في الماضي - قريب وبعيد - كانت فرص طرح آراء مختلفة المضمون متوفرة كلغة فقط.. وما كان هناك من يخاف أن يكون التدرج لدى من يتصرف أو يقول؛ وذلك بتوهّم وجود اطمئنان بأن الأكثرية الواعية تتجه إلى الأمام.. أي أمام تقدم نحن فيه الآن؟.. ماذا خلّف الأمس البعيد ومثله الأمس القريب من نماذج أفكار تم استخدامها ليتابع العربي الثوري ما استطاع الثوري الآسيوي - وبالذات في شرق آسيا - من الوصول إلى مجد حاضر مرموق؟.. كان المضحك عن ذلك الماضي في حاضرنا أن الكثير من رؤساء الدول العربية الثوريين يصاحبون رؤساء في دول غيرهم، لكنهم لم ينفذوا إلى إيجابيات لمشاريع أو على الأقل لأفكار اتجهت نحو المستقبل.. مخجل ما حدث في ذلك الماضي الذي رصد الكثير في الذاكرة من معلومات تبرز جوانب سلبية عن أشخاص محدودي العدد في كل دولة عربية، لكن لم توجد أفكار انطلقت نحو ما هو مطلوب لمستقبل أفضل.. أتى الحاضر.. العجيب القريب.. وتأكدنا بوجود ما كان احتماله بعيداً عنا.. بل تأكدنا أن الكثير من قياديي شعوبنا كانوا في حياتهم الإدارية أتوا بمستويات انهيارات متتابعة نتواجدها في قول شاعرنا الجاهلي القديم: مكرّ مفرّ.. مقبل مدبر معاً كجلمود صخر حطّه السيل من علِ أي أن الإنسان المرموق في نوعيات خلله كان يندفع «مقبلاً ومدبراً معاً»، وفي تعامله لم يكن موضوعياً ثم عقلانياً، وإنما كان ك«جلمود صخر» يندفع هو وغيره من نفس طائفته بغض النظر عن عدد الخلل ثم المآسي التي تتابعت.. لا ثقافات تتابعت على مدى ما لا يقل عن ألف ومئتي عام أوجدت تأثيراً على سلوكياته، ولا يمكن أن يسمى شمولية حضور الدين حيث لم يكتسب منه جزالة ما كان للإسلام من مضامين استهدفت تحسين منطلقات الإنسان نحو واقع جديد ليس بمحدودية له وإنما يوسع مسافات ما يشبه القارات، لكن ما حدث عند البعض هو إما معقّد مفاهيم أو ملحدها..
مشاركة :