قريحة حاج فلسطيني تمطر "الفرائد" لمكة والمدينة والبقيع و"سلمان"

  • 9/7/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تثاقلت خُطى الحاج الفلسطيني "أبو سعد جرادات" وهو يهم بصعود "الباص 11" المنطلق من "بطحاء قريش" في مكة المكرمة إلى المدينة المنورة؛ بعد أن خلع "بياض" الإحرام، واكتسى قميصًا داكنًا موسومًا بالخطوط المتقاطعة؛ وكأنها تصف ذلك الحزن الذي يعتصر قلبه من أثر الرحيل إلى بلاده. هو ليس كارهًا "طيبة" البركة، ولا "الضفة الغربية" المناضلة ضد العدوان الصهيوني؛ بل يتضور ألمًا لرحيل "الأيام المعدودة" التي قضاها ضيفًا على "الرحمن" عبر برنامج الملك سلمان، في رحلة بدأت باستقبالهم بزمزم الشفاء، وعجوة الكرم، وورود البهجة، ثم طاف "المشاعر" بقلب ذاكر ولسان شاكر، بصحبة 1000 فلسطيني جاؤوا ليمنحوا شهداءهم نصيبًا من دعوات الرحمة. في الحافلة التي ما أن خرجت من مكة إلا وداهَمَ النعاس ركابها ليغُطوا في سباتٍ عميق، علّهم يستيقظون وهم على بعد أمتار قليلة من المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؛ كان "جرادات" يخفي دموع الوداع، ومطأطِئًا رأسه، متظاهرًا بالنوم، عندها "استلَّ" قلمه من غمده، وأخرج ورقة في ظهرها عناوين هاتفية لأقاربه كان قد كتبها مُمنِّيًا نفسه بالموت بين ظهرانَيْ مكة والمدينة، وأسند الحاج "جرادات" ورقته على حقيبة يدوية مليئة بالأدوية. وفِي الوقت الذي كان سائق الحافلة يرقب بحذر كاميرات الرصد، كان "جرادات" يحاول كبح جماح الدقائق والكيلومترات متلذِّذًا بصحراء قَطَعَها النبي الكريم بناقته "القصواء"، لتتناثر حروف "الوَجد" من قريحته بقصيدة "مكة"، وما أن فرغ منها حتى تسابقت "الفرائد" شوقًا للمدينة، ثم يصف "الحياة" في مقبرة "البقيع" التي تضم "لحودها" 10 آلاف صحابي، وبينما "الباص 11" تتقطع أنفاسه على حدود المنطقة المركزية للحرم النبوي جنوبًا بأبى الشاعر "جرادات" إلا أن يكمل قصيدة "رد الجميل" لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي مكّنه من الحج على نفقته -حفظه الله- وعرّج في أبياته على ثقل المملكة في العالمين الإسلامي والدولي، واصفًا شعبها بـ"المسك". وتوقفت حافلة ضيوف الملك سلمان في المدينة وكأن سائقها يقول لشاعر "الرحيل" الذي قطف من السنين 66 عامًا: ارحم فؤادك، واستغلّ دقائق العمر بنشوة الفرح فأنت بين قبر الرسول ومسجده، وعند قباء و"أحد"، و"نعناع" طيبة، وتراب البقيع الذي قال به: أقرئ سلامي للبقيع وصحبهِ إنَّ من سكن البقيِعَ كِرامٌ وأنثر على قبر الرسول محبّتي ولِجيرةٍ قرب البقيع عظامُ أهدي البقيعَ عظيم مودةٍ والروحَ مني للبقيع سلامُ.

مشاركة :