الجيش السوري يقترب من فك الحصار عن دير الزورتشهد دفاعات داعش انهيارا في أكثر من بقعة سورية أمام تقدّم القوات الحكومية، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة. ويرى مراقبون أنه بغض النظر عن ذلك يبقى الأكيد أن النظام وداعميه يراكمون إنجازات من شأنها أن تؤثر على المشهد السوري، وتعقّد مسار التسوية المنتظرة.العرب [نُشر في 2017/09/05، العدد: 10742، ص(2)]من حصار إلى آخر دمشق - يقترب الجيش السوري المدعوم من ميليشيات إيرانية وسلاح الجو الروسي من فك الحصار المفروض على مدينة دير الزور منذ ثلاث سنوات من قبل عناصر تنظيم داعش. وتحتضن مدينة دير الزور، العاصمة الإدارية للمحافظة التي تحمل الاسم ذاته الآلاف من المدنيين التي تقدر الأمم المتحدة أعدادهم بأكثر من 90 ألف مدني، فيما يوجد 7 آلاف عنصر من الجيش محاصرين داخلها. وبدأ الجيش السوري منذ أسابيع عدة هجوما عسكريا واسعا على المحافظة من ثلاثة محاور هي، جنوب محافظة الرقة، والبادية جنوبا من محور مدينة السخنة في ريف حمص الشرقي، فضلا عن المنطقة الحدودية مع العراق من الجهة الجنوبية الغربية. وتمكّن الجيش السوري من السيطرة على مناطق واسعة في المحافظة، ويتقدّم حاليا باتجاه المدينة من أربع جبهات مختلفة. وباتت القوات المتقدّمة من محور الرقة على بعد كيلومترات من مدينة دير الزور، وتحاول دخول قاعدة اللواء 137 عند أطرافها الغربية. ومن شأن سيطرة الجيش السوري على مدينة دير الزور أن تشكل ضربة قوية لتنظيم الدولة الإسلامية الذي مني بسلسلة من الخسائر الميدانية في الأشهر الأخيرة. وكانت آخر خسائر التنظيم فقدانه لعقيربات آخر معاقله في محافظة حماة (وسط سوريا)، على يد الجيش السوري نهاية الأسبوع الماضي، كما يتعرض اليوم لضغوط شديدة من طرف قوات سوريا الديمقراطية في مدينة الرقة المجاورة لدير الزور والتي أعلنها الجهاديون في العام 2014 عاصمة لخلافتهم المزعومة.نواف خليل: تنظيم داعش يعيش حالة تخبّط بسبب الضربات العسكرية المستمرة وأثار انهيار دفاعات داعش السريع في أكثر من جبهة أمام الجيش السوري، نقاط استفهام عدة، وسط ترجيحات من البعض بأن يكون هناك صفقة عقدت بين التنظيم والنظام، مشيرين إلى أنه سبق وأن حصل ذلك وليس أدل على الأمر من قافلة “دواعش الجرود” التائهة اليوم في الصحراء السورية. وكان النظام السوري وحزب الله اللبناني قد عقدا اتفاقا الشهر الماضي مع عناصر التنظيم لإخراجهم من المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان وترحيلهم إلى دير الزور، بيد أن قافلة داعش تجد صعوبة في الوصول إلى هدفها في ظل تربص التحالف الدولي بها. وفي ظل هذا الوضع، عمد النظام والحزب إلى البحث عن سبل جديدة لإيصال مسلحي التنظيم وعائلاتهم، منها نقل عدد منهم إلى مدينة تدمر وسط البادية السورية، وفق ما أكده مصدر من محافظة دير الزور الاثنين. ولا يبدو أن الكثير يتبنون وجهة النظر القائلة بوجود صفقة مشابهة، بشأن تقدّم الجيش السريع صوب دير الزور. ويقول نواف خليل الباحث والخبير في الشأن السوري والكردي لـ”العرب”، “برأيي أن تنظيم داعش يعيش حالة تخبّط بسبب الضربات العسكرية المستمرة التي يتعرض لها دون توقف منذ معركة كوباني (عين العرب) التي كانت نقطة تحوّل في الحرب السورية عام 2014”. ويلفت خليل إلى أن قيادات التنظيم أحيانا تلعب بذكاء فهي تتحرك أو تنسحب وفق المتغيّرات التي تحصل على الخارطة السياسية والعسكرية المعقّدة في منطقتي شمال سوريا وشرقها”. ويشدد على أنه “لا يمكن تأكيد المقولات ونظريات المؤامرة التي تشير وعلى الدوام إلى تعاون وتنسيق عالي المستوى بين النظام وداعش. الأصح من وجهة نظري هو القول إن هناك اختراقا للتنظيم، والأخير أيضا ربما يكون قد اخترق النظام استخباراتيّا. وهذا ينطبق على الكثير من المجموعات المقاتلة في سوريا”. وتقول أوساط عسكرية إن تمكّن الجيش وداعميه الإيرانيين والروس من فك الحصار عن مدينة دير الزور سيعدّ ضربة معنوية قاصمة لمسلحي التنظيم في المحافظة الاستراتيجية، وقد يعمد عناصره إلى الفرار باتجاه الرقة أو العراق، وهذا بالتأكيد تأخذه القوى المهاجمة بعين الاعتبار. وتشير هذه الأوساط إلى أن إيران على وجه الخصوص ستكون من مصلحتها تعطيل مفاعيل تقدّم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيّا باتجاه الشرق، واستنزافها في الرقة حيث تخوض معارك منذ أسابيع عدة ضد مقاتلي داعش. ومعلوم أن قوات سوريا الديمقراطية، التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي الحليف الأوثق للولايات المتحدة في سوريا. وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية مؤخرا عن استعداداتها للتقدم باتجاه دير الزور، مشيرة إلى أن ذلك قد يكون قبل حسمها لمعركة الرقة، وهذا مفهوم أمام تسارع التطورات في هذه المنطقة جراء تقدم النظام السريع هناك.
مشاركة :