واشنطن - وكالات: قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية إن السعودية لا تزال ترفض تركيب أربع رافعات بميناء الحديدة اليمني للمساهمة في تسهيل انسياب الواردات إلى شعب أتعبه الجوع والمرض والقتل، مشيرة إلى أن الحملة السعودية ضد الحوثيين لا حظ لها من النجاح. ورد ذلك ضمن تقرير طويل نشرته المجلة بعنوان «من الحرب على القاعدة إلى الكارثة الإنسانية. . كيف جُرّت الولايات المتحدة إلى اليمن؟»، مشيرة إلى أن الرفض السعودي يجيء وسط أسوأ تفش لوباء الكوليرا في العصر الحديث ليودي بحياة أكثر من 600 ألف شخص، في الوقت الذي يعيش فيه ملايين اليمنيين على حافة المجاعة. ومضت المجلة تقول: إنه رغم مساعدة القنابل والاستخبارات وإعادة تموين المقاتلات بالنفط في الجو من قبل أمريكا، فإن الحملة التي تقودها السعودية والتي بلغت حتى اليوم شهرها الثلاثين، قد فشلت في القضاء على التمرد الحوثي، بينما قتلت وجرحت آلاف المدنيين وتحوّلت إلى مستنقع زلق. وأضافت أن المساعدة الأمريكية للحملة على الحوثيين كانت وسيلة مكلّفة لإثبات الدعم لحليف أصبح يشك في وفاء واشنطن له. وقالت المجلة إن تصاعد أعداد القتلى المدنيين وتفاقم المعاناة الإنسانية تسبّبا في تزايد الانتقادات من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس الذي أوشك على تبني قرار بمنع أي مبيعات سلاح للسعودية دون التزام الرياض بحقوق الإنسان. ونقلت عن الضابط بالاستخبارات المركزية الأمريكية بروس ريدل قوله: إن الشراكة البغيضة بين أقوى الديمقراطيات في العالم «الولايات المتحدة والسعودية»، ظلت تلازمها التناقضات والتوترات باستمرار، وإن استمرارها يعود إلى المساومة البراغماتية التاريخية بين الطرفين. وأورد المقال تفاصيل كثيرة عن تدخل أمريكا في اليمن منذ هجمات 11 سبتمبر2001 لمطاردة تنظيم القاعدة هناك، قبل أن تشن السعودية حربها على الحوثيين في مارس 2015. وعلّق كاتب التقرير بأنه من سخرية الأقدار أن الحوثيين الذين تحاربهم السعودية بمساعدة أمريكية يحاربون تنظيم القاعدة الذي تحاربه أمريكا. وكشفت المجلة أن واشنطن التي أقلقها عدم سير الحملة السعودية في اليمن وفق ما كانت تتوقع، وتفاقم أعداد الضحايا المدنيين، وأخطاء الغارات السعودية الفادحة، سحبت بنهاية يونيو 2016 غالبية مستشاريها في مركز العمليات، مؤكدة أنه لا يوجد أمريكيون الآن يشاركون في تنسيق الغارات على اليمن. وقالت إن المساعدة الأمريكية في العمليات السعودية ضد اليمن تنحصر الآن فقط في تزويد الرياض بمعلومات عن مصادر الهجمات الصاروخية الحوثية على المدن والبلدات جنوبي السعودية، وإعادة تزويد المقاتلات السعودية بالنفط في الجو. دونكيشوتية وذكرت المجلة أن التجاهل السعودي الفاضح للأضرار المتفاقمة على المدنيين في اليمن تمتحن الآن صبر أمريكا التي توصل مجلس أمنها القومي إلى أن الحملة السعودية «الدونكيشوتية» حسب وصفها، ليس لها حظ من النجاح. ونسبت إلى أندرو إكسام مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط قوله: إنهم يعتقدون أن السعوديين يغرقون في مستنقع، دون أن تكون لديهم فكرة واضحة عن كيفية إنهاء الصراع أو الخروج منه بمكاسب. وذكرت أنه بعدما هدّدت بريطانيا بمنع مبيعات أخرى من الأسلحة، أعلنت السعودية في ديسمبر الماضي أنها ستوقف استخدام القنابل العنقودية البريطانية، وفي نفس الشهر حظر البيت الأبيض بيع القنابل العنقودية للسعودية، لكن تقارير صحفية أوردت عقب ذلك أن الرياض استمرت تستخدم قنابل عنقودية برازيلية الصنع. نزيف لصالح إيران وأوردت المجلة آخر تفاصيل قصة رافعات ميناء الحديدة، قائلة إن سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة نكي هيلي ومسؤولاً كبيراً في المنظمة الدولية طلبا مؤخراً من السفير السعودي لدى المنظمة عبد الله المعلمي دفع موضوع الرافعات إلى الأمام، لكن المعلمي رفض قائلاً: إن السماح باستقدامها لن يتم إلا ضمن تسوية سلمية نهائية للصراع في اليمن. وأضافت المجلة أن واشنطن لم تجتهد كثيراً بعد ذلك في الضغط على السعودية لتذعن للطلب الأمريكي والأممي. وعلّقت «فورين بوليسي» بأنه مع استمرار إستراتيجية التعبير عن القلق بشأن الكارثة الإنسانية واستمرار الدعم العسكري للسعودية، سيظل الوضع الإنساني المتفاقم في اليمن يطارد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ويتحداها.
مشاركة :