لا يبدو أن الدوحة استوعبت الدرس بل تصر على زرع المطبات في طريق التسوية، وآخر هذه المطبات محاولة قطر الفاشلة لزرع الفتنة بين الإمارات والسعودية.العرب عبدالله العلمي [نُشر في 2017/09/13، العدد: 10750، ص(8)] البيان الذي أصدرته المملكة العربية السعودية ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين الأسبوع الماضي بشأن المقاطعة القطرية حمل خمس رسائل هامة. الرسالة الأولى أن هذه الدول تُقدّر ما أعلنه أمير الكويت صباح الأحمد في البيت الأبيض عن استعداد قطر الاعتراف بالمطالب الـ13 والاستعداد للتفاوض حولها. إلا أنه خلال ساعة واحدة فقط من تصريحات أمير الكويت، سارع محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير خارجية قطر، بوضع “مطبات” قطرية أمام تلك التصريحات ونفاها بشدة، بل وزعم أن تلك المطالب “أصبحت من الماضي”، أي عودة للمربع الأول. الرسالة الثانية هي تأكيد الدول الأربع المعنية أن الحوار مع قطر حول تنفيذ المطالب يجب ألا تسبقه أي شروط. وزارة الخارجية القطرية سارعت كعادتها بإعلانها أن الاتهامات الموجهة لها ليست لها مبررات وأن الهدف منها “فرض وصاية على سيادة دولة قطر”. المثير للسخرية أن نشر تركيا قواتها على أرض قطر وتتضمن 5 آلاف جندي تركي مع أسلحتهم ومعداتهم الثقيلة لا تعتبرها قطر فرض وصاية “الباب العالي” العثماني على سيادة قطر. الرسالة الثالثة إبداء الدول الأربع أسفها على ما قاله أمير الكويت في واشنطن عن “نجاح الوساطة الكويتية بوقف التدخل العسكري”. الدول الأربع أكدت أن الخيار العسكري لم ولن يكون مطروحا بأي حال. الرسالة الرابعة هي اعتراض الدول الأربع على الشرط الذي وضعه وزير الخارجية القطري برفض قطر للحوار إلا بعد رفع إجراءات المقاطعة “لحماية مصالحها بشكل قانوني وسيادي”. هذا المَطب القطري يؤكد عدم جدية الدوحة للحوار أو حتى لقبول الوساطة الكويتية. الرسالة الخامسة تثمين الدول الأربع لموقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب. تأكيد ترامب الحازم على أن السبيل الوحيد لحل الأزمة هو ضرورة وقـف دعـم وتمويل الإرهاب جاء صفعة قوية لقطر. هذه ليست المرة الأولى التي يلـمح فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقطر بدعمها للإرهاب. في 9 يونيو الماضي، وصف ترامب قطر بأنها “ممولة للإرهاب على أعلى المستويات”. استمرت قطر بالمراوغة، وأعلنت عن اتصال الأمير تميم بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمناقشة مطالب الدول الأربع بما يضمن مصالح الجميع. إلا أن الدوحة لا يبدو أنها استوعبت الدرس وتصر على زرع المطبات في طريق التسوية، وآخر هذه المطبات محاولة قطر الفاشلة لزرع الفتنة بين الإمارات والسعودية. ليس لدى الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة أي استعداد للتسامح مع تحوير وتحريف السلطة القطرية للاتفاقيات والحقائق، وهـو الموقف القطري المعتـاد الـذي يراوغ منذ بدء الأزمة في الخامس من يونيو الماضي. على قطر إصدار تصريح واضح تشرح فيه موقفها بشكل علني، وأن تكون تصريحاتها متطابقة مع ما تلتزم به. لماذا؟ لأن الدوحة تعودت على دفن المصداقية عند اتخاذ المواقف، ثم تنقلب على نفسها لتتخذ في نشرات الأخبار مواقف جديدة مغايرة. من الواضح أن السبب الذي من أجله أعلنت عدة دول قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة، هو تدخل قطر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. توالت صفعات المقاطعة، الأردن خفض التمثيل الدبلوماسي مع قطر وألغى تصريح مكتب قناة الجزيرة المُرَوِجة لعزمي بشارة وعصابته. موريتانيا قطعت علاقاتها مع قطر، وجيبوتي أعلنت عن تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع قطر، والنيجر استدعت سفيرها من قطر. قطر ليست “الصداع” المزعج الوحيد في المنطقة، فقد تمكنت السعودية بفضل الله وفي عملية نوعية هذا الأسبوع من اكتشاف وإحباط مخطط إرهابي لتنظيم داعش الإرهابي، كان يستهدف مقـرين تابعـين لوزارة الدفاع بالرياض بعملية انتحارية بواسطة أحزمة ناسفة. في نفس الوقت تسعى السعودية لملاحقة مرتزقة الإخوان وحفنة من الـدعاة ممن يمتطون الدين لأهداف وغايات مشبوهة، إضـافة إلى التعامل الصارم مع رئيس تحرير سابق وكاتب مراهق بسبب توجهاته الإخوانية المعروفة. إلى الذين يتباكون على توقيف بضعة أشخاص ربما بسبب مواقفهم من سياسة المملكة، أقول لم نشاهد حماسكم عند إحباط المخطط الإرهابي الأخير ضد أمن بلدكم. وسط تلاطم أمواج هذا المحيط في المنطقة، فإن مَطَبات قطر لم تفاجئ أحدا ومواقفها المتضاربة معروفة للجميع. آخر هذه المواقف (هذا الأسبوع على الأقل) الكلمة التي ألقاها وزير خارجية قطر، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أمام مجلس حقوق الإنسان. تعد هذه الكلمة مظلومية أخرى ومحاولة بكائية لتزييف الحقائق، ولا تعكس سوى استمرار النهج القطري في محاولة تضليل الرأي العام الدولي تجاه حقيقة الأزمة السياسية. وكما أكد أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، فإن مطالب الدول الأربع مازالت الركن الأساسي لحل الأزمة. الجميع يتوقع أن تظـل قطر معـزولة بسبب تحايلها وتعنتها وعدم انصياعها لتلك المطالب المشروعة. عضو جمعية الاقتصاد السعوديةعبدالله العلمي
مشاركة :