قال وزراء الداخلية بدول الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، إن الاتحاد مصمم على الاستمرار في منع المهاجرين من الإبحار من الساحل الليبي رغم انتقادات نشطاء حقوقيين يقولون إن هذه الاستراتيجية تعمل على تفاقم المعاناة البشرية. وبعد جهود مضنية على مدار أكثر من عامين لوقف تدفق اللاجئين والمهاجرين من الشرق الأوسط وأفريقيا يأمل الاتحاد الاوروبي أملا مشوبا بالحذر أن يكون قد أمسك بزمام الأمور أخيرا. وكان اتفاق مع تركيا في 2016 قد أغلق فعليا بابا رئيسيا من أبواب الهجرة وقادت ايطاليا هذا العام مساعي الاتحاد الاوروبي للحد من عمليات عبور البحر المتوسط من ليبيا فقدمت أموالا ومعدات ونظمت دورات تدريبية لحرس الحدود والسواحل في ليبيا وأبرمت اتفاقات مع فصائل محلية لها السيطرة على الأرض في بلد مازال يفتقر إلى حكم القانون بعد مقتل معمر القذافي عام 2011. وانخفضت حركة عبور البحر المتوسط من نحو 28 ألف فرد في يونيو/ حزيران إلى أقل من 10 آلاف في أغسطس/ آب حسبما تظهر بيانات الأمم المتحدة. وقالت مصادر لرويترز في أواخر الشهر الماضي إن مجموعة مسلحة جديدة على الساحل الليبي تمنع زوارق المهاجرين من الإبحار. وتنتقد جماعات حقوق الانسان دعم الاتحاد الأوروبي لرئيس الوزراء الليبي فائز السراج والفصائل المتحالفة معه التي تدير مراكز احتجاز المهاجرين وشبهتها بمعسكرات الاعتقال. وقال رئيس مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان إن استراتيجية الاتحاد الاوروبي “واهية للغاية في حماية حقوق المهاجرين داخل ليبيا وعلى الزوارق وصامتة فيما يتعلق بالحاجة الملحة لبدائل للاحتجاز التعسفي للضعفاء”. وللتعويض عن ذلك زاد الاتحاد الاوروبي تمويله لوكالات الأمم المتحدة الخاصة بالهجرة واللاجئين لمساعدتها في السعي لتحسين ظروف المهاجرين داخل ليبيا. وقال اندريه انفيلت وزير داخلية إستونيا قبل بدء المحادثات في بروكسل مع بقية الوزراء “إذا نظرنا إلى تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط قبل بضعة أشهر والآن فإن انخفاض الهجرة غير الشرعية كان كبيرا من حيث الأعداد”. وأضاف “سندير مناقشة حول كيفية مواصلة قصة النجاح هذه”. ثقة في إيطاليا قال توماس دي مايتسيره وزير الداخلية الألماني للصحفيين “أنا سعيد لأن عدد الناس الذين يرسلهم المهربون عبر البحر المتوسط إلى ايطاليا انخفض فعليا في الشهرين الماضيين … ومن الضروري مواصلة هذه التطورات”. وأضاف “نحن بحاجة فعلا للعمل من أجل ضمان ألا يقوم كثيرون بكل بساطة بالرحلة عبر الصحراء إلى ليبيا. سياسة الجيرة مع افريقيا في غاية الأهمية من أجل انخفاض عدد المهاجرين الوافدين إلى ايطاليا بشكل قابل للاستمرار”. وبعد مواجهة صعوبات في رسم استراتيجية تتعلق بليبيا أصبح الاتحاد الاوروبي يترك لإيطاليا على نحو متزايد قيادة الجهود في هذا المضمار إذ أنها القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا. وقاد وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي هذه الجهود وحد من العمليات البحرية لمنظمات الإغاثة غير الحكومية وأبرم اتفاقات مع رؤساء بلديات في ليبيا لمحاربة تهريب البشر وأخذ خطوات أخرى. كما لعبت روما دورا محوريا في تدريب حرس السواحل الليبي الذي وجهت إليه اتهامات بارتكاب انتهاكات منها إطلاق النار على العاملين في مجال الإغاثة الذين يحاولون إنقاذ المهاجرين. ونفى الاتحاد الأوروبي أن الفصائل في مدينة صبراته الساحلية، التي تمنع في الغالب المهاجرين من الإبحار إلى أوروبا وتحبسهم، تحصل على أي من أمواله. غير أن دبلوماسيا كبيرا في الاتحاد الأوروبي قال إن استراتيجية الاتحاد معقدة. وقال الدبلوماسي “من الصعب معرفة ما يحدث في ليبيا على وجه الدقة. لقد عهدنا إلى إيطاليا بشكل متزايد القيام بهذا العمل هناك ونحن ندفع المال. ولن يوجد أي دليل على أن أموال الاتحاد الاوروبي تذهب مباشرة إلى جماعة مسلحة في مكان ما”. وأضاف “بعض الوسائل قد تبدو خلافية. لكن يجب أن يؤخذ في الاعتبار أيضا منع ضياع الأرواح في البحر وكذلك الاستقرار السياسي في إيطاليا. يجب ألا نتسرع في إطلاق الأحكام”.
مشاركة :