تتخذ بعض الأطراف السياسية في لبنان، من الملفات الاقتصادية والتجارية والصناعية، مدخلاً لإعادة إحياء العلاقة مع النظام السوري، وفرض اعتراف رسمي لبناني بشرعية نظام مطوّق بمقاطعة عربية ودولية، وهذا ما يواظب عليه وزراء حركة «أمل» و«حزب الله»، فيما يتخذ وزراء التيار الوطني الحرّ من ملف النازحين السوريين، منصة لوصل ما انقطع سياسيا مع دمشق، بذريعة ترتيب عودة النازحين إلى بلادهم.أحد أبرز المواظبين على زيارة دمشق، تحت عناوين مختلفة، هو وزير الزراعة غازي زعيتر (أحد وزراء حركة «أمل» في الحكومة)، الذي أعلن أن زيارته مع وزير «حزب الله» حسين الحاج حسن إلى العاصمة السورية، التي حصلت الشهر الماضي، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. وشدد على «تفعيل الاتفاقات المعقودة بين البلدين التي لا تقل عن 36 اتفاقية، منها ما يتصل بتصدير المنتجات الزراعية اللبنانية إلى الخارج»، معتبراً أن «سوريا هي البوابة الرئيسية للتصدير من لبنان إلى الوطن العربي».وكشف زعيتر عن لقاء قريب سيجمعه مع وزير الزراعة السوري، لـ«استكمال المباحثات وتطبيق وتفعيل الاتفاقيات وفتح المعابر وخصوصا بعد فتح المعابر بين سوريا وكل من الأردن والعراق». وأكد أنه «لا يوجد مقاطعة بين لبنان وسوريا، إنما هناك نأي بالنفس، وهذا النأي لا علاقة له بالتصدير الزراعي، لأن تصريف الإنتاج اللبناني واجب علينا بصفتنا وزارة»، لافتاً إلى أن «التهريب بين البلدين يشمل كل القطاعات وليس الزراعية فقط، وهذا الأمر يحتاج إلى التشدد في ضبط الحدود، وخصوصا أن الحدود كبيرة بين البلدين، وهناك معابر وأساليب غير شرعية كثيرة، وهذا الأمر بحاجة إلى متابعة جدية».عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب خالد زهرمان، أعلن أن «لبنان ليس بوضع مقاطعة مع سوريا بصفتها دولة وأرضا وشعبا»، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط»: «اعتراضنا بوصفنا تيارا سياسيا (المستقبل)، هو على إعادة تعويم نظام بشار الأسد سياسيا، ومحاولة فتح قنوات اتصال وتنسيق سياسي»، مذكراً بأن «هذا النظام وأجهزته الأمنية، أرسلوا إلى لبنان المتفجرات مع ميشال سماحة (المستشار السياسي للأسد)، من أجل تفجيرها، وارتكاب مجازر بحق الأبرياء في لبنان، لكن العناية الإلهية أنقذتهم».ويصرّ أيضاً وزراء ونواب التيار الوطني الحرّ، على مطالبة الحكومة بفتح قنوات اتصال سياسي مع النظام السوري، لوضع خطة مشتركة تفضي إلى إعادة النازحين السوريين الموجودين في لبنان إلى بلادهم، لكن تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» وقوى لبنانية أخرى، ترفض هذا الطرح، وترى فيه وسيلة التفاف إضفاء شرعية على هذا النظام، وتشدد على أن عودة النازحين، تجب أن تكون برعاية وإشراف وحماية الأمم المتحدة.وأوضح النائب خالد زهرمان، أنه «مهما حاول البعض في لبنان، استثمار علاقته مع نظام الأسد، فلن يستطيع تعويم نظام معزول عربياً ودولياً، ونحن لن نقبل باتخاذ الملف الاقتصادي وسيلة لترتيب علاقات سياسية معه»، لافتاً إلى أن «هناك انقساماً داخل سوريا حول شرعية نظام الأسد، كما أن هناك حرباً في الداخل السوري، حول هذه المسألة، فكيف نعطي هذا النظام ورقة سياسية، ستنعكس سلباً على لبنان».
مشاركة :