤلئك الصحافيين ذوي الافكار المستقلة والمثيرة للجدل، فإن الاعتداد الشديد بآرائك الخاصة قد يكلفك الكثير، سواء كنت تحترم رئيسك أم لا. مزيد من الانسجام لقد كان رحيل بانون حتمياً. وهذا ما رتب له تدريجيا كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي الذي يعتمد اسلوباً تقليدياً في الحكم. وهذا من شأنه إضفاء طابع الاستقرار على إدارة ترامب التي تواجه تحديات على كل صعيد، وليس أقلها مسألة التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، التي تأبى أن تفارق الإدارة. وخلف كل العناوين الرئيسية عن الفوضى التي يشهدها البيت الأبيض الآن، يتم بناء بيروقراطية قوية. ويبدو ان الفريق الحكومي يتجه نحو المزيد من الانسجام. ولكن ماذا عن مشروع ترامب لجعل أميركا دولة عظمى مرة أخرى وبناء الجدار مع المكسيك وخلق فرص العمل؟ اعتبر ستيف بانون أن هذا المشروع قد «انتهى» بالفعل، ويقصد الأفكار والأهداف الأصلية التي جلبت الانتصار لترامب في انتخابات العام الماضي، وحتى قبل مرور 12 شهرا. وكما كسوف الشمس، فإن المستقبل المشرق لحقبة ترامب وعودة أميركا دولة عظمى ثانية يطمسهما ظلام المستنقع السياسي ووسائل الإعلام الرئيسية. لذلك، يعتقد بانون ان وجوده خارج الحكم سيكون أكثر جدوى. فهو وحلفاؤه في منظمة «بريتبارت» يعدون بشن «حرب» على معارضي ترامب. وقد نُقل عنه قوله: «أنا ذاهب الى الحرب من أجل ترامب». وكأنه ينشئ وحدة من القوات الخاصة أو جناحا شبه عسكري لإدارة ترامب البيروقراطية لمواجهة كل المتخاذلين وجموع الطابور الخامس داخلها، من المتواطئين مع الديموقراطيين أوالمتذبذبين من الحزب الجمهوري. أوهام أنصار ترامب في الواقع سيوجه بانون الانتقادات لترامب، ولكن لكون مواقفه لينة جدا وليس لأنها متشددة. وبهذه الطريقة، يعتقد بانون أنه سيتمكن من الحفاظ على مشروع ترامب، (أو مشروع بانون). هل سينجح في ذلك؟ أظن أن العالم يبالغ في تقديره لقوة ما يسمى باليمين المتطرف (أي ما كنا نطلق عليه وصف المتعصبين والعنصريين) ويقلل من شأن وتأثير وسائل الإعلام الرئيسية (أو ما كنا نسميه الحقيقة). ولكن هناك ما يدعو للقلق، بالنظر إلى كيف يبدو الناس السذج، بصراحة، ونظرا لأوهام انصار ترامب. وكما نرى، فإن هناك ما يمكن وصفه بـ«أرض ترامب» او ترامبلاند، حيث تجعل الأمور تبدو صحيحة إن كنت تريدها كذلك. وتصم كل من يعارضك بأنه كاذب. الأمر أشبه برجل أصلع يعتقد أن لديه شعراً حريريا ناعما بالحياة، ويحدّث نفسه والجميع من حوله ان لديه شعرا ناعما.. وبذلك لا يعود هذا الرجل أصلعاً! فهو سوف يصدق نفسه فعلاً، والأدهى من ذلك، أن آخرين سوف يصدقونه. وربما كان النموذج السياسي الأحدث والأكثر وضوحا لذلك «العالم البديل»، هو الادعاءات حول عدد حضور حفل تنصيب ترامب، وهو ما يحدث كل يوم تقريبا، بما في ذلك الأحداث في مدينة شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا. حرب إعلامية ومن الواضح أن وسائل الإعلام الرئيسية تطرح دفاعا قويا، ولكن حجم الهجوم غير مسبوق، وتعززه، جزئيا، التغيرات التكنولوجية، حيث يمكن لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت وحساب على فيسبوك او تويتر، أن يكون ناشراً. ويمكن لـ«بريتبارت» وغيرها من شبكات الأخبار التي لها دوافع محددة و«مقاتلي الانترنت» وأصحاب ونظريات المؤامرة الذين يعتقدون أن الهبوط على سطح القمر كان خدعة، ورافعي أعلام الصليب المعقوف ومروجي الكراهية، تحقيق الانتصار في هذه الحرب الإعلامية. فقبل كل شيء، هم الذين ساعدوا ترامب على الفوز بالرئاسة من خلال خلق وتغذية حركة قومية من جنون العظمة الاقتصادية. ومن المفترض ان يكون بانون قد انزعج من المسؤولين الذين يسخرون من اعتقاده بأن الصين تشن حربا اقتصادية على اميركا، وتحقق الانتصار فيها. فهو لم يتخل عن هذه المعتقدات لمجرد انه غادر البيت الابيض. لذلك، فإن «الترامبية» أو «البانونية» لن تنتهيا بسهولة. ومبدأ الحمائية في المدى القصي، سيخلق فرص عمل للأميركيين بالفعل، على الرغم من أن ذلك يعني ارتفاع التكاليف بالنسبة للمستهلكين وضعف القوة الشرائية للمشترين المحتملين للسلع والخدمات الأميركية في الخارج. وإذا كان الأمر كذلك، فإن سياسات ترامب وحتى عام 2020 على الأقل، ومع حلول موعد الانتخابات التالية، سوف تنجح وستتجاوز كل فوضى ومشكلات 2017. وسوف ينبري بانون وحلفاؤه مرة أخرى، لبث خطاب الإثارة والتحريض. «إندبندنت»

مشاركة :