حظي النجاح الكبير الذي تحقق في موسم الحج هذا العام باهتمام كبير ومتابعة موسعة في كافة أنحاء العالم. وقد توالت ردود الأفعال الإيجابية من مختلف وسائل الإعلام سواء كان ذلك من داخل الدول الإسلامية أو خارجها. فقد أوردت (جريدة التلغراف) البريطانية مقالة للدكتور كين تشيتوود، الباحث في مجال الشؤون الدينية الأمريكية والشؤون الإسلامية بجامعة فلوريدا تطرق فيها إلى شعيرة الحج ومغزاها. وأشار في هذا السياق إلى ما يتطلبه استضافة الملايين الحج من طاقات وإمكانات هائلة من جانب المملكة وما تقوم به السلطات السعودية من جهود لضمان إتمام الحجاج للشعائر في أمن وسلام. وذكر أن ارتداء الحجاج لنفس الملابس، والصلاة في نفس المكان وأداء نفس الطقوس، يخلق صورة للمجتمع المسلم العالمي الذي يتسم بالوحدة والتجانس ويخلو من الفوارق والتمايزات الطبقية. وأضاف «كباحث في الشؤون الإسلامية، فقد أتاح لي عملي مقابلة كثيرين ممن ذهبوا لأداء فريضة الحج ممن وصفوا لي تجاربهم الشخصية وأكدوا أن أداء هذه المناسك يقربهم على نحو عميق مع الله». أما جريدة (الاندبندنت البريطانية) فقد اهتمت بالجوانب البيئية المتعلقة بالحج، وأشارت إلى أن العبء الملقى على كاهل السلطات السعودية خلال موسم الحج يعد هائلاً بكل المقاييس، مشيدة بجهود المملكة وما تحرزه من إنجازات في هذا الصدد. وذكرت أن المملكة «تعمل بجد لتوفير الطاقة الشمسية من خلال تخصيص 50 مليار دولار لتعزيز الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما قامت بتشغيل مترو مكة لخدمة الحجاج. وبحلول عام 2018، سيكون هناك خط سكة حديد عالي السرعة يعمل بكامل طاقته، وسيخدم مكة المكرمة والمدينة المنورة». كما نوهت بما تقوم به الفنادق السعودية من جهود في سبيل نشر الوعي بشأن الممارسات البيئية الصحية التي تضمن الحفاظ على البيئة. أما موقع (صوت أوروبا) فقد أشار إلى نجاح الحج هذا العام موضحا أن المملكة بذلت جهوداً كبيرة لتسهيل وتيسير أداء طقوس الحج، بما في ذلك توسيع الطرق ونشر أكثر من 100 ألف من أفراد الأمن. وأشاد موقع (برو باكستاني) الإخباري بجهود المملكة في النواحي الإعلامية خلال موسم الحج حيث أورد مقالة بعنوان» السعودية ترحب بالعالم» ذكر فيها أن وزارة الثقافة والإعلام في المملكة أطلقت منصات إلكترونية مع بدء موسم الحج، والتي استقطبت أكثر من مليون زائر لمشاركات وقصص الحجاج المعبرة عن التجربة الروحانية التي عاشوها خلال تأديتهم مناسك الحج، وذلك في تأكيد لرسالة الحج التي تجسد تعاليم الإسلام السمحة. وأوضح أن المنصة تستعرض قصصاً لآلاف الحجاج من جميع الأعراق والخلفيات والثقافات، يشاركون فيها رحلتهم الإيمانية ويدعون فيه العالم للتعرف على القيم الحقيقية للعقيدة الإسلامية. وأن إطلاق المنصة جاء حرصاً على إيصال رسالة المملكة الحقيقة كدولة محبة وخير وسلام وتأكيداً على ترحيبها بجميع الحجاج وإتاحة المجال أمامهم للتعبير عن تجاربهم الشخصية خلال الشعائر. واهتمت جريدة (تشاينا ديلي) الصينية بهذا الجانب من جهود المملكة حيث أشارت إلى أن المنصة حظيت بتفاعل كبير منذ إطلاقها، حيث يوثق الحجاج من مختلف أنحاء العالم، بما فيها إندونيسيا وماليزيا وجنوب أفريقيا ونيجيريا وباكستان والهند وروسيا وتركيا وكافة الدول العربية، رحلتهم الروحية هذا العام من خلال نشر صور ولقطات فيديو وقصص سرعان ما انتشرت حول العالم. من جانبه ذكر موقع مجلة (نيوزواير الأمريكية) أن موسم الحج مناسبة مهمة تجمع بين ملايين المسلمين في المملكة التي هي مهبط الإسلام لافتة إلى ما حظي به موسم الحج هذا العام من نجاح بمشاركة 2.35 مليون شخص من مختلف البلدان والعرقيات بما في ذلك عدد كبير من النساء. وأشار إلى أن فريضة الحج تعزز قيمة المساواة بين الرجل والمرأة وأن عدد النساء الذين أدوا فريضة الحج هذا العام كان مساويا تقريبا لعدد الرجال مما يدعم ويؤكد هذه المساواة. ولفتت المجلة إلى أن الحج فرصة لتجلي العديد من القيم الإسلامية. وأشارت إلى أن مكة المكرمة خلال موسم الحج تعد المدينة العالمية الأولى حيث يقصدها ملايين الزوارقادمين من مختلف بلدان العالم. من جهة أخرى تطرقت المجلة إلى آراء وتجارب عدد من القامات العالمية والفكرية حول فريضة الحج وعن الإسلام بصفة عامة، مشيرة إلى تجربة الناشط الحقوقي الأمريكي مالكولم إكس الذي زار المملكة لأداء فريضة الحج عام 1964 وأشار إلى التغيير العميق الذي أحدثته هذه التجربة على حياته في سيرته الذاتية المنشورة عام 1965 والتي قال فيها: « لقد كان هناك عشرات الآلاف من الحجاج من جميع أنحاء العالم وكانوا من جميع الألوان، فمنهم ذوو العيون الزرقاء والشعر الأشقر ومنهم الأفارقة ذوي البشرة الداكنة لكننا كنا جميعا منخرطين في نفس الطقوس نعكس روحا من الوحدة والإخوة التي لم أكن أتخيل أن توجد بين البيض وغير البيض، بسبب ما مر بي من تجارب في الولايات المتحدة. إن أمريكا في حاجة لفهم الإسلام، لأنه الدين الوحيد الذي يمحو من المجتمع مشكلة التفرقة العنصرية. قد تشعرون بالصدمة حين ترون هذه الكلمات صادرة مني. ولكن التجارب والمشاهدات التي مررت بها أثناء الحج جعلتني أغير الكثير من معتقداتي وأنماط تفكيري السابقة. وفي عام 2012، قام نجم بوليوود عامر خان بالذهاب لأداء فريضة الحج من مومباي مع والدته، ووصف التجربة لمراسل على أنها: «ربما واحدة من أكثر التجارب المدهشة في حياتي، ومن الصعب جدا وصفها بالكلمات، خاصة حين ترى الكعبة وترى كل هؤلاء الناس من مختلف أنحاء العالم، وترى كل تلك اللغات وكل تلك العرقيات وكل تلك الخلفيات الثقافية وترى كل هؤلاء مجتمعين في مشهد واحد، إنه مشهد رائع وبالتأكيد هذه واحدة من التجارب الفريدة في الحياة.» وتعد روح الوحدة والإخاء التي تتجلى خلال موسم الحج واحدة من القيم الإسلامية التي تحظى بإعجاب الكثير من مفكري الغرب حيث لفت الكاتب الإنجليزي البارز ه.ج. ويلز إلى ما ينطوي عليه الإسلام من قيم عالمية كالرحمة والتسامح حين قال «لقد أرست التعاليم الإسلامية تقاليد عظيمة في المساواة والرفق والتعامل مع الآخرين بما يحض الناس على التسامح والأفعال النبيلة، وتلك هي التعاليم الإنسانية في أسمى صورها والإسلام مفعم بكل ما يدعو إلى اللين والمودة والإخوة «. كما أوردت المجلة بيانا صدر في 7 فبراير 1980 بشأن العلاقات الأمريكية مع الدول الإسلامية، أبرز فيه الرئيس الأمريكي جيمي كارتر القيم المشتركة حيث قال: «لقد صار واضحا لي من خلال تجاربي الشخصية ومن خلال خبراتي كرئيس للولايات المتحدة أننا في الولايات المتحدة نتقاسم الكثير من المبادئ والقيم الأخلاقية مع التعاليم الإسلامية. فنحن قبل كل شيء نشترك في الإيمان بالخالق وما يستدعيه هذا الإيمان من التحلي بالرحمة والعدل، كما أننا نولي أهمية خاصة للعائلة كما نشترك في اعتقادنا بأن الكرم فضيلة وأن المضيف سواء كان فردا أو دولة ينبغي أن يتحلى بالسخاء تجاه ضيوفه».
مشاركة :