تنامت ظاهرة تسول عمّال النظافة ليل نهار عند إشارات المرور وأماكن تجمع العائلات، بل وصل بهم الأمر إلى المنافسة على حجز مواقعهم بشكل مقزز، وتركيزهم على أوقات ذهاب وعودة الموظفين، وكذلك الأيام الأخيرة من كل شهر وقت نزول الرواتب، حيث نجدهم يتنافسون على تنظيف الشوارع القريبة من صرافات البنوك والإشارات والتجمعات، وهنا نتساءل: هل استقدام هذه العمالة للنظافة أم التسول؟. زيادة رواتبهم وتساءل المواطن "علي الملا" عن السبب الحقيقي وراء هذه الظاهرة السلبية التي جعلت من عمال النظافة ينقلبون من موظفين في البلدية إلى متسولين رسميين، مشيراً إلى أن هذا الأمر أدى إلى تدني نشاطهم و تركيزهم على استعطاف الناس بدلاً من أداء مهامهم. وقال:"أنا لا أدعو إلى منع الخير عن الناس، كما أنني لا ادعو أن نجعل منهم متسولين رسميين يشوهون شوارعنا"، مؤكداً على أن الحل في زيادة رواتبهم، وتوعية المواطنين والمقيمين بعدم إعطائهم أي مبالغ؛ لأن أغلب الناس تتعاطف معهم بسبب ضعف رواتبهم، ولكن إذا تحسنت رواتبهم فلن نراهم بهذا المنظر غير الحضاري. دور البلديات وأضاف المواطن "أحمد الحمدان" أن الأمانات والبلديات تلعب الدور الأكبر في وجود مثل هذه المناظر غير الحضارية، فمن غير المعقول تجلب عامل نظافة يتحمل الكثير من المشقة والتعب وسوء الأحوال الجوية براتب لا يتجاوز 400 ريال فقط لاغير، وقد يمضي الشهر والشهران والثلاثة لم يتقاض مرتبه، علماً أن هذا العامل يُحسب على الدولة بمبالغ طائلة شهرياً من قبل الشركات المستقدمة؛ فهذا ليس ذنب العامل المسكين الذي سيجد نفسه أمام أمرين أحلاهما مر، أما التسول أو السرقة، وكان بالإمكان تصحيح أوضاعهم بالضغط على أصحاب الشركات التي يعملون لديها لتحسين أوضاعهم المادية. تسليم حقوقهم وأشار المواطن "عبدالرحمن الشريمي" إلى أن الطريقة المُثلى لإبعاد العمالة عن الإشارات المرورية وبعض الأماكن التي يتجمعون فيها للتسول، هو تنظيم صرف رواتبهم في موعدها، من خلال فتح حسابات لهم في البنوك، ومعاقبة الشركات التي تتأخر في صرف رواتبهم نهاية الشهر، وتكثيف التوعية والتثقيف من خلال تثبيت لوحات إرشادية تحث الناس على عدم تشجيع المتسولين بدفع النقود لهم مهما كانت حالتهم المظهرية أو المهنية. تسول واستغلال وأوضح المواطن "عبدالله القبيشي" إنك لا تكاد ترى إشارة مرورية أو مواقف سيارات وأماكن تجمع عائلات تخلو من عمال النظافة الذين غالباً ما نراهم يصطحبون مقشاتهم ومكانسهم في مكان واحد لا يتحركون منه، بالرغم من وجود أكوام من النفايات بالقرب منهم لا يزيلونها؛ لأن هدفهم هو التسول وليست النظافة، داعياً إلى اتخاذ الإجراءات في حق المخالفين من العمالة بإلزام مقاول المشروع بالاستغناء عن خدماتهم, وتسفيرهم إلى بلادهم؛ لكون ذلك العمل يخالف العقد ومصلحة العمل. ننتظر حلولاً وقال "د.علي البخيت" -رئيس العلاقات العامة والاتصال الخارجي بهيئة الربط الكهربائي الخليجي- إن ظاهرة التسول في بلادنا انتشرت بشكل يستدعي الوقوف عندها بطريقة جادة تشرف عليها إمارات المناطق، وتشكيل فرق عمل تشترك فيها جهات بحثية وخدمية؛ لدراستها ووضع حلول على أسس علمية، مبيناً أنه كان يتعاطف سابقاً مع عاملي النظافة، ولكن مع انتشار الجرائم التي نسمع عنها من العمالة من بيع المسكرات والقيام بأعمال لم نكن نتوقعها؛ جعلني أغير الصورة تجاههم وأتجاهلهم في أي مكان أجدهم فيه. وأضاف:"عامل النظافة يتجول في الشوارع والطرقات، ويعمل بجد تحت حرارة الشمس وآخر الليل على نظافة المدينة، وهذا عمله الذي أُستقدم من أجله، وجهد يشكر عليه، ولكن هذا لا يدفعني إلى أن أعطيه مبلغاً من المال حتى ولو ريالات قليلة، ففي كل يوم أواجه العديد منهم عند إشارات المرور ويبادلونني التحية فأرد عليهم التحية بمثلها، ولكنني في اليوم الواحد أتوقف عند الكثير من الإشارات المرورية مروراً بالطرقات والشوارع، وأجدهم في كل مكان"، مشيراً إلى أن تحية عمال البلدية "جس نبض"، حيث يبدون الضعف فنتعاطف جميعاً معهم، ولكن لا يجب أن ننظر لعواطفنا بل علينا أن ننظر بعقولنا، ونتذكر بأن هنالك من يستحق المال أكثر من عامل النظافة الذي يقبض كل نهاية شهر مرتباً حتى وإن كان قليلاً. وأشار إلى أن أحدهم نقل كفالته من حارس منزلي إلى شركة نظافة في أحد المدن، وغاب الحارس واستبدله بحارس آخر، لكنه لم يكن على المستوى المطلوب، واتصل بالحارس السابق في محاولة لإعادته إليه، واشتاط الحارس غضباً في رده، قائلاً: (لقد أضعت وقتي لمدة سنتين براتب يقل أضعافاً عن الذي أتقاضاه الآن، وبعد مرور فترة على الحوار عرفت من ذلك القريب أن سبب تلك الزيادة الكبيرة هو الوقوف عند الإشارات للتسول!). وأشار إلى أن التسول بشكل عام ظاهرة سلبية وغير حضارية تحاربها المجتمعات وتقضي على أسبابها ببرامج متخصصة تستهدف الفئات المحتاجة، وبالرغم من أننا نعاني منذ زمن من هذه الظاهرة المقيتة، إلاّ أن هذه الظاهرة بدأت تأخذ مناحي أخرى مثل لجوء عمال النظافة للوقوف عند الإشارات؛ لهذا السبب يجب أن يقف هذا السلوك فوراً عن طريق إشعار الشركات التي توظفهم والحزم مع شركات النظافة في حالة استمرار هذه الظاهرة، وقد يقول قائل إن التسول موجود في جميع أنحاء العالم، هذا صحيح كما يوجد مشردون حتى في الدول العظمى الغنية. ودعا "د.البخيت" إلى أن يكون هناك تدخل مباشر وقوي من قبل إمارات المناطق الذين يملكون قوة النظام ويكلفون جهات البحث في مناطقهم، مثل: الجامعات، الأمانات، الغرف التجارية لدراسة هذه الظاهرة من وجوهها الثلاثة: وجه الزكوات، ووجه نوعية الفئات المتسولة، والأساليب التي يمكن معالجة هذه الظاهرة بها، حيث أن مثل هذا الجهد سيكشف لنا كل أبعاد هذه الظاهرة. وقال:"لا تستحق بلادنا أن تستمر هذه الظاهرة، كما أنه بدون دراسات جادة بمشاركة عدة جهات لن نستطيع الوصول إلى عمق المشكلة وإيجاد الحلول لها، كذلك فإن استمرار هذه الظاهرة على مرأى ومسمع منا جميعاً يحملنا جميعاً المسؤولية".
مشاركة :