أصدر مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية دراسة حديثة تتناول التنافس التركي الإيراني على العراق من القرن الخامس عشر حتى معركة الموصل، حيث أن الأهمية الاستراتيجية للعراق جعلت منه هدفاً للقوى الإقليمية المجاورة له خاصة تركيا وإيران، وأيضاً مسرحاً لتحولات كبرى ومتسارعة عبر القرون، كما أن الأحداث السياسية وسرعة وتيرتها أتاحت لتركيا وإيران بناء نفوذهما والسعي للسيطرة على العراق بما يتلاءم مع الأدوار التي يسعى كل منهما إلى أدائها. وتوضح الدراسة التي صدرت ضمن دورية “دراسات” البحثية أن الصراع بين الطرفين استمر على العراق في القرن الماضي وفي التسعينات سعت كل منهما إلى ملء الفراغ الذي تركه انهيار الاتحاد السوفيتي من أجل بسط نفوذهما، ومنذ عام 2001م والحرب على الإرهاب وسقوط صدام حسين اغتنمت تركيا وإيران قوتهما لتحقيق النفوذ في كل المجالات داخل العراق، وزادت حدة النفوذ مع اندلاع الربيع العربي وانسحاب القوات الأمريكية من العراق، مما أتاح فراغاً أمنياً استغله تنظيم داعش الإرهابي، لتصبح العراق ساحة للتنافس والتمزيق بين تركيا وإيران في ظل عدم القبول بتسوية ترضي كلا منهما، حيث تستغل إيران نفوذها الإيديولوجي والقرب الجغرافي والاجتماعي التاريخي في العراق، بينما تعتبر تركيا نفسها الأب الشرعي للأراضي العراقية وتخشى التفريط فيها وفي حمايتها. وتركز الدراسة التي أجراها الباحث البحريني عبدالله بن علي آل خليفة على التنافس التركي الإيراني المحموم على العراق والذي يعود إلى عهد الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية ثم القاجارية ليس على العراق فحسب بل يتعداه إلى دول الإقليم، واتسمت العلاقة بينهما بالتوتر والمنافسة والحروب الطاحنة بين العثمانيين والفرس حتى تأسيس الجمهورية التركية 1923م، وبعدها شهدت العلاقات بينهما نوعاً من الهدوء بل والتعاون في بعض المجالات، وخفت حدة التنافس بين تركيا وإيران، ومع قيام الثورة الإيرانية عام 1979م انقطعت العلاقات بينهما وتجمدت حتى الغزو الأمريكي البريطاني للعراق 2003م ليشتعل التوتر بين البلدين من جديد. وترصد أن التنافس التركي الإيراني على العراق تحول في العقود الماضية إلى صراع وتفاقمت حدة الاستقطابات في كل المجالات ومختلف الأصعدة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأمنية، وزاد التنافس القائم على النفوذ الجيوسياسي في الإقليم ليشمل النفوذ على الدول العربية المجاورة للعراق وصولاً لمنطقة الخليج العربي، فيما تعمل القوتان الإقليميتان حالياً على توسيع مجال نفوذهما ليتعدى الفضاء العربي وليشمل مناطق متعددة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز. وتذهب الدراسة التي صدرت مؤخراً عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية إلى أن الصراع العثماني الفارسي في العراق من أقدم الصراعات المعاصرة في وقتنا الحاضر لما للعراق من قيمة حضارية وتاريخية واقتصادية واستراتيجية، وأيضاً وجود الأماكن الدينية والعتبات المقدسة للشيعة في العراق، مما أسهم في اشتداد المنافسة والصراع بين الطرفين في عدة محاور أهمها المشكلات الحدودية. وتعرض العراق لاستقطابات سياسية شديدة من كل من تركيا وإيران، استخدمت فيها إيران الورقة الدينية فيما استعملت تركيا موروثها التاريخي، فيما مثل استيلاء تنظيم داعش على الموصل عام 2014م تهديداً على تركيا وإيران، مما فرض على تركيا التدخل العسكري لإعادة التوازن المفقود لصالح إيران بسبب دعمها للحشد الشعبي الشيعي. يمكن قراءة كامل تفاصيل الدراسة ومزيد من المعلومات عنها عبر الرابط: https://docs.google.com/viewer?url=http://www.kfcris.com/pdf/a8c86f19b3dc72c7a633fbfce0eb23f459411322857a4.pdf&embedded=true
مشاركة :