بعد تطوير مهاراتهم الإعلامية عبر توثيق انتهاكات داعش سرا، تحول ناشطون في مدينة الرقة إلى مراسلي حرب يغطون المعارك ويرصدون الغارات الجوية. ويوضح الناشط السوري تيم رمضان، مستخدما اسما مستعارا وحسابا مزيفا على "فيسبوك" لوكالة الصحافة الفرنسية أن أعمدة من الدخان تتصاعد من الغارة الجوية، أما السيارة المفخخة "فلا يعلو الدخان الناتج عن انفجارها". يصعد تيم يوميا على سطح منزله في مدينة الرقة ويثبت صحن الإنترنت الفضائي سرا تمهيدا لإرسال تقارير يومية حول معارك المدينة. وبعدما يتأكد من إرسال المواد يسارع إلى محو كل شيء من على حاسوبه خوفا من مداهمات يقوم بها داعش. ومنذ سيطرة التنظيم المتشدد على الرقة عام 2014، بات التواصل مع السكان مهمة صعبة في منطقة محظورة على الصحافيين. وتوفر شبكات إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي نافذة نادرة للاطلاع على الأحوال المعيشية في الرقة، لا سيما في الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة داعش. ومن أبرز تلك الشبكات حملة "الرقة تذبح بصمت" التي كانت من أولى المنصات التي عملت على توثيق انتهاكات داعش منذ أصبحت المدينة محظورة على الصحافيين. ويركز هؤلاء الناشطون الإعلاميون على توثيق حياة السكان في ظل النقص في المواد الغذائية وانقطاع المياه والكهرباء، وينشرون صورا للغارات الجوية على المدينة. ويقول تيم "هذا هو الشيء الوحيد القادر على القيام به حالياً". ويبيّن خليل، وهو أحد مراسلي "الرقة 24" ويستخدم اسما مستعارا للتواصل مع وكالة الصحافة الفرنسية عبر برنامج رسائل قصيرة، "اختصاصي هو توثيق أعداد الضحايا بحكم عملي" في المجال الطبي. توثيق انتهاكات داعش قبل بدء المعارك في المدينة، كان عمل تيم رمضان يقتصر على توثيق أعمال داعش الذي يغذي الرعب في مناطق سيطرته من خلال الإعدامات الوحشية والعقوبات التي يطبقها على كل من يخالف أحكامه أو يعارضه. لكن العملية العسكرية على الرقة أجبرته على التوسع أكثر في مجال عمله، وبات يوثق المعارك وضحاياها. وتخوض قوات سورية الديموقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن منذ السادس من حزيران/يونيو معارك داخل مدينة الرقة بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وباتت تسيطر على نحو 65 في المئة من المدينة. وأجبرت المعارك في الرقة عشرات الآلاف على الفرار من المدينة، وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 25 ألفا لا يزالون عالقين فيها. ومنذ بدء الاحتجاجات عام 2011، اعتاد المواطنون الصحافيون على استخدام هواتفهم النقالة ووسائل التواصل الاجتماعي لتوثيق التظاهرات وقمع القوات الأمنية والعسكرية لها. واستخدم هؤلاء الطرق ذاتها لتوثيق وحشية داعش بعد سيطرته على الرقة، فباتوا يصورون سرا عمليات الذبح ودوريات المتشددين، ويحمّلون الصور ومقاطع الفيديو لاحقا لنشرها عبر برامج مشفرة. المصدر: أ ف ب
مشاركة :