من يحمي من على الحدود العربية؟! - يوسف الكويليت

  • 8/6/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الجغرافيا القلقة والمخترقة لم تأت من دول تعتمد كثافة الدخان والرصاص في غزواتها، وإنما من أرض الباطن العربي عندما تحتدم الفوضى على الحدود وداخل الأقطار العربية مما يعني أن الحكومات المركزية لم تعد الضابط لأمنها، وهذا ما نشهده في العراق وسورية حين أنشأت داعش دولتها على حدود البلدين وتستعد للتمدد إلى الداخل، فواجه لبنان غزواً جديداً من النصرة مما دفعها لإعلان الطوارئ في الجيش وأجهزة الأمن الأخرى، وهو البلد الذي لا يحتاج إلى وقود للانفجار، بل شرارة صغيرة تحرق السهل والبحر والجبل، وبوجود حزب الله فكل الاحتمالات مفتوحة على المفاجآت بما فيها إسرائيل لو وقع خطأ ما على حدودها.. الأردن في حالة استعداد لما قد يحدث، فإلى جانب اللاجئين من فلسطينيين وسوريين وعراقيين يمكن توظيفهم في نقل معارك الخصوم من بلدانهم، فهي أيضاً تعاني مشكل تنظيم الإخوان المسلمين، ومع كل ذلك لا تزال سورية مصدر الخطر الأوفر، ومعاناتها أكبر، لكن جهازها الأمني الأفضل من دول الجوار باستثناء إسرائيل، لكن حسابات الخطر تبقى محتملة أمام ما يسود من فوضى عارمة.. اليمن تداخلت الخصومات المذهبية مع القبلية، ولأن في الحروب الصغيرة تجري حالات الاستقطاب والفوضى بما فيها إعلان الولاءات الخارجية وفتح الممرات لتهريب السلاح والمخدرات وكل الممنوعات، فالحوثيون يتاجرون في كل شيء، وهي أسباب دفعت المملكة أن تضع بعض قدراتها الأمنية على حدود تتجاوز الألفي كلم والمسيّجة بأسلاك شائكة، وذات الطبيعة مع حدود العراق التي تمتد لما يتجاوز خمس مئة كلم والمحصنة بأسلاك، وسواتر ترابية مع مراقبة تقنية عالية بأجهزة رصد ليلي ونهاري، ومع ذلك فتوفر القدرة الأمنية لا يعني زوال الخطر.. وإذا كان هذا حال المشرق فما هي الصورة الأخرى للمغرب والذي رغم أن طوفان الربيع بدأ من تونس فليبيا فمصر، فالمعاناة بدأت مع انفلات الأمن الليبي والذي بدأت مخاطره تتصاعد على الدول المحادة لها؟ فتونس تعد الدولة الأكثر نجاحاً من تلك الثورات حين استطاعت استيعاب التجربة وتحولها إلى وفاق وطني عام، لكن الوضع الليبي ضاعف المعاناة، سواء من المواطنين المهجرين إليها، أو تهريب الإرهابيين والسلاح، وتطور الأمر مع الجزائر ومصر حيث كل من البلدين واجه مشاكل أمنية خطيرة، خاصة وأن بذرة الإرهاب من الجماعات الإسلامية في داخلهما لم تمت، وخاصة فلول الإخوان المسلمين، أو بقايا قاعدة المغرب العربي، مما فرض أن يتم تنسيق سريع للدول العربية الثلاث لحماية حدودها دون أن تحمل تونس مزيداً من الأعباء المالية، وقد لا يطلب منهم إعلان تدخل عسكري يخالف القوانين الدولية، وإنما قوات أمن لها الحق أن تواجه مثل هذا الواقع ومكافحته حتى داخل الدولة الليبية.. من يطالب المجتمع الدولي التدخل أو طلب الحماية، قد لا يجدها، لأن تجربة التدخل في المناطق المضطربة مثل العراق وأفغانستان، أغلقت مثل هذا الباب، ويبقى الاعتماد على النفس الفرضية الأساسية، لأن ما تحقق من هذه الفوضى الداخلية للدول الخارجية تتجاوز مكاسبه كل الحروب التي خاضوها في المنطقة، بل وهناك من يتعمد توسيعها، وبالتالي لابد من إدراك أن ما يحدث جزء من عمليات قادمة لإتمام العمليات التي خططت لها دول كبيرة أثناء غفلة العرب..

مشاركة :