إذا أردت أن تهرب من خطر محتمل لهجوم بقنلة نووية، فربما سيكون عليك أن تحفر تحت الأرض حتى تصل إلى أعماق بعيدة. عندما جاءت الحرب الباردة، وجاء معها التهديد بنهاية العالم، لجأت الحكومات، والمواطنون أيضا، للاختباء تحت الأرض، وذلك من خلال إقامة ملاجئ يمكنها أن تصمد في وجه أي هجوم بقنابل نووية. خلال الحرب العالمية الأولى، دفع القصف الجوي المدنيين إلى البحث عن مأوى يحميهم وبصورة عاجلة. أقرا أيضا : كوريا الشمالية: العقوبات لن تمنعنا من تطوير ترسانة نووية وقد دفع الهجوم الجوي الذي شنه الألمان خلال الحرب العالمية الثانية على مواقع في بريطانيا العديد من البريطانيين إلى بناء ملاجئ بسيطة داخل منازلهم. وكانت الملاجئ التي تعرف باسم "ملاجئ أندرسون" مجرد مخابئ صنعت بطريقة ارتجالية، وأقيمت من أجل إيواء هؤلاء الذين لا يمتلكون في منازلهم حديقة أو قبوا يمكنهم الاحتماء تحتهما. ومع ظهور الأسلحة النووية، أصبحت الحاجة إلى ملاجئ توفر الحماية الكافية أمرا ملحا. وبسبب المخاوف من الإشعاعات التي يمكن أن تخلفها مثل تلك الأسلحة، اضطر الناس إلى بناء ملاجئ تحت الأرض للبقاء فيها لفترات طويلة، حتى انخفاض مستويات الإشعاع في الجو إلى درجة تسمح لهم بالخروج مرة أخرى. لكن الملاجئ التي تؤسس للحماية من المخاطر النووية تحتاج إلى أن تكون محكمة الإغلاق، ولا ينفذ منها الهواء، حتى تبقي الهواء الملوث بالإشعاع بعيدا عن من يحتمون داخلها. اقرأ أيضا: ترامب: الحل العسكري للنزاع مع كوريا الشمالية جاهز تماما للتطبيق ويجب أيضا أن توفر هذه الملاجئ مساحات كافية للبقاء فيها لأسابيع، أو حتى أشهر، جنبا إلى جنب مع المواد الغذائية الضرورية. كانت بعض الملاجئ الكبيرة التي توفرها الحكومات تضم كل شيء تقريبا، وبشكل يُمكن المقيمين فيها من التواصل مع العالم الخارجي، ومعرفة ما يدور من حولهم. وتعمل مولدات الطاقة التي توضع في تلك الملاجئ من أجل توفير التدفئة، والطاقة، والتهوية اللازمة للإقامة. ملجأ المسؤولين الأمريكيين وكانت الخطة الأمريكية في حال نشوب حرب نووية في ذلك الوقت، هي أن يتجه كبار أعضاء الحكومة الأمريكية على الفور إلى مخبأ تحت الأرض يعلمون مكانه جيدا. وقد صمم ذلك الملجأ الذي يقع في مدينة "وايت سولفر سبرنغز" بولاية فيريجينا لاستضافة المسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة الأمريكية. وقد أصبح هذا الملجأ الآن مزارا سياحيا. السر السوفييتي كما أسس الاتحاد السوفيتي السابق أيضا شبكة من الملاجئ تحت الأرض من أجل حماية كبار مسؤوليه. وكان أحد هذه الملاجئ قد استضاف نحو1,500 شخص على مسافة تصل إلى 60 مترا تحت الأرض. وكان ذلك الملجأ الذي ظل مستخدما حتى عام 1985، يهدف أيضا إلى الحفاظ على وسائل الاتصال اللاسلكية والهواتف في مكان آمن في حالة تعرض البلاد لأي هجوم نووي. وبعد أن زادت وتيرة التوتر خلال الحرب الباردة، اتجهت العديد من الدول الأوروبية أيضا إلى بناء ملاجئ تحت الأرض، مثل ذلك الملجأ في بولندا، والذي كان يوما جزءا من قاعدة عسكرية للسلاح النووي السوفيتي. في بريطانيا، كانت الملاجئ التي أقيمت تحت الأرض تحتوي على غرف اجتماعات تشبه تلك التي نراها في بعض الشركات، وكانت مزودة بأجهزة اتصالات لاسلكية يمكنها أن تبث رسائل من القيادة البريطانية إلى الناس عبر موجات إذاعة بي بي سي. هل أصبحت الملاجئ جزءا من التاريخ؟ منذ سقوط سور برلين، تراجع التهديد المتعلق بنشوب حرب نووية، وتراجعت أيضا الأعمال المرتبطة بإقامة ملاجئ آمنة للحماية من مخاطر الحروب النووية. والآن، يُنظر إلى الملاجئ في بريطانيا على أنها آثار تاريخية تثير الفضول، وليس كضرورة ينبغي الحفاظ عليها. وقد عرض أحد هذه الملاجئ الذي يقع داخل منزل في بريطانيا للبيع مؤخرا. اهتمام مفاجئ والآن، أصبحت الملاجئ الآمنة التي يمكن أن تحمينا من التفجيرات والإشعاعات النووية تستحق الاستثمار بالفعل. ويقول رون هوبارد، أحد مهندسي بناء الملاجئ في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، إن هناك اهتماما متزايدا وبصورة مفاجئة بفكرة إقامة ملاجئ آمنة تحت الأرض، في ظل التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future .
مشاركة :