في إطار إعادة العلاقات المصرفية مع المراسلين وبنوك العالم، استعدادا لمرحلة ما بعد الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان، والمرتقب البت فيها الشهر المقبل، دشنت الخرطوم فروعا لبنوك سودانية في دول عربية وآسيوية وأوروبية لتسهيل التعاملات المالية مع الخارج بالعملات الحرة.وكانت الخرطوم ممنوعا عليها استقبال أو إرسال عملات أجنبية خاصة الأموال الواردة من مؤسسات وبيوت التمويل والبنوك العالمية، والتي كانت تخشى العقوبات في حالة تعاملها مع السودان طيلة العشرين عاما الماضية.وكانت الدولة تصرّف أمورها خلال هذه السنين بطرقها الخاصة، حيث كانت للبنوك التجارية علاقات خاصة مع مراسلين في العالم، كما تتخذ الحكومة نفس الأسلوب للتحايل على هذا التقييد، مما أدخلها في معاملات مالية دولية صنف بعدها السودان من الدول «ذات المخاطر العالية في غسل الأموال»، لكنه خرج من قائمة العشرة الأعلى مخاطرة، وتحسن ترتيبه إلى المركز 29 منذ نحو شهر.كما أن واحدا من التعقيدات لانسياب الأموال والتجارة مع الولايات المتحدة، بعد الرفع الكلي، هو عدم مواءمة أنظمة الشركات والبنوك السودانية للأنظمة المالية التجارية العالمية. واشترطت الغرفة التجارية الأميركية أن تحصل الشركات السودانية على جرعات من البرامج الاقتصادية والتجارية العالمية التي تساهم في مكافحة الفساد وتطوير الأعمال. وشرع السودان في هذا الصدد في تنفيذ برنامج تدريبي شامل يعني بمكافحة الفساد داخل الشركات والمؤسسات الحكومية، ينطلق الشهر المقبل.وأعلن الدكتور عبد الرحمن ضرار، وكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، أول من أمس عن اتفاق تم لإعادة العلاقات مع مراسلي بنوك عالمية، خاصة في الإمارات وألمانيا وبلاروسيا، والتي وقعت معها الحكومة اتفاقات ثنائية للتبادل المالي. وأشار إلى أن انطلاقة الاستثمارات بين السودان وبقية دول العالم تقتضي وجود تعامل مالي، ويجري حاليا اتخاذ إجراءات لاعتماد بنوك ألمانية وخليجية ليكونوا مراسلين للسودان في الخارج.وعلى ذات الصعيد، منحت دولة الإمارات العربية المتحدة بنك الخرطوم السوداني الرخصة النهائية لمزاولة العمل المصرفي وفتح فروع له بدولة الإمارات، وذلك بعد استيفائه المتطلبات الأساسية فيما يتعلق بالأنظمة الرقابية والتجارية، والتي حصل بموجبها بنك الخرطوم على الرخصة الأولية العام الماضي.ووفقا لمصادر سودانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن تدشين فرع لبنك الخرطوم الذي يشارك فيه بنك دبي الإسلامي كشريك استراتجي، يأتي ضمن استراتيجية السودان في مسيرة توطيد العلاقات التجارية مع الإمارات، باعتبارها مركزا تجاريا دوليا مهما.وحصل بنك الخرطوم، الذي يوجد لديه فرع في دولة البحرين لنفس غرض التحويلات المالية بالعملات الحرة، في يوليو (تموز) الماضي على تصنيف ائتماني طويل الأجل بدرجة (إيه إيه) وتصنيف قصير الأجل مع رؤية مستقبلية مستقرة، من الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف.إلى ذلك، أعلن الوكيل الحصري لمجموعة من الشركات الأميركية في السودان والشرق الأوسط موافقة عدد من البنوك التجارية الأميركية على استقبال التحويلات المالية من السودان عبر البنك الزراعي. وقال الدكتور محمد بابكر، رئيس مجلس إدارة شركة «وايرا» الهندسية الأميركية في تصريحات صحافية، إن ثلاثة بنوك وافقت على استقبال وإرسال تحويلات مباشرة للسودان، وذلك لشراء كافة السلع والعمل في التعامل التجارية.وأشار بابكر إلى أن موافقة البنوك الأميركية على التحويلات مع السودان بالعملات الحرة خاصة الدولار، ستؤثر إيجابا في تنشيط حركة التجارة بن الخرطوم وواشنطن، إضافة إلى تسهيل الاستثمارات الأميركية في السودان وزيادتها خاصة في المجالات الزراعية والتعدينية.ومددت الولايات المتحدة الأميركية الحظر الاقتصادي على السودان حتى الثاني عشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بعد أن كانت رفعته جزئيا لمدة ستة شهر في يناير (كانون الثاني) الماضي.وخلال مدة الستة أشهر، تمكن السودان من الانفتاح على العالم، وأعاد علاقاته المصرفية مع عدد كبير من البنوك والمؤسسات المالية الدولية، وحدث انفراج كبير في علاقات السودان مع القطاع المالي والاستثماري العالمي.
مشاركة :