لعنة الحرب تلاحق لاجئون فروا من العنف في بلادهم نحو سوريا

  • 9/6/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

رغم الفوضى والدمار تستضيف سوريا التي شُرّد وهُجّر أكثر من نصف سكانها، نحو 55 ألف لاجئ فروا من الحروب في بلادهم منذ انطلاقتها. العرب  [نُشر في 2017/09/06]موت لا مهرب منه دمشق- فرّت الصومالية زهراء عبدي من العنف في بلدها لتجد نفسها محاصرة وعالقة في النزاع الدموي في سوريا، لكنها أصرت على البقاء خشية من "موت لا مهرب منه" اذا عادت الى مسقط رأسها. مع ثلاثة من اولادها، تعيش زهراء (47 عاما) في غرفة صغيرة داخل منزل في مساكن برزة في شمال دمشق، في حي كان حتى الامس القريب مجاورا لمنطقة معارك طاحنة. وتقول المرأة "في سوريا الموت منظم، يمكن ان تهرب منه، لكن في الصومال الموت عشوائي، في كل وقت وفي أي مكان، لا مهرب منه". وتشرح "ثمة قصف وحرب في سوريا لكن هناك ايضاً اماكن يمكن اللجوء اليها، اما في الصومال، يدخل المسلحون الى المنازل ويقتلون من فيها". وتستضيف سوريا التي شُرّد وهُجّر اكثر من نصف سكانها داخل البلاد وخارجها منذ بدء النزاع في العام 2011، نحو 55 الف لاجئ فروا من الحروب في بلادهم، وفق مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا. ويتوزعون بين 31 الف عراقي، بينهم من فرّ من المعارك مع تنظيم الدولة الاسلامية خلال السنوات الاخيرة، بالاضافة الى 1500 لاجئ أفغاني و1500 لاجئ سوداني وصومالي، والآلاف اللاجئين من جنسيات اخرى. ويعتاش هؤلاء من مساعدات تقدمها المفوضية او من اموال يجنونها جراء ممارستهم بعض الاعمال البسيطة. ولا يحتاج اللاجئون القادمون من دول عربية الى تأشيرات لدخول سوريا. وفرّت زهراء من احدى ضواحي مقديشو في العام 2012، بعدما فقدت ابنتها (10 سنوات) اثر اغتصابها وطعنها بالسكين. وتقول المرأة السمراء وقد افترشت الارض في غرفتها وسط جيرانها "لا أريد لنفسي شيئاً، أريد مكاناً آمناً لأبنائي". ومنذ العام 1991، يشهد الصومال حالة من الفوضى والعنف وسط هيمنة ميليشيات قبلية وعصابات اجرامية ومجموعات اسلامية متطرفة. هربنا حفاة واقامت زهراء بعد وصولها الى سوريا في بلدة التل في ريف دمشق التي سيطرت عليها الفصائل المعارضة في العام 2012 وشهدت حصارا متقطعا طوال اربع سنوات قبل ان يتم اجلاء المقاتلين المعارضين منها العام 2016. وأجبرها الحصار والمعارك على النزوح مع عائلتها الى دمشق في بداية العام 2014. ورغم الظروف الصعبة التي تعيشها، تعتبر زهراء ان المهم هو "أننا مقبولون من كل الأطراف في سوريا"، مضيفة "سكننا في مناطق المعارضة سابقاً واليوم نقطن بسلام في مناطق النظام". وبخلاف زهراء، وصل معظم اللاجئين من جنسيات مختلفة الى سوريا قبل بدء النزاع فيها في العام 2011، وفق مفوضية شؤون اللاجئين، على غرار فاتن العراقية وزوجها أليكس من جنوب السودان. وفرّت فاتن (45 عاما)، وهي كلدانية من بغداد في العام 2007، حين كانت تشهد البلاد حربا طائفية شرسة بعدما تعرضت عائلتها لتهديدات بالقتل كون شقيقتها كانت تعمل في مطبخ تابع للقوات الاميركية. وبدأت التهديدات بشعارات على جدران المنزل تتهم العائلة بـ"الخيانة"، وتعرض منزل العائلة الى إطلاق نار. وتقول فاتن "حين أحرقوا المنزل، عرفنا انها النهاية ولا بد من الفرار"، مضيفة "خرجنا أخي وأختي وأنا من دون ان نأخذ معنا شيئا، مشينا حفاة كي لا نصدر صوتاً اثناء هروبنا". لعنة الحروب ولجأت فاتن الى كنيسة جميع القديسين في ضاحية جرمانا قرب دمشق، حيث التقت بخادم الكنيسة أليكس امازيا (69 عاما) وهو لاجئ سوداني. وفي العام 1999، هرب اليكس من الحرب الاهلية الثانية في السودان، وبعد 12 عاماً، وخلال تواجده في دمشق، اعلنت جنوب السودان، المنطقة التي يتحدر منها، استقلالها. ولم تعترف سوريا بالدولة الجديدة، وبات أليكس من دون أوراق رسمية. وبعد نحو 18 عاما أمضاها في سوريا توفي خلالها والده وشقيقه من دون ان يتمكن من حضور جنازتهما، يؤكد اليكس انه "رغم كل الظروف الصعبة التي عشناها في سوريا، يبقى الوضع في جنوب السودان مروعا ولا يقارن بما نعيشه هنا". ويضيف "سوريا باتت جزءاً مني. أنا سوري". ويشهد جنوب السودان منذ العام 2013 حرباً اهلية سقط ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين. وتزوج أليكس وفاتن في العام 2014، وهما يعيشان ويعملان في كنيسة جميع القديسين التي تستقبل كل يوم احد عشرات اللاجئين المسيحيين تحديداً من العراق وجنوب السودان. وفي قاعة الكنيسة الضيقة، يتمايل عشرات المصلين وغالبيتهم جنوب سودانيين بثيابهم الملونة على ايقاع التراتيل التي ينشدونها. ومن جنوب السودان الى العراق ثم سوريا، تختصر فاتن قصتها مع زوجها قائلة "نشعر اننا عالقون هنا، لعنة الحروب تلاحقنا او نلاحقها". من الصومال ايضاً، انتقلت رقيّة عمر (60 عاما) الى سوريا في العام 2007 هربا من العنف في بلدها لتعيش تفاصيل الحرب السورية، وتشهد مع ابنها محمد (26 عاما) على معارك عنيفة في العام 2012 انتهت بسيطرة الفصائل المعارضة على بلدة حرنة حيث كانت تقطن قرب دمشق. وتقول السيدة التي تقيم حالياً في دمشق وهي تحمل بيديها بطاقة اللجوء خاصتها "عشنا كل تفاصيل الحرب مثل أي سوري، حوصرنا وسمعنا أصوات المعارك، لكنني لم أشعر بالخوف الذي شعرت به في الصومال حيث يطال الموت بالسكاكين والذبح أي أحد". وتقول وابنها بقربها "مللتُ الحرب، أحبّ أن أمضي ما تبقى من عمري مع ابني في أي بلد في العالم أي بلد لا توجد فيه حرب".

مشاركة :