رفع الحظر عن تويتر يكشف الفجوة بين جيلي الحكم في إيراناقترح وزير الاتصالات والتكنولوجيا الإيراني الجديد محمد جواد أزاري جهرومي رفع الحظر المفروض على “تويتر” وأفاد بأنه وسيلة هامة للتعبير عن الرأي. وأكد الوزير أن القرار النهائي ليس راجعا لوزارته بل إنه بيد المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني الذي يسيطر عليه رجال الدين المتشددون الذين قد يرفضون رفع الحظر على تويتر. وهو ما يشكل ملامح اختلاف بين جيلي الحكم الحالي في إيران التي من شأنها أن تعبر عن الصراع الدائم بين جيل الشباب وبين الطبقة الحاكمة من رجال الدين الأكبر سنا ونفوذا.العرب [نُشر في 2017/09/06، العدد: 10743، ص(12)]في الحملات الانتخابية يتاح التواصل الافتراضي طهران - لفت وزير الاتصالات والتكنولوجيا الإيراني الجديد محمد جواد أزاري جهرومي الأنظار إليه في أول أيام عمله ضمن حكومة روحاني بحديثه عن عزم الوزارة رفع الحظر المفروض على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” منذ العام 2009 الذي شهد اضطرابات كبيرة سميت “بالثورة الخضراء” عقب إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية. وينوي الوزير الجديد رفع الحظر عن العديد من المواقع التي حظرت بالتزامن مع حظر تويتر مثل يوتيوب بعد "حذف محتوياته غير الأخلاقية والتي تتنافى مع الثقافة الإيرانية وتهدد الطابع الإسلامي للبلاد". وقد تصطدم نوايا الوزير الشاب برفض المحافظين والمتشددين الذين يسيّرون دفة الحكم في إيران ويتخذون القرارات في القضايا الكبرى والمصيرية، وعلى رأسهم السلطة الدينية التي يقودها المرشد الأعلى علي خامنئي. ويرجع الخلاف الحقيقي بين جيلي الحكم الحالي في إيران إلى الاختلاف في النظر للأشياء وتقييمها واعتبارها خطرا على المجتمع الإيراني من عدمه. وهو الاختلاف الذي تكشفه النظرة إلى مواقع التواصل الاجتماعي. فالمسافة شاسعة بين من يرى فيها تهديدا للأمن والنظام في إيران ويعتبرها بابا قد يدخل الفساد الأخلاقي في المجتمع الإيراني مثلها مثل كل شيء متأت من الغرب من شأنه أن يهدد الثقافة الإيرانية الإسلامية، وهي وجهة النظر التي يتبناها كبار المسؤولين من رجال الدين المتشددين والكبار في السن وبين من يعتبر وسائل التواصل الاجتماعي أداة للتعبير عن النفس وللتواصل مع الآخر عبر العالم الافتراضي وهو الطرف الذي يمثله وزير الاتصالات الشاب. وأعلن جهرومي بأن وزارة الاتصالات والتكنولوجيا بدأت فعلا محادثات مع المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني من أجل تحرير المحتوى في يوتيوب وتجربة المزيد من الوصول إلى وسائل الإعلام الاجتماعية في الجامعات. ويعد وزير الاتصالات والتكنولوجيا، محمد جواد أزاري جهرومي، أصغر وزير في الحكومة الإيرانية الجديدة، وفي جل الحكومات التي عقبت ثورة 1979 الإسلامية بإيران، إذ لم يتجاوز الـ36 سنة من العمر. ولا يعدّ هذا التصادم والاختلاف في الرأي جديدا في إيران بين الأطراف الإصلاحية في الحكومة الإيرانية وعلى رأسها الرئيس حسن روحاني وبين السلطة الدينية المحافظة والمتشددة، حيث لاقت خطوات ونوايا روحاني بانفتاح إيران على الغرب دبلوماسيا واقتصاديا ردود فعل رافضة وعنيفة من قبل الشخصيات المتشددة والمسيطرة في البلاد. والاختلاف ذاته وردة الفعل ذاتها وارد أن تتكرر مع وزير الاتصالات الجديد لأنه ينوي تحقيق المزيد من الانفتاح للشعب الإيراني عبر الإنترنت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبرها السلطة الدينية المتشددة تهديدا لمبادئ الدولة الإسلامية الإيرانية.وسائل التواصل الاجتماعي توفر للمواطنين منصة هامة للتواصل والتعبير، وهو ما حرمهم منه رجال السلطة المتشددون وبالرغم من أن الشخصيات المتشددة في أعلى هرم السلطة أقرت حظر تويتر ويوتيوب إلا أن كبار المسؤولين في النظام يبيحون لأنفسهم استخدامها فيما يبذل الشباب وباقي الشعب الإيراني جهودا للتحايل على الحظر ولاستخدام هذه المواقع وهي تلقى اقبالا ورواجا كبيرين في إيران. ويمتلك العديد من المسؤولين في الحكم ومن بينهم الأكثر تشددا حسابات خاصة على تويتر، وهي نشيطة وبأكثر من لغة ومن بينهم المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف. ويبدي هؤلاء وغيرهم من رجال السياسة الإيرانيين آراءهم وتعليقاتهم على الأحداث في العالم عبر تغريدات تويتر باللغة الفارسية لمتابعيهم في إيران وباللغة الأنكليزية لتصل مستخدمي هذه الشبكات التواصلية خارج إيران. وحتى الرئيس السابق محمد أحمدي نجاد الذي حظرت هذه المواقع في فترة حكمه لديه حساب على تويتر. واعتبر وزير الاتصالات والتكنولوجيا محمد جواد أزاري جهرومي أن “وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي توفر للمواطنين منصة هامة للتواصل والتعبير عن أنفسهم” وهو ما حرمهم منه رجال السلطة المتشددون واعتبروه تهديدا للنظام والأمن في إيران، ولعل هذه أولى نقاط الاختلاف الظاهر للعيان بين الجانبين في الحكم بين الشباب وبين رجال الدين المتشددين. وأضاف جهرومي “أنا نفسي أستخدم تويتر، وهو أداة جيدة للدبلوماسية العامة، وإقامة علاقات مع الناس حول العالم، والتعبير عن تعليقات حول القضايا المختلفة”، مؤكدا أن وزارته لم تحظر تويتر، كما أنها لا تستطيع اتخاذ قرار بشأن إلغاء الحظر من عدمه، لأن الحظر نفسه مرتبط بأسباب أمنية وليس له علاقة بالقضايا الأخلاقية والثقافية. وأعلن الوزير أن المفاوضات جارية مع موقع “تويتر” لرفع الحظر قائلا “تويتر ليس بيئة غير أخلاقية يجب حجبها”، موضحا أن الموقع “أعلن عن استعداده التفاوض لحل المشاكل” مع طهران. وبالرغم من هذه التصريحات التي تروّج إلى أن الوزير الجديد يحمل نفسا شبابيا تواقا للانفتاح ولدعم الحريات وتوسيع نطاقها عبر إتاحة التواصل الافتراضي إلا أن متابعين للشأن الإيراني يرون أنه مستغرب أن تصدر هذه التصريحات عن ضابط سابق في الاستخبارات الإيرانية التي لا تفوت فرصة قمع الحريات على الإيرانيين خصوصا منها حرية التعبير، وهو ما جعلهم يذهبون إلى تفسير نوايا رفع الحظر على شبكات التواصل الاجتماعي بأنها وسيلة جديدة تتخذها السلطات الإيرانية وحراسها لتسهيل مراقبة المواطنين بسبب توجههم لاستخدام شبكات ذات درجة تشفير عالية مثل تيليغرام. يضاف إلى ذلك أن وزير الاتصالات والتكنولوجيا جهرومي حظي بأقل عدد من أصوات النواب أثناء مصادقة البرلمان على الوزراء الجدد في حكومة روحاني، ويرجّح محللون أن مرد ذلك ليس فقط صغر سنه وقلة خبرته بل بسبب خلفيته المثيرة للجدل في أجهزة الاستخبارات الإيرانية. ويؤكد ناشطون محليون أنه لعب دورا مهما في حملة القمع العنيفة التي شنتها السلطات على المتظاهرين في العام 2009. ويعدّ أحد المسؤولين على حظر مواقع التواصل الاجتماعي آنذاك، لكن جهرومي نفى هذه الانتقادات في حديث له مع صحيفة إيران دايلي المحلية معتبرا أنها تهم تستهدف تشويه سمعته. وصرح جهرومي أثناء لقائه أعضاء مجلس الشورى “لم أكن مسؤولا عن الرقابة، كنتُ مسؤولا عن البنية التحتية التقنية لصناعة الرقابة، وهو ما اعتبره شرفا لي”.
مشاركة :