اتجه عدد من المصارف القطرية نحو المقرضين الأجانب، من أجل مواجهة شح السيولة الذي بات يهدد غالبية هذه المصارف، منذ بداية المقاطعة مطلع يونيو/حزيران الماضي، حيث ساهمت المقاطعة في هجرة الودائع الخليجية من بنوك الدوحة، لاسيما في ظل استمرار تعنّت «نظام الحمدين»، ورفضه الامتثال لمطالب دول المقاطعة لإنهاء عزلته.وعمّق من أزمة المصارف القطرية خفض وكالات الائتمان العالمية تصنيفات المصارف القطرية، مع نظرة مستقبلية سلبية، ما يفقد ثقة المستثمرين في هذه المصارف.وفي مؤشر على أن محاولات الاستجداء السابقة لم تُفلح، خاصة أن «نظام الحمدين» لم يمل طوال أشهر المقاطعة من طرق أبواب المقرضين الأجانب، قال راجافان سيتارامان، الرئيس التنفيذي لبنك الدوحة، إن المصرف يُجري محادثات مع عدد من المقرضين الأجانب، حول احتمالية جمع تمويل طويل الأجل، إما عبر إصدار سندات خاصة أو بيع دين عام.أوضح سيتارامان خلال مقابلة مع تلفزيون «بلومبيرج»، أن البنك يعتزم جمع ديون بعد إتمام عرض بيع حصص بقيمة 1.3 مليار ريال (352.9 مليون دولار) في وقت سابق من هذا العام، دون الكشف عن مزيد من المعلومات، فيما أشار محللون أنها جاءت في إطار ضخ سيولة حكومية لدعم ميزانية البنك.ويعتبر بنك الدوحة من المقرضين القطريين الذين يبحثون عن خيارات لجمع التمويلات، حيث إن استمرار الأزمة الخليجية يهدد بإضعاف السيولة لدى المصارف القطرية. وتعد الودائع الأجنبية داخل المصارف القطرية حجر الزاوية في الأزمة التي تعانيها المصارف، حيث تراجعت هذه الودائع لدى المصارف القطرية إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عامين، وقد تتراجع أكثر من ذلك، حيث يرفض بعض المقرضين الخليجيين الإبقاء على حيازاتهم في البنوك.وكانت وكالة «موديز» قد خفضت توقعاتها المستقبلية للنظام المصرفي القطري إلى «سلبي»، بسبب ضعف بيئة التشغيل واستمرار الضغوط التمويلية التي تواجه البنوك القطرية. وانخفضت قيمة أسهم بنك الدوحة بنسبة 4% منذ الأزمة، مقارنة مع انخفاض قدره 11% في المؤشر الرئيسي في سوق قطر للأوراق المالية. وتهاوى الريال القطري منذ بدء المقاطعة العربية، مسجلاً أسوأ أداء خلال شهر أغسطس الماضي؛ إذ تسبب استمرار ربط الريال القطري بالدولار، في دفع المؤسسات إلى تداول الريال خارج نطاقه الطبيعي، خاصة بعد أن امتنعت العديد من شركات الصرافة، ووكالات السياحة والسفر، والبنوك العالمية، عن التعامل بالريال نتيجة تقلّبات أسعاره بالدوحة.وأطلقت وكالات الائتمان العالمية عدة تحذيرات من تهاوي الاقتصاد القطري، وأعربت وكالات «فيتش»، و«موديز»، و«ستاندرد اند بورز»، عن قلقها من أن أزمة قطر ستشكّل ضغطاً رهيباً على اقتصاد الدوحة، مشيرة إلى أن التخفيض في التصنيف الائتماني للدوحة من شأنه رفع تكلفة اقتراضها من ناحية، ويجبرها على تخفيض الإنفاق من ناحية أخرى.وما يعلمه «نظام الحمدين» جيداً، هو أن تخفيض «موديز» لتصنيف قطر السيادي وديونها، جاء نتيجة تراجع مصداقية قدرة الدوحة على سداد التزاماتها الدولية، ورفع التكلفة في التمويل والاقتراض على قطر منذ يونيو الماضي، عندما بدأت المقاطعة الاقتصادية واللوجستية.وأعلنت «ستاندرد اند بورز» في وقت سابق أن استمرار المقاطعة سيؤدي إلى بطء ملحوظ في النمو الاقتصادي القطري، ويجعل تصنيفها المخفض الجديد تحت طائلة المراقبة من أجل مزيد من التخفيض وتدهور التوقعات المستقبلية لها.وتوقعت وكالة «فيتش» إقدام حكومة قطر على تخفيض الإنفاق الرأسمالي على المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية، مع تفاقم الضرر الذي لحق باقتصاد البلاد، جراء مقاطعة الدول الرافضة لدعم الإرهاب للدوحة.وأكد خبراء أن قيام الحكومة القطرية بتخفيض الإنفاق الرأسمالي يضر بحركة المشاريع، ويعصف بأوضاع العمالة، ويرفع وتيرة تسريحها في القطاعات المختلفة، موضحين أن تواصل تخفيض التصنيف الائتماني لقطر، يضع اقتصاد الدوحة أمام مخاطر جمة في المستقبل، ويفاقم من مخاطر أسواقها بالنسبة للمستثمرين.وفي السياق نفسه، خفضت وكالة «فيتش» التصنيف الائتماني لشركة رأس لفان للغاز الطبيعي المسال المحدودة (رأس غاز) من «A+» إلى درجة «A»، مع منحها نظرة مستقبلية سلبية، في حين خفضت تصنيف السندات الممتازة لشركة «ناقلات» من «A+» إلى «A»، وتصنيف سنداتها الثانوية من «A» إلى «A-»، مع نظرة مستقبلية سلبية.وتأتي هذه الإجراءات بعد خفض التصنيف الائتماني السيادي لقطر إلى «AA-»، مع منحها نظرة مستقبلية سلبية، حيث إن «رأس غاز» و«ناقلات»، مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً بتصنيف قطر. (بلومبيرج)
مشاركة :