سمير غطاس يؤكد أن هناك علاقات وطيدة بين الجماعات الموجودة في غزة وسيناء

  • 9/15/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

النائب البرلماني ورئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، ومدير مركز مقدس للدراسات الاستراتيجية، أداء معالجة ظاهرة الإرهاب في سيناء، ورأى أن هناك طرقا تختصر الزمن وتقلل الخسائر للأسف لا تستخدمها أجهزة الأمن المصري التي لا تتعلم من الدروس السابقة، وأوضح أن هناك ارتباطا بين الجماعات الإرهابية في سيناء بغزة وأن التركيبة القبلية بين غزة وسيناء تغذي تفاقم الأوضاع، ولفت إلى أن التشكيل الأخيرة للهيئة العليا لمكافحة الإرهاب في مصر ربما تكون تشكيلا إعلانيا أو إعلاميا متسائلا عن علاقة البابا وشيخ الأزهر والإعلاميين بالأمر. وأكد غطاس أن المواجهة مع الإرهاب هي مواجهة طويلة ومضنية ليس في مصر فقط وإنما في العالم كله، وقال إن الإرهاب هو من المواجهات التي لا يمكن حسمها بالضربة القاضية ومن جولة واحدة، يمكن حسمها ولكن بعد العديد من الجولات، وأن مهمة كل دولة ونظام وقوة في مواجهة إرهاب أن تقلل الزمن وتقلل الخسائر وتحدث بالعكس خسائر في الطرف الأخر وتعجل بلحظة نهايته. وأشار إلى أن مصر تشهد الموجة الثانية من الإرهاب، الأولى كانت من 1985 إلى بدايات التسعينيات، لكنها كانت مختلفة نوعيا، جماعات محلية لا تملك تمويلا خارجيا وتسليحها محدود وقدراتها القتالية لا تسمح لها إلا بعمل إرهابي محدود للغاية، وهذه الموجة انتهت بضربة قاسمة، وتبعها هجرة أو تهجير أو بتعبير أصح حدث دفع من قبل النظام لقيادات هذه الجماعات الإرهابية إلى الخارج، وهم من قام على عاتقهم بعد ذلك تنظيم القاعدة والإرهاب العالمي بشكل عام، أما الموجة الحالية فنحن نواجه إرهابا نوعيا مختلفا ومعقدا. وأوضح د. غطاس أن الموجهة الإرهابية الحالية في مصر أقل من مثيلاتها في العراق وليبيا وسوريا على عدة مستويات أولا أنها بدأت محدودة جغرافيا ولا تزال في الغالب الأعظم في سيناء وتحديدا في مثلث العريش، الشيخ زويد، رفح، ثم انتقلت لاحقا إلى مناطق أخرى لكن ليس بنفس المعدلات ولا بنفس الإمكانيات. ثانيا يجب أن نعترف أن الإرهاب في مصر يستهدف فقط الأجهزة الأمنية من الجيش والشرطة، بخلاف الإرهاب في الدول الأخرى الذي يستهدف المدنيين من طوائف بعينها. ورأى أنه على الرغم من الميزات التي تعمل لصالح النظام المصري لم يستطع أن يجتث الإرهاب أو على الأقل يقلل من معدلاته، وقال: "في بعض المراحل يبدو وكأن الإرهاب قد تراجع لكنه يفاجئنا بعمليات كبيرة كتلك التي وقعت أخيرا في منطقة بئر العبد بالعريش، هذه العمليات الكبرى يجاورها عمل يومي صغير مثل القنص والعبوات المتفجرة الصغيرة، والعمل الفردي، واستهداف الكمائن، لكن بين فترة وأخرى تحدث تلك العمليات الكبيرة التي يروح ضحيتها عدد كبير من الجنود والضباط. لماذا؟ أولا أن الأمن في مصر لم يتعلم من العمليات السابقة، حذرنا مليون مرة من أن بعض العمليات تقع بشكل نمطي تماما، العملية الأخيرة تمت بشكل نمطي، عملية كرم القواديس تمت بشكل نمطي، وهناك عمليات تتم بشكل نمطي تماما، ومع ذلك تتكرر، هذا يعني أننا لا نستفيد من التجارب السابقة. ثانيا: يبدو أنه لا يوجد تنسيق بين القوات المواجهة للإرهاب، ولنأخذ العملية الأخيرة مثلا، قوات الشرطة خارجة في "قول" متحرك، كان يجب - وما يزال يجب - أن يكون هناك تنسيق بين حركة هذا "القول" من الشرطة وبين القوات الصديقة الموجودة في المنطقة، كان يجب - ولا يزال يجب - أن يكون هناك غطاء جوي لحركة هذا "القول"، بأن تتحرك طائرة بدون طيار أو طيارة أباتشي أو طائرة ألجازيل وكل هذا متوافر. ثالثا: هناك مشكلة أعمق من ذلك وهي نقص المعلومات الاستخباراتية في منطقة يمكن أن تحصل منها على معلومات غزيرة عن الخصم، هناك دائما حلقة ضعيفة استخباراتية لم تستطع الأجهزة الاستخبارية أن تخترق الجماعات أو أن تزرع فيها تابعين لها أو يعملون لصالحها، ليست لديك معلومات حاضرة وبالتالي يقع ما يقع. رابعا: هناك مشكلة أيضا كبيرة هي أنه أثناء مواجهتك للإرهابيين، يحدث لأنهم موجودون وسط المواطنين، بالضرورة خسائر بين المواطنين وهذا يؤدي إلى ردة فعل عكسية، تؤدي ردة الفعل هذه بدورها إلى تجنيد جيل جديدة من هؤلاء الذين يتعرضون إلى خسائر أثناء مواجهة الإرهاب فينضمون إلى الإرهابيين انتقاما، إننا في بيئة عربية، تضم قبائل لها تقاليدها وعاداتها فيما يخص العائلة والمرأة وعندها قضية الثأر، مما يحسن فرص الإرهابيين لاستخدامه، يعني مثلا الهجوم على منزل فيه نساء وأطفال أو كبار سن، فورا يقوم الإرهابيون باستغلال الأمر مما يؤدي إلى تجديد حيويتهم، فعلى الرغم من الخسائر التي تتكبدها هناك باستمرار من قوات الجيش والشرطة يحدث رافد من الشباب الذين يطالهم وأهاليهم خسائر. وحول سبل تجفيف موارد الإرهاب أوضح د. غطاس "نحن في منطقة مجاورة لقطاع غزة الذي تحكمه حماس كسلطة أمر واقع، وهناك ما لا يقل عن أربع جماعات بايعت داعش، وهي تغذي الجماعات الموجودة في سيناء، وأضرب لك مثالا لم يشر له أحد من قبل، البيان الأول الذي صدر عن العملية الإرهابية الأخيرة من ولاية بيت المقدس نشر أولا على موقع ابن تيمية في غزة، وهو الموقع الذي يعني بنشر كل أخبار الجماعات الإرهابية، وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه منذ زمن أن هناك علاقات وطيدة بين الجماعات الموجودة في كل من غزة وسيناء، ويغذي هذه التركيبة النظام القبلي، هناك مثلث من القبائل موجود في سيناء والنقب وغزة مثل التياهة والرميلات وغيرها، هذه القبائل فروعها متواجدة في هذا المثلث، والعلاقات القبلية أعلى من علاقات الدولة والوطن، وهذا يضيف صعوبات، لكن كان يمكن اختصار الزمن والخسائر، وللأسف الشديد تم تشكيل هيئة عليا لمكافحة الإرهاب، لكن تشكيلها يدل على أنها غير معنية بمواجهة الإرهاب، ما معنى أن تكون هيئة من المفروض أن تواجه الإرهاب يكون البابا وشيخ الأزهر وعدد كبير من الصحفيين ولا تضم إلا خبيرين في أمر الإرهاب، ويستثنى كثيرون ممن لهم علاقة بمواجهة الإرهاب، ربما يكون هذا شكل إعلامي أو إعلاني. وأكد أن المواجهة مع الإرهاب تتطلب وجود فريق صغير للغاية من الخبراء من خارج الأجهزة يتواجد قرب صاحب القرار ويستطيع أن يعيد الدرس ويشير إلى مواطن الضعف حتى تكون هناك استيراتيجية فاعلة للمواجهة مع الإرهاب، لكن إذا استمر الأمر بالمعدلات الحالية فإنه سيبقى على ما هو عليه لمدد طويلة. واستدرك د. غطاس مشيرا إلى أن قوات الشرطة في داخل مصر وبعيدا عن سيناء استطاعت أن توجه ضربات قوية استباقية، مثلا منعت وجود فرع لداعش في صعيد مصر، ومنعت وجود فرع لداعش في القاهرة أو حدت منه على الأقل، هناك استراتيجية صحيحة لضربات استباقية داخل مصر، لكن في سيناء لا تزال المشكلة قائمة حتى الآن. وأضاف أن سلطة ما يسمى ولاية سيناء في المثلث الذي أشرت إليه سلطة قوية جدا على الأهالي، إنها تحكم في وضح النهار، ممنوع تشغيل التليفزيون، ممنوع طلاء المحلات بألوان مختلفة غير المقررة من جانبها وهو اللون الأسود، ممنوع تحرك الإسعاف، يسرقون عربات المطافئ والإسعاف، وفي العملية الأخير أقامت عناصرها كمينا يمنع أي إمدادات لنجدة القوة التي ضربت بما فيها الإسعاف، وهي تستهدف من ذلك أولا إلحاق أكبر الخسائر بالقوات، وثانيا إظهار الدولة وكأنها عاجزة عن إنقاذ أبنائها. ولفت د. غطاس إلى أن أحد مبادئ مكافحة الإرهاب أن تخرج الإرهابيين من بحر المواطنين وتفصل بينهما، وقال "وما أقوله لك موجود في كتب الـ "كي جي وان" لمن يشتغلون بمواجهة الإرهاب، والمشكلة أنك لا تعمل بذلك، لا تعمل بكتب "الـ كي جي وان"، يعني لديك "قول متحرك"، أي ضابط صغير أو أي أحد يشتغل بمواجهة الإرهاب عنده مينوال "كيف تحرك قول؟" "كيف تؤمن تحركه؟"، أنت لا تقوم بذلك، في المينوال الفصل بين الإرهابيين وبين المواطنين يتم بطريقتين الأولى أن تكسب المواطنين إلى صفك بأن تقدم لهم خدمات عظيمة تستطيع من خلالها تأمينهم فيكونون معك ويعملون ضد الإرهابيين، وإذا جند بعضهم لصالحك لابد أن تحميهم، وإذا فقدوا ضحايا فلابد أن تعوضهم وتعتبرهم شهداء مثل شهداء الجيش والشرطة، فتتمكن من فصل الإرهابيين عن المواطنين، الطريق الثاني إذا استعصى عليك تماما الأول فإن عليك أن تقوم بفصل عضوي بمعني أن تخرج المواطنين وتعزل الإرهابيين لتصفيتهم، لكن هذا الطريق الثاني لابد أن يكون مؤقتا وأن توفر لمن ستقوم بإخراجهم من المربع السكني مثلا أماكن إيواء لائقه محترمة كي لا يزيد سخطهم، لا تأخذ الناس من بيوتها وتلقيهم في الشارع متعللا بمواجهة الإرهاب، لابد من تجهز أماكن إيواء محترمة وتخرج سكان المربع المستهدف وتطهره وتعيد إليه سكانه مرة أخرى، وهكذا حتى تضمن عدم عودة الإرهابيين مرة أخرى، كل ما أقوله وغيره كثير موجود ويتم العمل به في الأدبيات المعروفة لمكافحة الإرهاب. لكن للأسف الشديد نحن في مكافحة الإرهاب نتعامل بالفهلوة وليس بعلم مكافحة الإرهاب. وأشار د. غطاس إلى أن 90% من مكافحة الإرهاب تعتمد على العمل الاستخباري، أن تحصل على معلومات عن الخصم، وأوضح أن هناك مليون طريقة للحصول على هذه المعلومات سواء من خلال القوة البشرية، بأن تزرع أفراد يكونون قريبين ويحصلون لك على المعلومة أو من خلال الأجهزة الحديثة مثل السينسور والطائرة بدون طيار والمنطاد وغيرها من الأدوات التكنولوجية التي يمكنها جلب المعلومات، أنت في منطقة محدود سكانيا وجغرافيا وتستطيع أن تستخدم كلا الطريقتين لصالحك وتنسق مع الآخرين، فأنت تستطيع أن تحصل على معلومة وتحفظها لديك، لكن المعلومة توقيت، المعلومة مرتبطة بالتوقيت، إذا كانت معلومة متأخرة فلا قيمة لها، كذلك المعلومة الواردة قبل وقتها بمدة طويلة لا قيمة لها لأنها تعمل على الاسترخاء، فالمعلومة لابد أن تكون في وقتها، هذا يقلل الخسائر، لكن أنت لا تستخدم ذلك، أنت إلى جوارك على الشريط الحدودي إسرائيل تستخدم المنطاد، أنت لا تملك المنطاد، هناك طائرة بدون طيار أنت لا تملك طائرة بدون طيار، هناك سينسور تباع في السوق في أي بلد أوروبي، أنت ثلاثة مرات تم خطف عربة خزان المياه ومرة عربة مطافئ منك وتم تلغيمها وإرسالها لك مرة أخرى، طيب أول مرة ممكن تحصل فيك لكن ثاني مرة ليس لازما، تضع فيها سينسور بعشر دولارات وتتيح لهم سرقتها وأنت على المونيتور تتابع سير هذه العربة، لماذا لا تفعل ذلك؟" وشدد غطاس على أن هناك طرقا عديدة لجمع المعلومات سواء بالقوة البشرية أو بالتكنولوجيا الحديثة ويجب أن تملكها وتقويها لتقليل خسائرك، للأسف نحن بطيئين جدا، على الرغم من توافر الطرق والإمكانيات، أنت تستطيع أن تزرع قوة بشرية تأتي لك بالمعلومات، هم على العكس منك يحصلون على معلومات من بين الناس ومن خلال تشغيلهم، يشغلون الصغار الذين يبلغونهم بالمعلومات، ولد صغير في موقف السيارات يبلغ بالتليفون أن مجموعة مثلا من العساكر ركبوا سيارة بيجو ورقمها كذا كذا ولونها كذا كذا ومتجهة إلى المكان الفلاني، هنا تخرج مجموعة لرصد العربة وضربها، لماذا تضطر عساكرك لاستقلال عربة من موقف عام؟ وبالتالي هناك إمكانيات لاستخدامها لاختصار الزمن وتخفيض الخسائر، لأنه كلما حقق الإرهابي نتائج إيجابية من وجهة نظره نفسه يطول، في حين تضعف معنوياتك، فيجب أن توقع به خسائر أكبر متفاديا أي خسائر في المواطنين لأن ذلك ينتج عنه ردود فعل عكسية ويجند عددا كبيرا جديدا. وختم د. غطاس بأهمية ما يسمى بالأمن السياسي، "لأن الأمر ليس ضرب فقط أو أن تستخدم قوتك في معالجة ظاهرة الإرهاب، لابد أن تستخدم ذكاءك السياسي في التعامل معها".   محمد الحمامصي

مشاركة :