خبراء لـ «العرب»: قطر أقنعت العالم بعدوان دول الحصار

  • 9/5/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أكد خبراء أن إدارة دولة قطر لأزمة الحصار تميزت بالواقعية والعقلانية، بالإضافة إلى اتخاذها سياسة عدم التصعيد، ونشطت دبلوماسيتها وإعلامها في شرح وجهة النظر القطرية. وأضافوا في تصريحات لـ «العرب»، أنه منذ اليوم الأول، أدرك صانع القرار القطري أن استراتيجية دول الحصار تقوم على مبدأ «الصدمة والترويع» الرامية إلى إضعاف الطرف المقابل وإجباره على الاستسلام، الأمر الذي جعل امتصاص الصدمة الأولى في قائمة الأولويات، بغرض إفقاد نهج الترويع بتهديدات عسكريّة زخمه. وأكدوا أن قطر استفادت من الأزمة السابقة 2013-2014 واستعدت لهكذا احتمالات، وبنت تصورات وكونت استراتيجيات وخططاً تساعدها في تجاوز أي مناطق ضعف ومواجهة أي من الإجراءات المتخذة من قبل جيرانها. وأوضحوا أن قطر اعتمدت بالأساس على الارتكاز على القانون الدولي لإقناع العالم بعدوان دول الحصار، ونزع الشرعية عن ادعاءاتها، وتنويع مصادرها الاقتصادية وتحريك تحالفاتها الخارجية، خاصة في مجال الدفاع لردع أي اعتداء عسكري محتمل، وإرغام دول الحصار على التحرك في حدود العمل الدبلوماسي والاقتصادي. تقية: قطر أفشلت المخططات.. وانتقلت إلى «الهجوم المضاد» قال حواس تقية، الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، إن قطر استعملت في إفشال الحصار عدداً من الموارد والاستراتيجيات، جعلتها تنتقل من امتصاص الصدمة إلى وقف الهجمة إلى الهجوم المضاد لعزل حلف المحاصرين ثم الشروع في تفتيته. وتتخلص الموارد عموماً في تماسكها الداخلي وقوتها الناعمة ومواردها المالية والاقتصادية وتحالفاتها الدولية، أما الاستراتيجية فاعتمدت بالأساس على الارتكاز للقانون الدولي لإقناع العالم بعدوان دول الحصار ونزع الشرعية عن ادعاءاتهم، وتنويع مصادرها الاقتصادية، وتحريك تحالفاتها الخارجية خاصة في مجال الدفاع لردع أي اعتداء عسكري محتمل، وإرغام دول الحصار على التحرك في حدود العمل الدبلوماسي والاقتصادي. وقسم تقية استراتيجية قطر إلى مراحل، اتسمت المرحلة الأولى بامتصاص الصدمة، وقد اعتمدت قطر بالأساس على تماسكها الداخلي المستمد من الشرعية السياسية التي تحظى بها القيادة القطرية عند مواطنيها والوافدين معاً، فتمكنت من إفشال مخطط دول الحصار المتمثل مع بداية الهجوم في إحداث حالة هلع وارتباك وفوضى تشل الحياة في الدوحة، وتصيب القيادة القطرية بإحباط يضطرها إلى التسليم لدول الحصار بما يريدون. وأشاد تقية بمساهمة الجزيرة بشكل خاص، والإعلام القطري بشكل عام، في توعية القطريين وبقية الرأي العام الدولي بأن ما تقوم به دول الحصار يُعدّ عدواناً يخالف القانون الدولي وهدفه انتهاك سيادة دولة مستقلة، وأن ما تروج له دول الحصار تزييف للحقائق وللصواب، وأن الدوحة في موقف شرعي للدفاع عن النفس وتتعرض لاعتداء وليست هي المعتدية كما تزعم دول الحصار. ومع تماسك الجبهة الداخلية، شرعت القيادة القطرية في المرحلة الثانية وهي مرحلة وقف الهجمة من خلال استعمال مواردها التي جهزتها من سنوات طويلة، وتنحصر في ثلاثة موارد، هي: القوة الناعمة، والقوة الاقتصادية، والتحالفات الدولية العسكرية. ولفت تقية إلى أن قطر راهنت على القوة الناعمة من بداية عهد صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. والمقصود بالقوة الناعمة قوة الإقناع والمثال والإعجاب، وقد استثمرت قطر استثمارات عديدة في هذا الاتجاه مثل قناة الجزيرة التي تمكنت من إقناع الرأي العام بأن ما يجري يُعدّ حصاراً وعدواناً، وتفنيد رواية دول الحصار التي زعمت أن ما تقوم به عقاب لقطر على دعمها لما تسميه الإرهاب. إضافة إلى أن قطر استثمرت في صورتها التحديثية من خلال ما تقوم به في مجال المرأة والتعليم بقيادة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، كما في مجال الرياضة سواء بامتلاكها لفريق باريس سان جرمان أو فوزها بتنظيم كأس العالم، بحيث تشكّلت صورة لدى الرأي العام تربط بين قطر ونشاطات إيجابية وعصرية. ولا تمتلك دول الحصار رغم أموالها وعددها السكاني ومساحتها صورة إيجابية تضاهي صورة قطر، فخسرت دعم الرأي العام خاصة الغربي، المهم جداً في تحديد مواقف القيادة الغربية من السياسات الخارجية. مضيفاً أن الأزمة وضعت ما يجري داخل دول الحصار في دائرة الضوء على المستوى الدولي، فتداولت وسائل الإعلام الدولية انتهاكات حقوق الإنسان في دول الحصار، وتعديها على القانون الدولي وسيادة الدول كما في حالة السعودية والإمارات سواء في ليبيا أو اليمن أو غيرها، وفشلها في علاج مشكل الإرهاب بداخلها بل بتلكؤها أو تواطؤها في مواجهته مما يسبب اضطرابات على المستوى الإقليمي والدولي. مؤكداً على أن القوة الناعمة التي تميزت بها قطر جعلت دول الحصار تفقد بالأساس مساندة الرأي العام بداخلها وخارجها. أما القوة الاقتصادية فلعبت أيضاً دوراً مهماً في مرحلة امتصاص الصدمة بفضل دولة الرفاه التي أنتهجتها القيادة القطرية، علاوة على أن السياسة الاقتصادية مكّنت قطر من توفير مصادر بديلة للبضائع والحاجات التي أوقفتها دول الحصار، فلم تعانِ الأسواق القطرية من نقص في الأغذية. إضافة إلى أن الاستثمارات القطرية أنشأت شراكات دولية قوية تجعل دولاً كبرى مثل بريطانيا ترفض الإضرار بقطر لأن الضرر سيلحق بها أيضاً بفضل الترابط الوثيق بين الاقتصاديين القطري والبريطاني، وقد ظهر الترابط الاقتصادي بشكل وثيق في مجال الغاز حيث تُعدّ الدوحة مصدراً رئيسياً للغاز المسال للدول الكبرى بآسيا مثل اليابان وكوريا والصين، ويُعدّ الإضرار باقتصاديات تلك الدول إضراراً بالاقتصاد العالمي لأنها تمثّل قاطرة الاقتصاد الدولي. كما أكد تقية على أن الورقة الاقتصادية لعبت دوراً مهما في مرحلة وقف هجوم دول الحصار؛ لأن تهديدها بمزيد من العقوبات الاقتصادية لم يقع نتيجة خوفها من الأضرار التي تصيب دول غربية كبرى وآسيوية إن فرضت مزيداً من العقوبات على الاقتصاد القطري. لعبت أيضاً التحالفات العسكرية دوراً مهما في وقف هجوم دول الحصار، خاصة موقف وزارة الدفاع الأميركية الداعم لقطر لأنها شريك عسكري رئيسي، إضافة للموقف التركي الحاسم في الوقوف إلى جانب الدوحة إن تعرضت لأي عدوان عسكري. المرحلة الثالثة وهي مرحلة الهجوم المضاد وتفتيت التحالف، وقد استعملت الدوحة عدداً من الأوراق المهمة، مثل الورقة الحقوقية التي أبرزت انتهاكات دول الحصار للحق الإنساني، كتفريق العائلات وانتهاك حق الملكية وحق التعليم وحق الإقامة، مما اضطر دول الحصار إلى التراجع. وأوضح تقية أن قطر نجحت أيضاً في كسب الرأي العام الإسلامي بإظهار استعمال السعودية للحج لتحقيق مكاسب سياسية، مما اضطر السعودية إلى تقديم تنازلات حتى لا تتعرض لإدانات دولية في العالم الإسلامي وتكون حلقة في سلسة مطالبات سابقة بتدويل إدارة الحج وانتزاعها من السلطات السعودية. باعبود: الدوحة أدارت الأزمة بمهنية واحترافية قال الدكتور عبد الله باعبود مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر إن أزمة مقاطعة وحصار قطر كانت غير متوقعة، ولم تكن هنالك مؤشرات تدل على وجود خلاف بين قطر والدول المحاصرة خصوصاً تلك الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. وحيث صُدم الجميع بهذه الأزمة المفتعلة وبحدتها خصوصاً عملية مقاطعة ومحاصرة دولة جارة شقيقة وشريكة وبدون مقدمات وفي الشهر الكريم. ولفت باعبود أن قطر أدارت الأزمة بكل مهنية واحترافية، وأكد أن قطر استفادت من الأزمة السابقة 2013-2014 واستعدت لهكذا احتمالات وبنت تصورات وكونت استراتيجيات وخططاً تساعدها في تجاوز أي مناطق ضعف ومواجهة أي من الإجراءات المتخذة من قبل جيرانها. فمن خلال سياستها الخارجية النشيطة والفعالة بَنت قطر شبكة من العلاقات الإقليمية والدولية مكنتها من كسب أصدقاء والحصول على الدعم المناسب وفي الوقت المناسب لتجاوز هذه الأزمة. ومثل هذا كان علاقتها مع إيران، التي وإن لم تكن ودية وحميمية مثلما ادعت دول الحصار فإنها كانت متوازنة وعقلانية، ولم تقطع شعرة معاوية. كما أن العلاقات العسكرية والاستراتيجية مع تركيا أثبتت جدواها في هذه الأزمة، وكذلك علاقاتها مع دول الإقليم والتي إن لم تكن بعضها ساعدت الموقف القطري فإنها لم تنضم لدول الحصار رغم الضغوطات الهائلة عليها من قبل دول الحصار، ووقفت على الحياد. وأضاف باعبود أن علاقات قطر المتميزة مع القوى الكبرى ساهمت في استمالة هذه القوى للموقف القطري بل ومساهمتها في إيجاد حلول لهذه الأزمة. وأكد أن قطر تعلم أنها تعيش في منطقة صعبة تكثر فيها النزاعات والصراع والتهديد الأمني والفردانية في اتخاذ القرار، فكان لابد لها من الاستعداد لمواجهة كل الاحتمالات. أما على المستوى الداخلي فقد طورت قطر بنيتها الأساسية الحرجة من شبكة مواصلات حديثة كالمطار والميناء ومخازن الاحتياط الغذائي والمؤسسات المالية والاحتياط المالي وغيرها من البنى الأساسية التي ساهمت في التقليل من أثر الأزمة وتجاوزها. وهكذا أيضاً ساهمت شبكة الإعلام المتطورة التي أسستها قطر في توضيح الموقف القطري للرأي العام الإقليمي والعالمي. وما ساهم في وقوف الرأي العام مع قطر هو أيضاً طبيعة هذه الأزمة المفتعلة وعدم شرعية الحصار وسوء إدارة دول الحصار للأزمة ومحاولة فرض شروط تعجيزية وإملاءات على قطر، وكذلك المعاملة غير الإنسانية للمواطن القطري والمقيمين في قطر ومن ضمنها منعهم من أداء فريضة الحج. وأشاد باعبود بإدارة قطر للأزمة التي تميزت بأنها إدارة واقعية وعقلانية تستنكر القرصنة والحصار وتدعو لرفع الحصار والحوار غير المشروط، واتخذت قطر سياسة عدم التصعيد ونشطت دبلوماسيتها وإعلامها في شرح وجهة النظر القطرية ودعمها الجاد لجهود المصالحة التي تبنتها الكويت مدعومة من سلطنة عُمان. ولجأت قطر للقانون الدولي والشرعية الدولية لتخفيف أضرار الحصار وتمسكت بخط أخلاقي للتعامل مع الأزمة لتقليل الأضرار الاجتماعية الإنسانية. المصطفى: الوعي الشعبي تصدى لجريمة العبث بالنسيج الاجتماعي وصف حمزة المصطفى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إدارة قطر للأزمة الخليجية بأنها استراتيجية، وتميزت بالاتزان وتجنب ردات الفعل الارتجالية غير المنضبطة، وتدرجت في منحاها من أساليب الامتصاص والاحتواء إلى أساليب حمائيّة وأخرى وقائيّة، مهدت في فترة لاحقة إلى التخلي عن النهج الدفاعي وتبني أساليب أكثر هجومية. ولفت المصطفى أنه منذ اليوم الأول، أدرك صانع القرار القطري أن استراتيجية دول الحصار تقوم على مبدأ «الصدمة والترويع» الرامية إلى إضعاف الطرف المقابل وإجباره على الاستسلام، الأمر الذي جعل امتصاص الصدمة الأولى في قائمة الأولويات بغرض إفقاد نهج الترويع بتهديدات عسكريّة زخمه، ومن ثم معالجة الثغرة العسكرية – الأمنيّة لإصلاح الخلل في التوازن الهش، عبر تفعيل المعاهدة الدفاعية مع تركيا بشكل سريع، بعد انحياز ترمب إلى دول الحصار. وأشاد المصطفى بسرعة قطر في تفعيلها مجموعة من الإجراءات الوقائيّة، لعل أبرزها سحب ورقة «تمويل الإرهاب» من التداول السياسي في الأزمة، ومن باب سد الذرائع وقعت الدوحة مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بهذه المسألة، وساهم في حشد البيروقراطية الأميركية ممثلة بوزارتي الخارجية والدفاع ضد انحياز ترمب إلى دول الحصار، بعد ذلك تفرغت الدبلوماسية القطريّة إلى حشد القوى الدولية الكبرى والإقليمية ضد الإجراءات التعسفية لدول الحصار، وخرجت بنتائج ملموسة نلمس آثارها يومياً برفض غالبية الدول الهامة منطق الحصار في حل الخلافات بين الدول. وأكد أن وعي القيادة القطرية وتعاملها المسؤول كان المحدد الأول والرئيس في نجاح إدارة الأزمة وفشل الحصار، لكن ثمة مجموعة من العوامل المساعدة يأتي في مقدمتها الوعي الشعبي الذي فوت فرصة العبث بالنسيج الاجتماعي.;

مشاركة :