القاهرة - قرب مطار القاهرة الدولي شرقي العاصمة المصرية، تتجاور 14 عربة متنقلة لبيع الأطعمة، في مشهد مستوحى من تجارب أوروبية، للحد من انتشار تلك العربات في الأماكن العامة وشوارع المدينة. ففي أحد الشوارع الراقية الواقعة في حي النزهة بالعاصمة القاهرة، خصصت الحكومة "شارع مصر" ليكون مكانا لتجمع عربات بيع الأكل في محاولة لإيجاد "قاهرة خالية من الباعة المتجولين" كما يصف مسؤولون. لدى دخول الشارع الممتد على طول نحو كيلومتر واحد، ستجذبك رائحة الطعام الزكية المنبعثة بفعل البهارات والتوابل، ومقاعد خشبية بألوان زاهية، ومشهد لسيل من الزبائن لا ينقطع. عربة "برغر استيشن" لصاحبتها الشابة ياسمين رحيم، تتوسط عربات أخرى مماثلة لتقدم وجبة البرغر الشهيرة (طعام غربي). ياسمين بدأت العمل على العربة في أحد شوارع القاهرة منذ 3 أشهر تقريبا، إلى أن تعرضت لمضايقات من الشرطة (التابعة للبلدية) انتهت بحجزها، كونها تبيع في مكان غير مسموح الوقوف به. حجز عربة ياسمين أثار ضجة كبيرة آنذاك بما عرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي بواقعة فتاة "عربة البرغر"، الأمر الذي دفع مسؤولين بارزين إلى التواصل مع الفتاة المصرية على رأسهم غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي. وكذلك فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحدث خلال كلمته في مؤتمر للشباب نهاية أبريل/نيسان الماضي عن تجربة ياسمين بحسب ما ذكرت تقارير صحفية محلية. حديث الرئيس دفع المسؤولين إلى تقديم عربة جديدة لياسمين بمقومات أفضل من تلك التي صودرت منها، لتتمكن من ممارسة عملها بحرية تامة في "شارع مصر". محمود علي صاحب عربة تحمل اسم "قهوة على الماشي (لفظ عامي)"، أشاد بفكرة مشروع تجميع العربات في شارع خاص، قائلا إن ما يميزه هو الابتكار والعمل وفقا لمبدأ التخصص في الأطعمة. وبحسب حديث محمود فإن حركة إقبال الزبائن على "الشارع" تسارعت مؤخرا، و"بتُ أحظى بزبائن دائمين يأتون إليّ باستمرار من وقت لآخر". وكما محمود، فإن الشاب المصري عماد ماجد الحاصل على مؤهل جامعي في السياحة والفنادق، وصاحب إحدى عربات بيع الطعام، يقول إنه بدأ تجربته بتقديم مشروبات ساخنة للشباب في الشوارع، مستخدما سيارته الخاصة. "لقد رفضت العمل في القطاع الخاص كونه لا يناسبني، ولجأت إلى عربات البيع المتنقلة"، يضيف عماد. ويقدم الشاب المصري على عربته في "الشارع" أكلات منها الكبدة والسجق ودجاج "الفاهيتا" و"الهوت دوغ" إلى جانب طبق يومي متجدد. وفي بداية عمله كان عماد يتعرض لأنواع كثيرة من المضايقات سواء من الشرطة أو المارة، لذلك يرى مشروع "شارع مصر" موفرا لقدر أكبر من الأمان، بحسب رأيه. وعلى الرغم من أن المشروع يهدف إلى خدمة أصحاب الأكلات الشعبية المصرية (الكشري والفول والفلافل وغيرها)، إلا أن أغلب العاملين فيه يعدون شطائر اللحوم والمأكولات الغربية. و"شارع مصر" مشروع افتتحه محافظ القاهرة عاطف عبد الحميد، أواخر أغسطس/آب الماضي وقال إنه "تجربة أولى تنفذها العاصمة (المصرية) لتجميع مشاريع الشباب المشابهة بشكل حضاري وقانوني". وذكرت تقارير صحفية محلية، أن لدى الحكومة المصرية نية في توسيع نطاق الفكرة، ليشمل أحياء أخرى في القاهرة وبقية المحافظات. ويدفع أصحاب هذه العربات للحكومة المصرية 1450 جنيها شهريا (نحو 80 دولارا أميركيا)، بدل إيجار أمتار قليلة من الشارع، إلى جانب خدمات الأمن والنظافة والكهرباء والمياه. ويذهب الشباب ـ خاصة حاملي الشهادات الجامعية ـ للتفكير في السفر إلى الخارج، أو الدخول بمشاريع خاصة لتجاوز أزمة البطالة التي بلغ معدلها 12 بالمئة خلال الربع الأول من 2017، بحسب الجهاز المركزي للمحاسبات (حكومي). وبلغ عدد الباعة المتجولين في مصر 8 ملايين شخص موزعين بين طلبة وموظفين، وربات بيوت، وأطفال، وأغلبهم يعملون لأوقات متقطعة، وفق دراسة أعدها اتحاد الصناعات المصرية (حكومي) في مارس/آذار 2015.
مشاركة :