أعلنت وزارة التعليم العالي عن قبول جامعاتها 90% من خريجي الثانوية، هكذا حتى قبل أن تبدأ الجامعات إعداد اختبارات القبول فضلا عن إعلان النتائج، لن أتحدث عن شخصية الجامعة واستقلاليتها، هذا حديث غابر، ولا عن مهمتها التي انحصرت في توزيع الطلاب المقبولين على أقسامها المختلفة، هذا حديث أغبر، فقط أسأل، ربما للمرة العاشرة، عن حكمة فرض هذا القبول المرتفع الذي يفوق قدرة الجامعات الاستيعابية، بل إن بعضها يقبل طلابا يفوق المقاعد المتاحة، ثمانية من جامعاتنا تفعل ذلك حسب ما نشر (المدينة 20 شعبان الماضي) منها جامعة الملك سعود تقبل بزيادة 10%، جامعة الإمام 27%، جامعة الأميرة نورة 7%. هل وراء ذلك خطة استراتيجية تبرر تحويل جامعاتنا إلى مدارس ثانوية بالاكتظاظ الحاصل فيها، أم هي مجرد استجابة عاطفية لضغوطات أولياء أمور الطلاب؟ هل عدم وجود بدائل للتعليم العالي هو المعضلة؟ إذا سمحنا بذهاب 90% من خريجي الثانوية للجامعات، ماذا سنترك للمهن الأخرى المساعدة، كل مهني طبيبا مهندسا أو حتى معلما يحتاج خمسة مساعدين لإتمام وظيفته، الطامة الكبرى أن نسبة كبيرة من الـ 90% يوجهون لأقسام نظرية يعاني خريجوها من البطالة. السؤال الأساس أين ذهب خريجو المعاهد الفنية والتقنية والكليات المساعدة والمتوسطة وفنيو وتقنيو العالم يشغلون قطاعينا العام والخاص؟ أين ذهب خريجو المعاهد الصحية ومستشفياتنا مليئة بالممرضين والفنيين الأجانب؟ هل يعقل أنهم جميعهم منخفضو التأهيل والتدريب؟ هل يعقل أنهم جميعا هجروا طوعا مهنهم وشهاداتهم لأعمال إدارية، أم أن الراتب المتدني هو من يخرج المواطن من المنافسة؟. الاستمرار على هكذا سياسة تعليمية سيقلب الهرم التعليمي والمهني رأسا على عقب، سيغدو أصحاب الشهادات الجامعية هم الأكثرية، العاطلة للأسف، وسنصحو يوما وليس لدينا قاعدة مهنية فنظل أسرى الاستقدام والاعتماد على الغير. ربما آن الأوان للتركيز على المعاهد الفنية والمهنية ومراجعة مناهجها ومخرجاتها التي ساهمت بانتشار البطالة، وكذلك التوسع في الكليات المتوسطة وتطوير مناهجها، حتى في عالم الاستثمار علينا تشجيع أصحاب المشاريع الصغيرة والمهن الصغيرة، هؤلاء هم ركيزة الطبقة الوسطى المانعة لاصطدام الطبقات، هم الطبقة الصانعة للاستقرار والنمو والازدهار. Hadeelonpaper@gmail.com
مشاركة :