بقيت أصداء كلمة الملك حول دور العلماء تتردد في أقاصي المنطقة. الإشارة على «كسل العلماء»، وإلى صمتهم تجاه الأحداث كانت قوية وحاسمة من ملك اعتاد أن لا يخوض إلا بما يتم حسمه، وإنهاؤه، وإنجازه. هيئة كبار العلماء ومنذ تأسيسها عام 1971 صاحبة أدوار اجتماعية وفكرية كبرى، فهي التي تقود صوت الحكمة حين يسود اللغط والضجيج، وهي من ترسم خرائط الطريق الشرعية حين تتعدد الدروب ويتشتت الناس ويصبحون في حالٍ من التخبط. كان لها الدور المدوي في حرب الخليج عام 1990 حين استعانت المملكة بالأصدقاء والحلفاء الدوليين، استطاعت المؤسسة أن تضرب تحركات المتطرفين الذين عارضوا توجهات الدولة في حماية أراضيها من العدوان العراقي الغاشم. التضاؤل الذي يغشى دور هذه المؤسسة الدينية الرسمية الرزينة كان السبب الأساسي للعتب الملكي، ولحسن الحظ أن هذه الخضة أيقظت المسؤولين من استرخائهم واستطاعت أن تجعلهم يتحركون لإيجاد برامج لها قيمتها لترسيخ دور الهيئة في الشأن الاجتماعي، إذ سرعان ما أكدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، أنها وبتوجيه من المفتي العام للمملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، شرعت في وضع برنامج متكامل لتواصل أعضاء هيئة كبار العلماء مع كافة مناطق المملكة عبر محاضرات وندوات ودورات علمية تركز على المسائل التي يستغلها المتطرفون للتغرير بأبناء الوطن، وأبناء العالم الإسلامي عموما. الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ فهد بن سعد الماجد علق على كلمة الملك قائلا: «إن الإرهاب يأخذ الآن منحنيات جديدة بتبنيه من جماعات تدعي نصرة الإسلام، وتعيث في أرض الوطن العربي فسادا وتصدر أحكاما وأعمالا ليست من الدين في شيء تشوه بها صورة الإسلام والمسلمين، وتخدم من خلالها أعداء هذا الدين الذين يفرحون بهذه التصرفات الرعناء». أرى أن علينا أن نأخذ بالتوجيه مسارات جديدة بقدر تجدد مسارات الإرهاب التي أشار إليها الشيخ، والمؤسسة ما هو مأمول منها أكثر بكثير مما هو مبذول، فكيف ستكون يقظة المؤسسة الدينية الكبرى؟!
مشاركة :