وزير خارجية فرنسا: حان الوقت لنفكر بمرحلة ما بعد «داعش» في سوريا

  • 9/8/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يلتقي وزير الخارجية الفرنسية اليوم في موسكو نظيره الروسي سيرغي لافروف، وسيكون للملف السوري الأولوية في المحادثات بالنظر للمهمة التي أناطها الرئيس إيمانويل ماكرون بالوزير جان إيف لو دريان، وهي تشكيل «مجموعة عمل» عالية المستوى للعمل على إيجاد المخارج للولوج إلى الحل السياسي في سوريا. وتأمل باريس في أن تعقد المجموعة أول اجتماع لها على المستوى الوزاري في الأيام القليلة المقبلة، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.وحتى اليوم، ما زالت الدبلوماسية الفرنسية تعمل على تشكيل هذه المجموعة. ولم تكشف باريس عن لائحة محددة. إلا أن وزير الخارجية أفاد في محاضرة ألقاها مساء أول من أمس في معهد العلوم السياسية في باريس وحضرتها «الشرق الأوسط»، أن المجموعة ستضم الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي وإلى جانبهم وزراء الدول المعنية مباشرة بالملف السوري التي ذكر منها تركيا والمملكة السعودية والأردن وإيران. وقالت مصادر رسمية فرنسية لـ«الشرق الأوسط»، إن مصر «مهتمة» بأن تكون داخل اللجنة. كذلك طرح موضوع وجود العراق فيها. لكن المشكلة الأساسية التي واجهتها باريس تكمن في كيفية ضم إيران وهو الأمر الذي عارضته واشنطن. وتعمل باريس على استنباط صيغة تسمح بإشراك إيران من غير «تنفير» واشنطن. ترجح هذه المصادر أن يكون الحل بأن تلعب باريس دور «الوسيط» الذي ينقل للطرف الإيراني مضمون المناقشات ويتلقى الردود عليها.تنطلق الدبلوماسية الفرنسية، كما فصلها الوزير لو دريان، من اعتبار مفاده أن الحرب على «داعش» «تتقدم إيجابيا» بالنظر لتراجع التنظيم الإرهابي، أكان ذلك في العراق أو سوريا، وبالتالي فإنه «حان الوقت» من المنظور الفرنسي للتفكير في مرحلة «ما بعد (داعش)» والبحث عن «المخارج السياسية» بالاعتماد على مقاربة تتسم في الوقت عينه بـ«البراغماتية والفاعلية» وتكون كفيلة بـ«وضع حد لآلام الشعب السوري». وما تريده باريس وتسعى إليه هو الحل الذي لا يسمح لاحقا بعودة «داعش» أو بظهور حركات إرهابية أو تنظيمات بأسماء أخرى وتكرار التجربة العراقية.وفق الرؤية الفرنسية، تتحمل الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي من بينها فرنسا، مسؤولية خاصة في الدفع باتجاه حل سياسي ليس فقط بالعمل لدى ومع الأطراف السورية ولكن أيضا بـ«تحفيز» الدول الإقليمية ذات التأثير على الأطراف المتحاربة في سوريا على الدفع باتجاه الحل السياسي. وذكر لو دريان بأن عدة سنوات من المناقشات بين السوريين لم تفض إلى أي نتيجة تذكر. ولذا، هناك «حاجة» لانخراط مجلس الأمن الذي عليه أن يوفر «الزخم الضروري» من أجل ضم الدول المؤثرة والدفع باتجاه المخرج السياسي.وبعد الإرباك الذي أصاب الدبلوماسية الفرنسية في الأيام الماضية والتصريحات المتضاربة، عاد وزير الخارجية ليؤكد أن السير بالمناقشات بين السوريين يجب أن يكون «من غير شروط مسبقة». وقال لو دريان: «لا نعتبر أن رحيل الأسد هو شرط سابق للنقاش (التفاوض) ونريد البدء مباشرة بالمفاوضات من أجل الوصول إلى حل سياسي يفترض أن يمر عبر حصول انتخابات».حقيقة الأمر أن باريس الراغبة في العودة إلى الملف السوري، التي قامت باستدارة صريحة بالتخلي عن مطالباتها السابقة بالنسبة لمصير الرئيس السوري، عادت إلى مقاربة «براغماتية» بالنظر للتغيرات الميدانية ولتغير المعطيات الدولية. لكنها في مقاربتها «الجديدة» تحرص على المحافظة على نوع من «الغموض». والدليل على ذلك أن الوزير لو دريان، الذي يربط المسار السياسي بكتابة دستور جديد وبحصول انتخابات، لا يأتي على ذكر الإشكالية الرئيسية وهي إمكانية ترشح الرئيس السوري لهذه الانتخابات وهو ما كانت المصادر الفرنسية ترفضه سابقا بقوة. ويبدو واضحا أن الدبلوماسية الفرنسية تعول كثيرا على «الاستجابة» الروسية لطروحاتها. وقال لو دريان إن لروسيا «دورا مهما تلعبه أولا لأنها موجودة ميدانيا ولأن الفائدة بالنسبة لها أن تسعى لعملية خروج من الأزمة تحافظ على مصالحها الخاصة وتضمن لها أمنها».هل تنجح المبادرة الفرنسية؟ تقول المصادر الرسمية في باريس إن الاتصالات التي أجرتها الدبلوماسية الفرنسية في الأسابيع والأيام الأخيرة «لقيت قبولا» من الأطراف المعنية وأهمها واشنطن وموسكو. وتذكر هذه المصادر باللقاءات التي أجراها الرئيس ماكرون مع رئيسي البلدين خارج وداخل فرنسا و«التفاهمات» التي توصل إليها معهما. لكن السؤال الذي لا بد من طرحه يتناول الجديد الذي يمكن أن تأتي به المبادرة الفرنسية، إذ إن مجلس الأمن لم يكن يوما «غائبا» عن الجهود الخاصة بسوريا وقراره الذي يحمل الرقم 2254 يبقى الأساس للحل السياسي. كذلك، ثمة تساؤلات عن «الفائدة» التي يمكن لموسكو أن تجنيها من إشراك مجلس الأمن في الترتيبات التي تقوم بها في سوريا، خصوصا عبر اجتماعات آستانة ومناطق خفض التوتر التي اقترحتها، والتي نجحت في تنفيذها ميدانيا.والرد الفرنسي «والأوروبي» على ذلك هو أنه يتعين النظر لما بعد انتهاء الحرب وإعادة الإعمار وإحلال السلام وكلها مسائل لا يمكن أن تتم وفق منطق المنتصر والمهزوم ومفتاحها المصالحة والعمل الجماعي الدولي والإقليمي من أجلها وإعادة بناء ما دمرته الحرب. والمهمة الأخيرة لن تستطيع موسكو أو طهران القيام بها، الأمر الذي يفترض مشاركة الغربيين والدول الخليجية والأخرى القادرة على المساهمة. ويلخص مصدر فرنسي موقف بلاده بالقول: «لن ندفع يورو واحدا من غير حل سياسي نعتقد أنه قابل للحياة».

مشاركة :