مـــقـــدمـــة:- جاءت الأزمة الخليجية لتعصف بآخر نموذج عربي للوحدة كان من المتوقع أن يتسم بالديمومة والاستمرار، أو على الأقل استمرارية التعاون والتنسيق، بدلاً من الوحدة، ولكن تأثير الأزمة الأخيرة يتعدى كل ما هو واضح أمامنا؛ ليضرب أمن دول المجلس كافة، ويعرضها لمخاطر سوف تنفجر عاجلاً أم آجلاً، فمن الآن فصاعداً دول الخليج لن تنظر إلى بعضها البعض على أنها دول حليفة بل إن النظرة ستكون من منظور بعض الدول، مثل قطر على أنهم أضحوا جيراناً يشكلون خطراً على وجودها، وفي تبعات متصلة لهذه الأزمة جاء التأثير على مشاريع التكامل الأخرى لدول المجلس، ومن المرجح أن سياسات المجلس ستتحول من أمن جماعي لدولها كافة إلى أمن انعزالي لكل دولة منفردة عن الأخرى. فسواء اجتمعت دول الخليج أم لا، ستبقى إشكالية عدم قدرة المجلس على تحقيق الأمن الجماعي للدول الأعضاء سواء منفردة أو مجتمعة، فعلى الرغم من القدرات الاقتصادية الهائلة لدول المجلس تبقى "المعضلة الأمنية" تتصدر كبرى مشكلات المجلس منذ نشأته، فدول الخليج تعاني أساساً من نقص فى الموارد البشرية لديها بالإضافة إلى عدم قدرتها على تطوير المنظومة الدفاعية بشكل متكامل، وحتى عندما اتفقت دول المجلس على إنشاء قوة مشتركة هدفها الحفاظ على الأمن الخليجي سُميت بقوات "درع الجزيرة" إلا أنها واجهت عقبات عديدة. أُنشئت قوات "درع الجزيرة" نوفمبر|تشرين الثاني 1982 أي بعد عام على إنشاء المجلس بهدف حماية أمن الدول الأعضاء وردع أي عدوان خارجي. بعد احتلال الولايات المتحدة للعراق وإسقاطها لنظام "صدام حسين" صرح "يوسف بن علوي" وزير الشؤون الخارجية العماني فى نوفمبر 2005 بأن قوات "درع الجزيرة" لم يعد لها حاجة بعد زوال نظام صدام حسين، وبعد هذا التصريح اقترحت السعودية تفكيك قوات "درع الجزيرة"، وأن تشرف كل دولة على وحداتها والتي يمكن استدعاؤها فى حالة الضرورة، ولكنها عادت فى نوفمبر 2006 لتقترح توسيع قدرات الدرع وإنشاء نظام مشترك للقيادة، وفي مايو|أيار 2008 تم الاتفاق على تمركز قوات درع الجزيرة فى بلدانها الأصلية. ومع هذا ورغم إنشاء دول مجلس التعاون الخليجي قوات مشتركة لردع أي هجوم تتعرض له دول المجلس، إلا أن فاعلية هذه القوات على أرض الواقع لم نلحظها بشكل جدي، كما يُؤخذ عليها عدم أهليتها الكافية لخوض الحروب في مختلف الظروف، ناهيك عن موقفها السلبي إبان الغزو العراقي للكويت أغسطس|آب 1990 حيث تم الاستنجاد حينئذ بالولايات المتحدة. كل ما سبق بالإضافة إلى الأزمة الخليجية الأخيرة ما هو إلا زيادة فى تعميق الخطر الأمني الخليجي. ومن هنا كانت دراستنا التي تبدأ بمناقشة مفهوم الأمن الخليجي المشترك، وصولاً إلى تحليل المخاطر المحيطة بالجزيرة العربية، واسترسالاً بسؤال حول كيفية تحقيق الأمن الجماعي لدول المجلس، وانتهاءً بإمكانية تطبيق ذلك فى ظل الأزمة الراهنة. أولاً: مفهوم الأمن المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي يتمحور مفهوم الأمن الجماعي لدول الخليج على عدة أبعاد (البعد الاقتصادي - البعد السياسي - البعد الأمني)، وهذا بعكس كل أنظمة الدفاع في العالم؛ حيث يرتبط تحقيق الأمن ارتباطاً وثيقاً بتحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي، إذ إن المجلس في بداية نشأته لم ينوه فى أي من أهدافه البعيدة المدى أو القريبة بنص صريح يدعو إلى إقامة أمن مشترك بينهم، إذ ضمت لوائح المجلس نصوصاً للتنسيق والتكامل في مجالات عدة، ذكر منها التعاون الاقتصادي والاجتماعي، لكنه لم يذكر المجال الأمني؛ لذا فإن إضافة البعد الأمني كان ضرورة بسبب الأوضاع المحيطة بالمجلس ولمواجهة التحديات المتاخمة لحدوده. إذاً فمفهوم الأمن الجماعي لدول الخليج يعني صيانة سلامة وأمن وسيادة دول مجلس التعاون الخليجي، والمحافظة على التكامل فيما بينها. ثانياً: أسباب قيام تحالف أمني لدول الخليج تعتبر منطقة الخليج إحدى أهم المناطق الاستراتيجية في العالم؛ كونها تتحكم في العديد من المضايق الهامة، بالإضافة إلى أنها تحتضن نصف الاحتياطي العالمي للنفط، ولكنها في ذات الوقت تقع وسط إقليم مضطرب ومُنعدم منه مفهوم الاستقرار، فقد شهدت منطقة الخليج في العقود الثلاثة الأخيرة ثلاث حروب، بالإضافة إلى أنها الآن ميدان للعمليات الإرهابية، الأمر الذي طرح على قادة مجلس التعاون إشكالية إقامة منظومة أمن جماعي يضمن للمنطقة بأكملها الأمان ولردع أي عدوان على الخليج العربي. ووفقاً لحالة الضرورة هذه أقرت دول المجلس منذ عام 1987 استراتيجية أمنية شاملة، وهي عبارة عن إطار للتعاون والتنسيق الأمنى، تلاها عام 2002 وضع استراتيجية أمنية لمكافحة الإرهاب والتطرف، ثم أقرت عام 2004 التوقيع على اتفاقية مشتركة لمكافحة الإرهاب، كما أفرزت القمة الثلاثون بالكويت لقادة دول مجلس التعاون التي عُقدت فى 15 ديسمبر"كانون الأول 2009 الاستراتيجية الدفاعية التي حظيت مسبقاً بموافقة رؤساء الأركان ووزراء دفاع الدول الأعضاء. يتبين مما طرحناه سلفاً أن الهاجس الأمني كان مسيطراً على فكر قادة المجلس؛ لذلك أخذ التعاون والتنسيق بينهم شكلاً جاداً في مجال الدفاع والأمن، فأُنشئت قوات "درع الجزيرة"، كما وقعت الدول الأعضاء اتفاقية الدفاع المشترك في الدورة الحادية والعشرين لانعقاد المجلس في ديسمبر 2002. وكانت هذه الإتفاقية خلاصة لسنوات من التنسيق والتعاون بينهم، وتضمنت إنشاء مجلس الدفاع المشترك ولجنة عسكرية عليا منبثقة عنه. كان توقيع الاتفاقية خطوة إيجابية لتعزيز التعاون الأمني المشترك بينهم، ودفع البيئة الخليجية إلى الاستقرار بأيدٍ خليجية - خليجية وكخطوة في طريق الابتعاد عن المظلة الدفاعية الخارجية. وتبع توقيع الاتفاقية القيام بأشكال عديدة للتعاون العسكري تأكيداً على مفهوم الأمن الجماعي لدول المجلس، منها التمارين المشتركة، وتمارين ثنائية وثلاثية بحرية وجوية، كما تم توحيد المناهج العسكرية في دول الخليج، وشمل أيضاً هذا التعاون التنسيق بين أجهزة دول المجلس في مجالات عديدة، أبرزها (الاستخبارات العسكرية - منظومة السلاح - الدفاع ضد الأسلحة الكيميائية). ثالثاً: التهديدات الإقليمية والدولية للمجلس إن وجود مجلس التعاون الخليجي في إقليم مضطرب كهذا ما هو إلا زيادة تُضاف إلى الأعباء المثقلة لدى دول المجلس، فرغم كل الإمكانيات الاقتصادية الموجودة بحوزتها، فإنها تواجه صعوبات تُثقل كاهلها فى منطقة محفوفة بالمخاطر، وسنقوم بطرح أهم وأبرز التحديات التي يواجهها المجلس وهي كالتالي:الطموح النووي الإيرانيعدم استقرار العملية السياسية في العراقالحرب الأهلية المستمرة في سورياقضية الإرهابالأوضاع في اليمن2- الطموح النووي الإيراني:- إن امتلاك إيران للأسلحة النووية سيكون له تأثير على الأمن الإقليمي، ومنها أمن دول الخليج العربي على وجه الخصوص، فإيران تسعى دائماً إلى تعزيز دورها الإقليمي، سواء بطريقة شرعية أم غير شرعية، ولذلك سعت إيران للحصول على الطاقة النووية، فوجودها في إقليم يتسم دوماً بعدم الاستقرار جعل الخيار النووي أمامها هدفاً لا تراجع عنهُ ومر البرنامج النووي الإيراني بالعديد من المراحل منذُ انطلاقه، وقد أثرت جميع هذه المراحل بالبيئة الإقليمية والدولية، ومنها أمن الخليج، سواء كان لبرنامج طهران النووي صلة مباشرة أم غير مباشرة بأمن الخليج، فمن المحتم أن يكون له دور في تعظيم دور إيران الإقليمي، وهذا سيقودنا من دون أن نشعر إلى تقويض الوجود السعودي في الخليج العربي في الوقت الذي سيُفتح فيه الباب لإيران للعربدة في المنطقة، ناهيك عن تهديد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة ذات الصلة المباشرة بأمن الخليج. ومن تبعات امتلاك إيران أسلحة نووية هي صعوبة التوصل لصيغة مشتركة لأمن الخليج؛ حيث نوهت إيران مراراً برغبتها فى أن يكون لها دور في الترتيبات الأمنية الخاصة بالخليج، الأمر الذي ترفضه دول الخليج شكلاً وموضوعاً.3- عدم استقرار العملية السياسية في العراق: ساهمت سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وفي منطقة الخليج إلى بلورة عدد من القوى في المنطقة حتى تستطيع الولايات المتحدة الأميركية التعامل بفاعلية أكبر في منطقة الخليج، فكان لها دور في تأجيج الصراع العراقي - الإيراني؛ حيث كانت تسهم بمساعدة أي من الطرفين إذا مال ميزان القوة لصالح الطرف الآخر، إلا أن سياستها ساهمت في تعظيم دور العراق، الأمر الذي أدى إلى اجتياح العراق لدولة الكويت 1990، وكان لهذا أثره على صانعي القرار في الولايات المتحدة؛ إذ هيمنت عليهم فكرة تهديد العراق لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وخصوصاً تهديدها لأمن إسرائيل. ظل الوضع هكذا حتى تاريخ احتلال الولايات المتحدة للعراق عام 2003، فمن بعدها انتهى الخطر العراقي المُهدد لمصالح الولايات المتحدة، فتم إسقاط نظام "صدام حسين"، ودخلت العراق بعدها في حالة من الصراع السياسي وفراغ دستوري حتى اعتلى قمة النظام السياسي نظام طائفي تابع لإيران. إن الوجود الأميركي في العراق أسهم بشكل كبير فى حالة انعدام الاستقرار التي يعاني منها العراق حالياً، فحل الولايات المتحدة للجيش العراقي في مقابل وجود الجيش الإيراني بكامل قوته خلق فجوة واختلالاً بمعادلة الأمن الخليجي ككل. من المؤكد أن دول الخليج استاءت من الوجود الأميركي بالعراق لما أتبع ذلك من وجود إيراني قوي فى العراق ومنطقة الخليج، وأصبحت إيران تهدد بشكل مباشر وصريح أمن الدول الخليجية كافة. 4-الحرب الأهلية المستمرة فى سوريا:- نبدأ كلامنا بعبارة ألا وهي "لا توجد أزمة أو مشكلة في الخليج إلا وتجد إيران طرفاً رئيسياً فيها"، فإيران قامت بالتدخل في سوريا حينما رأت بوادر سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ حيث قامت بهذا التدخل مراعاة لمصالحها في سوريا، إذ تعتبر سوريا مجالاً حيوياً بالنسبة لإيران؛ لذلك نجد مطالبة دول الخليج والسعودية بإقامة فترة انتقالية في سوريا لا مكان فيها لبشار الأسد، فدول الخليج تعلم جيداً أن استمرار بشار الأسد ما هو إلا استكمال لمسلسل الجولات الخاسرة أمام إيران، ولهذا نجد استماتة من جانب الخليجيين إزاء هذا المطلب، فضلاً عن دعمها للمعارضة السورية كخطوة منها لتقويض الوجود الإيراني في سوريا، ولكن ما يقلق المجتمع الدولي من هذا المطلب (رحيل الأسد) هو عدم وجود بديل له على الأقل في الوقت الحالي، فسقوط النظام السوري يعني في رأي الدول الغربية اعتلاء الجماعات الإرهابية حكم سوريا، وهذا ما يقف مانعاً إزاء هذا المطلب. 5-الإرهاب:- تعاني المنطقة العربية عموماً من خطر التطرف المصحوب بالإرهاب، لكن لمنطقة الخليج وضع خاص؛ إذ يوجد بها أهم المناطق الاستراتيجية في العالم، وأمنها مرتبط باستمرار تدفق النفط للعالم الخارجي؛ لذلك فإن أمن دول الخليج لا تتحمله دولة وحدها؛ حيث نجد الولايات المتحدة أبرز المدافعين عن أمن الخليج العربي.6-الأوضاع في اليمن:- لم تكن اليمن بعيدة عن الدائرة الأمنية الخليجية؛ إذ شكلت اليمن مصدر تهديد مباشراً لأمن المملكة العربية السعودية بعد سيطرة جماعة "الحوثي" على العاصمة اليمنية صنعاء 21 سبتمبر/أيلول 2014، وبعدها دخلت اليمن فى حرب أهلية كانت لها انعكاساتها على أمن الخليج المفعم بالملفات الساخنة، ولم تتوانَ دول الخليج في الدفاع عن أمنها؛ حيث شكلت السعودية بمعاونة الدول العربية "التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن"؛ حيث تعتبر اليمن مجالاً حيوياً بالنسبة للسعودية، بالإضافة إلى إشرافها على مضيق "باب المندب" ذي الأهمية الاستراتيجية بالنسبة للسعودية. كل ما سبق يطرح إشكالية ألا وهي إمكانية مواجهة المجلس لمثل هذه الصراعات المهددة لأمنها. رابعاً: إمكانات المجلس البشرية والعسكرية: كانت قضية الأمن القومي الخليجي على رأس أولويات دول الخليج العربي، خصوصاً منذ حرب الخليج الأولى عام 1981، ولكن قلة عدد السكان شكلت عقبة أمام قيام قوة ردع مشتركة بين دول المجلس، وزاد الأمر تعقيداً بعد غياب العراق كقوة توازن في مواجهة الطموح الإيراني، ومن ثم كان من الضروري تقوية قدرات المجلس العسكرية وتوحيد القوى الخليجية في قوة ردع مشتركة، وهذا ما عبرت عنه قوات "درع الجزيرة" 1982. مما لا شك فيه أن دول الخليج تفتقر إلى القوة البشرية، ولكنها على العكس تمتلك قوة اقتصادية هائلة تمكنها من بناء قدراتها العسكرية والدفاعية، ولديها أيضاً سبيل آخر وهو التحالفات الخارجية لحفظ أمنها، وقد انتهجت دول الخليج الوسيلتين، ففي أراضيها أكبر القواعد الأميركية في العالم، فضلاً عن شرائها مؤخراً صفقات عسكرية هائلة تُقدر بمليارات الدولارات، ففى عهد "أوباما" الرئيس الأميركي السابق أُثيرت المخاوف أكثر لدى دول الخليج من أن القواعد وحدها لا تكفي، وأنه لا بد أن يكون لديها قوة ردع ذاتي تمكنها من تحقيق مصالحها في الخليج العربي، وهذا ظهر جلياً فى حرب اليمن؛ حيث استخدمت السعودية ودول الخليج قواتها فيما سُمي بـ"التحالف العربي"، في محاولة منها لتقويض نفوذ جماعة الحوثي المدعومة من إيران. خامساً: كيفية تحقيق الأمن الجماعي لدول المجلس: إن الأهم من إدراك المخاطر هو إيجاد وسيلة لمواجهة هذه المخاطر والخروج عن الإطار النظري، والنزول إلى أرض الواقع، وإيجاد السبل لمواجهة الأزمات والمخاطر الداخلية والمحيطة، وبالفعل هذا ما فعلته دول الخليج عندما وجدت تزايداً في الأخطار المحيطة بها، فقامت بسن قوانين وتوقيع اتفاقيات فيما بينها لمواجهة التحديات الأمنية، فاهتمت بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة، وتعزيز مشاركة وتعاون القطاع الخاص في تحقيق الأهداف الاستراتيجية والتفاعل معها. وبالفعل تحققت العديد من الإنجازات في مجال التعاون الأمني، من بينها إقرار المجلس الأعلى في دورته الخامسة عشرة في البحرين ما توصل إليه وزراء الداخلية بشأن التوقيع على الاتفاقية الأمنية الشاملة لدول المجلس، فضلاً عن إنشاء جهاز الشرطة الجنائية لدول المجلس، وعقد دورات تدريبية في مجال المراقبة والبحث ومكافحة الجرائم، وفي مجال مكافحة المخدرات أقرت الدول الست تشريعاً لمكافحة المخدرات منذ عام 1998، هكذا نجد أن المجلس قد نجح نوعاً ما في مواجهة بعض من تهديداته الأمنية من خلال موجة من التشريعات التوافقية. سادساً: تأثيرات الأزمة الراهنة على مفهوم الأمن الجماعي لدول الخليج: قبل أن تؤثر الأزمة الخليجية الأخيرة على أمن الدول الخليجية أثارت بينهم أزمة انعدام الثقة، فأصبح كل طرف يبحث عن مصالحه خوفاً من الجار الذي أصبح يسبب له مشكلات، فقطر مثلاً لم تعد تنظر إلى السعودية والإمارات على أنهما دولتان حليفتان، بل جيران يُثيرون مخاوفها ويهددون بقاءها. هذا الأمر ينطبق بشكل نسبي على عمان والكويت اللتين أصبحتا تخشيان الطموح السعودي الساعي إلى فرض الوصاية على دول الخليج كافة، والخضوع للإملاءات السعودية؛ لذلك نجد الكويت أخذت موقف الحياد الحذر -إذا جاز التعبير- فلم تقف مع السعودية لما رأت في ذلك خطراً عليها وأيضا لم تتكاتف مع قطر حيث لذلك تبعات هي في غنى عنها. إن تفسيرنا لمفهوم الأمن الجماعي في الفقرات السابقة كان يتمحور حول التكامل بكافة صوره، ولكن جاءت الأزمة لتعصف بهذا التكامل تدريجياً، حتى أصبحنا نقف الآن أمام مفترق طرق في أزمة غير مسبوقة لدول كانت من المنتظر لها أن تصل إلى الوحدة، كما جاء فى ميثاق المجلس. لذا فإن أمن الخليج الجماعي أصبح يفقد كثيراً من معانيه منذ اندلاع الأزمة، وحتى لو تم الاتفاق على حل فمن الصعب إيجاد ميثاق جديد للتعاون فيما بينهم لرأب الخطر المحيط بهم، لسبب كررناه مراراً وهو انعدام الثقة. خـــاتـــــمـــة:- إن وجود المجلس في إقليم مضطرب كهذا يحتم عليه إشكالية التعاون لمواجهة الأزمات المحيطة، وعليه فإن تصفية الخلافات بينها بالحوار أفضل سبيل للخروج من الأزمة بأقل الخسائر، وعليهم أن يعوا جيداً ما هو قادم من مخاطر، فالطموح النووي الإيراني، بالإضافة إلى عدم استقرار الأوضاع في كل من سوريا والعراق، وتمدد جماعة الحوثي فى اليمن، كل هذا يعتبر أخطاراً تهدد بقاء المجلس، فالتعاون وترك الخلاف جانباً هما السبيل الأمثل لمواجهة التحديات. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :