حسب ما أتذكر بعد أن وعيت هذه الحياة، لم تمر عليّ عطلة أعياد سنوية بطول هذه العطلة!.. فلأول مرة، حسب ما أتذكر، يشبك عيد الفطر المبارك بعد شهر رمضان.. وهو شهر، بكل الأسف، أصبح شهراً للكسل وعدم الإنجاز، خصوصاً عند موظفي حكومتنا الرشيدة، ينتهي شهر رمضان بالعيد لتبدأ العطلة الصيفية بأيام قبل ذلك التاريخ، وما زلنا في العطلة حتى الآن، لأن كثيراً من الناس شبك عطلة عيد الفطر السعيد بعطلة عيد الأضحى! فكثير من معارفي وأصدقائي كانوا وما زالوا في عطلة وسفر حتى الأيام العشرة الأولى من سبتمبر.. فيكونون بذلك عادوا إلى طفولتهم الغضة، حيث تعودنا على عطلة بالمدارس على الـ«3» أشهر أو عطلة الصيف، تقابلها عطلة الـ«15» يوماً أو عطلة الربيع، ناهيك عن عطل الأعياد الرسمية وعطل نهاية الأسبوع، فنكون بهذه العطل المطولة في طفولتنا وشبابنا وكهولتنا نافسنا في العمل والانتظام به وجديته الشعبين الكوري والياباني! * * * من قضى عطلة عيد الأضحى المبارك في الكويت لاحظ أن شوارع الضواحي والطرق السريعة وقرب الجمعيات أصبحت ممتلئة بإعلانات تهاني مدفوعة الثمن (الباهظ) لوجوه مرشحين سابقين لمجلسي الأمة والبلدي، وأغلبهم لم يحالفهم الحظ في الانتخابات الأخيرة. ويظهر من حملات الصور والتهاني المكثفة أن هؤلاء الشباب يؤمنون بالمقولة الشهيرة «لا يأس مع الحياة.. ولا حياة مع اليأس»! وأنهم على الدرب سائرون.. فالموضوع يشكّل إغراء تصعب مقاومته، فبغمضة عين بعد النجاح قد يصبحون من أهل الثروة، بعد أن أصموا أسماعنا بشعارات الثورة! وسنصبح ونمسي على صورهم البهية وتصريحاتهم النارية بالصحافة المقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، التي ترسل لنا همساتهم وخلجات نفوسهم وما يدور في تلافيف تفكيرهم! ما أوقفني في حملات التهاني الإعلانية هي ضخامة وتكلفة بعضها الباهظة، فهي تكلف عشرات الآلاف، ومن يعرف صاحب التهاني يعلم جيداً أنه ليس من أهل الثروة والأموال، بل إن التكلفة يتحملها من هم وراء حملاته الانتخابية، وهم في الغالب التيارات والأحزاب الأصولية المليونية بكل توجهاتها وألوانها، وهي ربما أموال جمعت باسم المحتاجين والصدقات والزكوات في أفرع تلك الجمعيات الأخطبوطية، من بسطاء المواطنين، لكي يثبت هذا الاتجاه وذلك الحزب سطوته، ونفوذه الطاغي بالمجتمع، لتخنع وتخضع له حكومتنا الرشيدة اتقاء لشره! وكلمة أخيرة لمهنئينا بالإعلانات الشوارعية، وفروا هذه الأموال ودعوها تصرف في مصارفها الصحيحة.. دعايتكم لأنفسكم للانتخابات القادمة تكون بالاحتكاك والتقرب الحقيقي من جمهور الناخبين، ولا يتم ذلك بعرض طلتكم البهية وابتساماتكم المصطنعة التي تواجهنا أينما ولينا وجوهنا! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. علي أحمد البغليAli-albaghli@hotmail.com
مشاركة :