حذر مجلس حكماء المسلمين من «تقاعس المجتمع الدولي عن التدخل بحسم» لإنهاء معاناة مسلمي الروهينجا في ميانمار، في وقت وجهت منظمة التعاون الإسلامي رسالة بهذا الخصوص إلى الأمم المتحدة.فقد شدد مجلس حكماء المسلمين في بيان على ضرورة قيام الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية والإنسانية بمسؤولياتها تجاه تلك المأساة التي تتوالى فصولها منذ سنوات.وأوضح مجلس حكماء المسلمين أن ميثاق الأمم المتحدة يخول مجلس الأمن الدولي سلطة التدخل الدولي تحت الفصل السابع في الحالات التي تشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين. وأكد أن الوضع في مناطق مسلمي الروهينجا يستوجب تشكيل لجنة تحقيق دولية بصلاحيات كاملة لوضع السلطات في ميانمار أمام مسؤولياتها الإنسانية والقانونية.وقال المجلس إنه سعى بالتعاون مع الأزهر الشريف إلى المساهمة في إنهاء مأساة المواطنين الروهينجا من خلال التواصل مع ممثلين عن مختلف أطياف المجتمع الميانماري، والاجتماع بهم في مؤتمر للسلام في القاهرة، والتواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة في القضية، والحرص على القيام بوساطة محايدة وغير منحازة والابتعاد عن الأحكام المسبقة، مشيراً إلى أنه دعا حينها إلى ضرورة الوقف العاجل لكل مظاهر العنف وإراقة الدماء حتى يتسنى المضي في الخطوات المؤدية إلى تحقيق السلام المنشود في البلاد، وهو ما لم يتم حتى الآن. وأكد المجلس أن السلطات في ميانمار تضرب عرض الحائط بكل جهود التسوية من خلال إصرارها على الاستمرار في سياسة العنف والتطهير العرقي ضد المسلمين، وهو ما يضع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية التصدي لهذه السياسة التي تنتهجها سلطات ميانمار التي تخترق بهذه الممارسات كل مواثيق حقوق الإنسان، وجميع الأعراف والقوانين الدولية.من جانبه، وجه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين، رسالتين منفصلتين إلى أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، وأونج سان سو كي، مستشارة الدولة في ميانمار، بشأن تجدد أعمال العنف ضد جماعة الروهينجا المسلمة في ولاية راخين.وأشار العثيمين إلى الاستخدام العشوائي للقوة ضد السكان المدنيين في راخين، ما أدى إلى وضع بائس يؤثر في عدد كبير من المدنيين في جميع أنحاء المنطقة. وجدد التأكيد على دعوة منظمة التعاون الإسلامي للأمم المتحدة لمواصلة الضغط على ميانمار لإنهاء العنف واستعادة الروهينجا حقوقهم الأساسية.وأعلنت الأمم المتحدة، أمس، أن 87 ألف شخص معظمهم من الروهينجا المسلمين، هربوا من أعمال العنف في ميانمار، ولجأوا إلى بنجلادش المجاورة، في وقت علقت ميانمار مساعدات الأمم المتحدة إلى آلاف المدنيين من الروهينجا. وقال مكتب التنسيق التابع للأمم المتحدة إن «87 ألف شخص وصلوا منذ 25 أغسطس/آب» من بورما التي تشهد أعمال عنف.وذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن ميانمار منعت جميع وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة من تقديم المساعدات من الغذاء والماء والدواء إلى آلاف المدنيين من الروهينجا. وأوقفت المنظمة الدولية عمليات التوزيع في ولاية راخين الشمالية، بعد تجدد الاشتباكات، في وقت لم تمنح السلطات المنظمات الدولية الإغاثية الإذن بالعمل.وقال مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في ميانمار لصحيفة «الجارديان»، في بيان، إن عمليات التسليم تم تعليقها، «لأن الوضع الأمني والقيود التي فرضتها الحكومة على الزيارات الميدانية جعلتنا غير قادرين على توزيع المساعدات».وأضاف البيان أن «الأمم المتحدة على اتصال وثيق مع السلطات لضمان استئناف العمليات الإنسانية في أقرب وقت ممكن»، مشيراً إلى أن المساعدات يتم تسليمها إلى أجزاء أخرى من ولاية راخين.ووجهت دول إسلامية آسيوية انتقادات حادة لبورما ورئيسة حكومتها اونج سان سو تشي، على خلفية المعاناة التي تعيشها أقلية الروهينجا، بالتزامن مع إعلان الأمم المتحدة لجوء عشرات الآلاف منهم إلى بنجلادش. وأعلنت جزر المالديف قطع علاقاتها التجارية مع بورما «إلى أن تتخذ حكومة بورما إجراءات تردع الأعمال الوحشية التي ترتكب ضد الروهينجا المسلمين»، بحسب بيان لوزارة الخارجية. وسعى وزير خارجية إندونيسيا ريتنو مرصودي، لدى لقائه قائد الجيش البورمي الجنرال مين اونج هلينج في نايبيداو، للضغط على الحكومة البورمية من أجل ضبط هذه الأزمة. وقال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو لدى إعلانه عن المهمة التي يقوم بها وزير خارجية البلاد «مرة جديدة يجب أن يتوقف العنف وهذه الأزمة الإنسانية فوراً».وأعلنت وزارة الخارجية الباكستانية عن «قلقها البالغ حيال تقارير تفيد بارتفاع عدد القتلى والمهجرين قسراً من الروهينجا المسلمين». وطالبت الوزارة بورما بفتح تحقيق بشأن تقارير حول ممارسة أعمال وحشية ضد أقلية الروهينجا. وفي ماليزيا تشهد البلاد ذات الأغلبية المسلمة تظاهرات منذ انطلاق الجولة الأخيرة من أعمال العنف في بورما. وقال رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق «ندعو إلى الهدوء وضبط النفس». وأضاف الرئيس «يجب إنهاء الأوضاع المزرية التي يواجهها إخوتنا وأخواتنا الروهينجا من اجل مصلحة بورما والمنطقة». وألغت قرغيزستان مباراة كانت مقررة اليوم (الثلاثاء) في إطار تصفيات كأس آسيا لكرة القدم مع بورما، تخوفاً من «عمل إرهابي محتمل» وسط قلق متزايد بشأن أقلية الروهينجا. وفي الشيشان، تجمع آلاف المتظاهرين في العاصمة غروزني بدعوة من رئيس الجمهورية الروسية في القوقاز رمضان قديروف، للاحتجاج على اضطهاد أقلية الروهينجا. وأعلنت شبكة «البي بي سي» عن وقف خدمتها باللغة البورمية للتلفزيون البورمي منددة بفرض «رقابة» عليها في بلد يشكل فيه التطرق خصوصاً إلى أقلية الروهينجا المسلمة من المحظورات. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه يطالب زعماء العالم ببذل المزيد لمساعدة مسلمي الروهينجا الذين يواجهون ما وصفه بإبادة جماعية.
مشاركة :