تريد قطر أن تسود وتحكم الخليج بمنطق «شريعة الغاب». وهي تدرك أنها ليست أهلاً لذلك، لأن شريعة الغاب تعني أن البقاء للأقوى، وأن القوي يأكل الضعيف، وهي لا تملك أياً من الموازين الكفيلة بترجيح الكفة لمصلحتها. لكن خبث من يتحكمون في القرار القطري هيأ لهم أن «البترودولار» قادر على تحويل نقاط الضعف القطرية قوة. وحشدت الأدوات لتحقيق مرامها. فجاءت بجماعة الإخوان المسلمين، فهم خير من يستطيعون ابتكار حلول الزعزعة، وإحداث الفتنة والشقاق بين المجتمعات والدول، واستعانت بالاستقواء بالدخلاء لحمايتها من أسود الغابة الذين تعرف أنها لن تقوى على مواجهتهم. وعززت إستراتيجيتها الشريرة باستقطاب حركات التطرف العنيف التي عاثت في الشعوب قتلاً ودماراً، في سورية، وليبيا، واليمن، والعراق. غير أن المحنة الحقيقية للقيادة القطرية تكمن في أنها لا تعرف كم هي صغيرة لتلعب وسط الكبار. فقد ألقت نفسها في أتون أزمة اقتصادية طاحنة، واضطرت لاستنزاف احتياطاتها وموجوداتها في الخارج، لتثبت عبثاً أنها تستطيع الصمود بوجه الدول التي قررت مقاطعتها. وأضاعت كل فرصة ثمينة لحسم الأزمة الراهنة، متشدقة بمنطق السيادة. ولعلها المرة الأولى في التاريخ التي تزعم فيها دولة حديثة أن مطالبتها بوقف دعم الإرهاب وتمويله يعد انتقاصاً من سيادتها. هل تعني السيادة القطرية أن يشرع لها الباب والنوافذ للتدخل في شؤون الدول، وإراقة دماء الأبرياء في كل مكان؟ إنه منطق باطل، ليست فيه ذرة من العقل والمنطق، بل هو تشبث طفولي بسلوك منحرف ظلت حكومة «الحمدين» تمارسه منذ 20 عاماً... وعندما قررت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب أن تطلب منها الكف عنه، أخذت تولول: إنه انتقاص من سيادتنا! إذن فلن تهنأ تلك العقول المريضة ما دام العالم كله بات مقتنعاً بأنه آن الأوان لتتخلى قطر عن سياساتها الرديئة.
مشاركة :