سقوط الأمطار بغزارة لم يحلُ دون إقامة مهرجان للموسيقى والغناء في العاصمة البلجيكية بروكسل، انطلق خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، من بلدية مولنبيك، التي اكتسبت شهرة عالمية خلال العامين الأخيرين بعد أن خرج منها عدد من المتورطين في تنفيذ هجمات إرهابية أثارت الفزع في أوروبا، ومنها تفجيرات باريس وبروكسل.وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قالت فرنسواز سكيبمانس عمدة بلدية مولنبيك: «هذا العرض يظهر الحياة في مولنبيك ويحمل رسالة إيجابية، لقد عرفت مولنبيك فترة صعبة في ظل وجود مستمر للشرطة ولكن ظهر أيضاً التضامن، واليوم نرسخ قيمة التضامن والتنوع الثقافي، أنا سعيدة لتنظيم هذا الحدث وسط مولنبيك وبجوار النصب التذكاري لضحايا الهجمات الإرهابية، وهذا دليل على أن الحياة في مولنبيك مستمرة وبشكل طبيعي وتسير إلى الأمام وهذا أمر إيجابي».المهرجان جاء تحت عنوان «بروكسل توحد الموسيقى»، وأراد المنظمون ومن خلال الموسيقى والغناء، إظهار التعددية الثقافية لسكان بروكسل وفي ظل قناعة بمفاهيم التعايش السلمي والاندماج والعمل المشترك.وقال بلجيكي لـ«الشرق الأوسط» من سكان مولنبيك في نهاية العقد الثالث: «مولنبيك كانت لها سمعة سلبية في الإعلام الدولي وكان جيداً جداً إقامة هذا الحدث في هذا المكان، فهذا أمر مهم لمولنبيك ولبروكسل ككل، خصوصاً أن الموسيقى وسيلة مهمة لتوصيل الرسالة». ومن جانبه، قال ريان صاحب (20 عاماً)، وهو شاب مغربي من سكان مولنبيك: «هذا المهرجان يوصل رسالة تؤكد التعايش السلمي وتوحد كل السكان على الرغم من اختلاف الجنسيات والثقافات، فهنا يعيش العرب والأفارقة والأوروبيون ويعملون معاً».وقالت سيدة تونسية في العقد الثالث من العمر، وكانت تقف إلى جوار عمدة مولنبيك، لمشاهدة العرض الموسيقي: «أنا تونسية وسعيدة جداً بهذه العروض الموسيقية هنا في مولنبيك، وهي عروض مختلفة ومتنوعة من مناطق مختلفة من العالم، وهذا يعكس التعددية في بروكسل، التي تضم جنسيات كثيرة من السكان».العزف والغناء جاء على مسارح أقيمت في ميادين عامة داخل مولنبيك وخارجها، وتضمنت أغاني وموسيقى من ثقافات متنوعة، ومنها الأفريقية والأوروبية وأيضاً من أميركا اللاتينية، والبعض الآخر أقيم داخل الصالات والحدائق، ويمكن القول إن سوء الأحوال الجوية كان له تأثير على الحضور الجماهيري، ولكنه لم يمنع توصيل الرسالة وهي نقل صورة إيجابية عن بلدية مولنبيك التي عانت طوال الشهور الماضية بسبب الحملات الأمنية بحثاً عن المتورطين في قضايا التشدد والإرهاب، واليوم تستضيف مهرجاناً موسيقياً يعكس مدى التنوع والتعدد الثقافي للسكان.وقبل أسابيع قليلة، عادت بلدية مولنبيك في بروكسل من جديد إلى الواجهة، بعد أن جرى الإعلان عن منفذ هجوم محطة قطار وسط بروكسل في يونيو (حزيران) الماضي، أحد سكان هذا الحي، الذي يعيش فيه غالبية من ذوي أصول إسلامية، ولم تمضِ سوى أيام قليلة على تصريحات للمتحدث باسم مكتب شرطة مولنبيك يوهان بريكمانس لـ«الشرق الأوسط»، وقال فيها إن «الوضع الآن أصبح أفضل بكثير مقارنة بالوضع قبل ما يزيد على عام بالنسبة لمواجهة التشدد والإرهاب وفي أعقاب تفجيرات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 وبروكسل في مارس (آذار) من العام الماضي، وتورط عدد من الشبان من سكان حي مولنبيك في العاصمة البلجيكية في هذه الهجمات، سواء بالتخطيط أو التنفيذ أو تقديم المساعدة لمرتكبي التفجيرات».اكتسب الحي سمعته السيئة في جميع أنحاء العالم، حيث بات يوصف بأنه «نواة» أو «الأرض الخصبة» للتشدد والإرهاب في أوروبا. ويضم حي مولنبيك عدداً من المنازل القديمة، وفي الوقت نفسه البنايات الجديدة والقديمة التابعة للسكن الاجتماعي، أي لمحدودي الدخل، على عكس البيوت الموجودة على الجانب الآخر من «القنال» التي تقسم بروكسل.كما يوجد في مولنبيك شارع تجاري كبير غالبية أصحابه من المغاربة والأتراك.
مشاركة :