ذهب إلى حجرته من أجل النوم وتوجه إلى الفراش واستلقى، ولكنه ظل مستيقظاً ساعات طويلة يتقلب يميناً ويساراً، يجاهد نفسه لمحاولة الاستغراق في بدايات النوم ولكن كل المحاولات فشلت، يقوم من فراشه ويتوجه إلى شرفة المنزل يحاول تنفس الهواء النقي، لعله يكون عاملاً مساعداً على النوم.أحياناً يقرأ بعض الجرائد أو يفتح جهاز التابلت ويظل فترة عليه إلى أن يصيبه التعب والإرهاق الشديد ويقع في النوم، وبعد محاولات مضنية يستغرق في النوم وفجأة يستيقظ لتناول المياه أو ليدخل الحمام أو نتيجة بعض الأفكار التي تشغل باله، ويحاول العودة مرة أخرى إلى حالة النوم ولكنه يجد صعوبة مثل المحاولات الأولى، وأخيراً يخلد للنوم بعد فترات من المعاناة، وفي النهار يصيبه التعب والإرهاق لأنه لم يحصل على الراحة الكافية طوال الليل، وأحيانًا يهاجمه النوم المتقطع في النهار، حيث يختطف بعض الدقائق المتقطعة طوال النهار وفي فترات العمل، ولا يحصل على كفايته من النوم من هذه الدقائق المتقطعة، ويأتي الليل وهو يكابد مشقة البحث عن النوم، وهذا حال الكثير من الأشخاص الذين يحاولون النوم ولكنهم لا يحصلون على مرادهم بسهولة، ويظلون يتقلبون على فراش النوم ساعات طويلة، ويضطر بعضهم إلى القيام ليلاً ليتناول بعض المهدئات لكي يدخل في حالة النوم دون معاناة وقلق، وهذه المشكلة الصحية تسمى مرض الأرق، الذي انتشر بين قطاع كبير من الشباب والفتيات والنساء والرجال أيضاً، نتيجة الصعوبات التي تواجه هؤلاء في مسيرة الحياة، وتشغل تفكيرهم طوال فترات الليل إلى أن يصاب بمرض الأرق، وسوف نتعرف إلى هذا المرض بالتفصيل مع عرض الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الإصابة به، وتوضيح الأعراض التي تظهر على المريض، وأيضًا تقديم الإرشادات والنصائح للوقاية والتخلص من مرض الأرق.اضطرابات النوميعرف مرض الأرق على أنه اضطرابات في عملية النوم، تهاجم الشخص وتجعله يفقد القدرة على النوم العميق والهادئ والمستمر، وهذه الاضطرابات تتنوع بين صعوبة الدخول في النوم وبين فقدان القدرة على النوم المتواصل لساعات طويلة، وغالباً ما يستيقظ هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة من أعمق فترات النوم، وتصيبهم حالة من القلق والتوتر نتيجة عدم الراحة وضعف النشاط والخمول، وترتبك حياتهم عموماً ويحدث خلل كبير في الأنشطة اليومية المعتادة، ومرض الأرق وعدم الانتظام فترات طويلة في النوم يؤدي إلى زيادة معدلات الوفاة، لأن عدم حصول الجسم على الراحة الكافية من النوم يقلل من قدرات الدماغ بصورة كبيرة، ما يسبب إصابة الشخص بالهذيان والتخريف، وربطت دراسة جديدة بين الأرق والإصابة بمرض السمنة، الذي يؤدي إلى حدوث مشاكل في القلب والأوعية الدموية، وتتضرر حيوية الجسم وجاذبيته وأناقته وتتراجع نسبة الجمال بسبب الأرق، حيث تتغير حالة البشرة ويتحول شكل الوجه إلى حالة الإجهاد المستمر ويظهر أقل جاذبية، وللتخلص من مرض الأرق ينصح الأطباء باتباع طرق الاسترخاء لمدة دقائق قليلة في اليوم، والتخلص من الضغوط الحياتية المستمرة وعدم تركها إلى درجة الاستفحال، حتى لا تنقلب إلى حالة نفسية تسبب التوتر والتفكير المستمر وبالتالي الدخول في مرحلة الأرق، ولابد من الترويح عن النفس كل فترة والاستجمام والاستمتاع بفترة إجازة من العمل والضغوط، والتغيير المستمر لنمط الحياة التقليدي الذي يخلق رتابة ومللاً، والتفكير قبل القيام بالعادات والتقاليد النمطية لكسر الجمود، وهذه الأساليب البسيطة تقي من فرص واحتمالات الإصابة بمشكلة الأرق.استعادة النشاطيحتاج كل شخص فترة معينة من النوم تختلف حسب العمر، فالكبير تقل ساعات نومه عن الشباب والأطفال وهكذا، الطفل الصغير يحتاج إلى حوالي من 8 إلى 9 ساعات نوم يومياً، نتيجة سرعة وتيرة النمو وتطور الجسم، ويحتاج كبار السن حوالي من 5 إلى 6 ساعات من النوم يومياً، ويحتاج الشخص البالغ إلى متوسط حوالي 8 ساعات يومياً من النوم العميق، وهذه الفترات ضرورية للحصول على قسط كافٍ من الراحة لأجهزة الجسم واستعادة الحيوية والنشاط اللازم لبدء يوم جديد، وبعض الأمهات تلمح بعض الاضطرابات في النوم لدى الصغير وذلك أثناء السهر معهم، وغالباً ما يتخلص الطفل من هذه الحالة عند سن محددة، وتتلاشى في فترات الدراسة نتيجة الانشغال في المذاكرة والأنشطة المدرسية، وإذا نام الشخص المصاب بالأرق سرعان ما يستيقظ لأي سبب، فهو يعاني من صعوبة أيضاً في عملية الاستغراق في النوم، وهؤلاء الأشخاص غالباً ما يستيقظون في الصباح الباكر، وكلما كانت حالة الأرق حادة وشديدة ارتفعت فرص الوفاة، نتيجة الخلل الكبير الذي يصيب أجسام هؤلاء الأشخاص، ويسبب لهم أمراضاً خطيرة في القلب والأوعية الدموية والرئتين، وتتسع دائرة الإصابة بالالتهابات لأي سبب بسيط.الضغوط والأدويةيوجد عدد من العوامل والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض الأرق، كما يوجد عدد من الأشخاص المعرضين أكثر لمهاجمة هذه المشكلة، ومن الأسباب التوتر والقلق الذي ينتاب البعض نتيجة التفكير في بعض المشاكل والظروف الحياتية، وأيضًا يكون الأرق أحد الآثار الجانبية لبعض العقاقير والأدوية، وفي حالة الإصابة بالألم الحاد الذي يطير النوم من العيون، وأيضًا بعض الأمراض تسبب حالة الأرق، وبعض السيدات يشعرن بهذه المشكلة أثناء الدورة الشهرية، وكذلك في حالة الارتباط بعمل جديد وانتظار نتيجة السنة الدراسية والسفر إلى رحلة مثيرة، والتفكير في قرار مصيري، والتعرض لبعض الأخبار السيئة يسهم في حدوث هذه المشكلة، كما أن هناك بعض الأشخاص الذين يصبحون أكثر إصابة بمشكلة الأرق، ومنهم الأشخاص دائمو التوتر أثناء العمل وفي البيت، وتنتابهم حالة من العصبية المستمرة والتوتر، وغالباً ما يتذكرون مشاكل اليوم أثناء الذهاب للنوم، فتزيد حالة التوتر وينعكس ذلك على النوم الذي يصبح خفيفاً ومتقلباً، وكذلك الذين فشلوا في علاقتهم العاطفية أو هناك اضطراب في هذه العلاقة، ويفكرون ليلاً ونهارًا ويستيقظون عدة مرات من النوم بسبب ذلك، والأشخاص المصابون بالاكتئاب الذي يجعل تفكيرهم سلبي وينتابهم خوف مستمر يجعلهم في حالة أرق مستمر، ويصاب بعض الأشخاص المعرضون للسفر بهذه المشكلة نتيجة فروق التوقيت، والأشخاص الذين يقلبون الليل نهارًا والعكس غالبًا ما يصابون بهذه الحالة.صداع وانهيارتظهر بعض الأعراض نتيجة الإصابة بمرض الأرق، ومنها الصعوبة الكبيرة للدخول في بداية النوم والاستيقاظ المتكرر والقيام في الصباح الباكر، ويظهر على الشخص المصاب حالة من التوتر والعصبية والقلق، وغالبًا ما يصاب الشخص بمشكلة الاكتئاب بعد فترة قصيرة، ويتملكه التعب والخمول والكسل في فترات النهار ويغلبه النوم في أحيان كثيرة وسط اليوم، كما يصاب الشخص بحالة صداع متكرر واضطراب في الجهاز الهضمي مع عسر الهضم، ويشعر الشخص بالغثيان ويرتفع ضغط الدم باستمرار وتتقلب درجات الحرارة صعودًا وهبوطًا، ويصاب المريض بالهلوسة وتتداخل الأفكار والإصابة بالتشتت والصعوبة في عملية التركيز، ولا تسعف الذاكرة هؤلاء الأشخاص مما يسبب حدوث أخطاء بالجملة في العمل، وينتاب المصاب حالة مستمرة من الإحساس بالنعاس والخمول والكسل، وينعكس ذلك على نفسية المريض وجسده، ويوجد أنواع من الأرق مثل الحاد الذي يتراوح ما بين 4 أيام إلى 20 يومًا ثم يزول دون استخدام أدوية، والأرق المزمن الذي يمتد إلى 70 يومًا أو أكثر، وهذا النوع يحتاج إلى علاج دوائي، وهذا الأرق المزمن يجلب الكثير من المشاكل والأمراض الأخرى، ويكفي 4 أشهر من هذا النوع ليقضي على حياة الشخص المصاب، بسبب حالة الانهيار الجسدي التي تحدث للمريض، والناجمة عن تبديد طاقة الجسم وضعف جهاز المناعة ومهاجمة الأمراض المستمرة، وعلاج هذه الحالة بالمهدئات وتغيير نمط الحياة والقضاء على المسببات. أكثر المشاكل شيوعاً تشير الدراسات الحديثة إلى أن مرض الأرق من أكثر المشاكل الصحية شيوعاً في أغلبية دول العالم، حيث يصاب ما يقرب من 35% من الأشخاص البالغين بهذا المرض، خلال فترة معينة من مسيرة حياتهم، كما يعاني نحو 15% من حالة الأرق المزمن، وهذا المرض يؤثر سلبياً بدرجة كبيرة في نشاط الشخص في العمل، والحياة عموماً، حيث يبدد كمية كبيرة من الطاقة الداخلية المختزنة في الجسم، وغالباً ما ترجع هذه المشكلة إلى الضغوط العصبية والنفسية المستمرة، ويحتاج الشخص إلى عدد ساعات من النوم يومياً لاستعادة النشاط، تتراوح بين 6 إلى 8 ساعات حسب عمر الشخص، وكشفت الأبحاث أن الأشخاص الذين تتكرر لديهم حالة صعوبة النوم 4 مرات على مدار الأسبوع وتمتد إلى 4 أشهر فاكثر، يصبحون أكثر عرضة للوفاة بنسبة تصل إلى 50%، كما تحدث لهم أضرار جسيمة في بعض أجهزة الجسم الحيوية، مثل القلب، والأوعية الدموية والرئتين، والنساء الأكثر معاناة من الأرق عن الرجال.
مشاركة :