القاهرة: محمد شبانة معتز الدمرداش واحد من أشهر الإعلاميين في مصر حالياً، حاز برنامجه «90 دقيقة» جماهيرية كبيرة ونسبة مشاهدة عالية، بعد أن تنوعت أفكاره، وناقشت مختلف القضايا التي تمس حياة الناس والمجتمع، كما يعود الدمرداش إلى السينما مجدداً من خلال فيلم «أيام الغضب والثورة»، الذي يرصد سنوات ما بعد ثورة 25 يناير 2011، إلى ثورة 30 يونيو 2013. حول برنامجه والمواضيع المهمة التي يتناولها، وعودته الفنية الجديدة، كان لنا معه هذا الحوار. ما الفرق بين برنامج «90 دقيقة» قبل أن تغادره وبعد عودتك إليه؟- الفرق كبير وجوهري على جميع المستويات. البرنامج يتم تطويره باستمرار ليواكب كل جديد في المجتمع، وكل قضية جديدة تُثار، أو حتى قديمة لم تجد حلاً، تجتمع خلية نحل من المختصين لاستيفاء جميع جوانبها قبل عرضها على الشاشة. أنا أيضاً أدرس الحلقة جيداً، قبل أن أقف أمام الكاميرا، احتراماً لنفسي وللجمهور الذي قدّرني وتابعني. لا يمكن أن أقف أمام الكاميرا وأنا غير مستعد، سواء نفسياً أو معرفياً، أن أكون على دراية بجميع جوانب موضوع الحلقة، فذلك حق المتابعين عليّ، وليس فضلاً مني.ما رأيك في مقولة أن معظم مقدمي برامج التوك شو عديمي الموهبة؟- سأتحدث بصراحة، هي مقولة صحيحة إلى حد ما؛ لأننا حتى 6 سنوات مضت، كانت البرامج محدودة والمذيعون اللامعون معدودين، لكن بعد الثورة وإلغاء وزارة الإعلام، وتضاعف عدد القنوات الشرعية أو التي تبث من الخارج بشكل غير مشروع، زادت برامج التوك شو. ومع قلة عدد المذيعين المشهورين كان من الطبيعي أن تصعد وجوه جديدة، لكن للأسف أغلبها غير مؤهل للعمل الإعلامي، ولم يدرس الإعلام أصلاً، لذلك انتشر الغثاء وضعفت البرامج بمرور الوقت، وبدأت تتلاشى، وعادت البرامج الكبيرة القوية المعدودة تتصدر الساحة من جديد.ما الذي يميز البرامج حالياً؟- خلت الساحة الإعلامية من المهاترات التي سادت في السنوات السابقة، وأصبحت البرامج أكثر وقاراً في مناقشة القضايا دون تسفيه الآخرين، والمخالفين في الرأي (كما كان الحال)، المواضيع السياسية اختفت شيئاً ما، بعد أن ملّ الناس منها، وهذا يثبت أن الجمهور له الكلمة في فرض نوعية محتوى برامج التوك شو، وحلت محلها القضايا الاجتماعية، التي أتحمس لها بالدرجة الأولى؛ لأن من المفترض أن البرنامج يخدم المواطن في الأساس. برامج التوك شو ستظل موجودة، وستظل نسبة المتابعين لها كبيرة، فقط تغير محتواها وأعتقد أنه إلى الأفضل.لكننا نجد أحياناً أكثر من برنامج يناقش نفس الفكرة في نفس اليوم؟- هذا قد يحدث؛ لأن القنوات تتنافس في الأساس، وعندما يقع حدث ما، يكون محور برامج التوك شو، المشاهد في الغالب يتابع برنامجاً واحدًا فقط، ويكون المفضل لديه، ويثق بالتأكيد في مادته الإعلامية، وليس في حاجة إلى قنوات أخرى للتأكد مما يراه ويسمعه، إلا إذا كان من المختصين وهم قلة.حلقة «اغتصاب الأزواج» نالت نسبة مشاهدة عالية جداًَ.. ما السبب؟- الحلقة تناولت قضية حساسة مسكوت عنها، تحدث في السر داخل بعض البيوت، فيها امتهان لآدمية المرأة، ولا تستطيع أن تتكلم وتبوح بآلامها، لا يمكن أن يقوم بها شخص عاقل متزن، هي أمام المجتمع زوجة، لكنها في الحقيقة ضحية، الحلقة حققت نسبة مشاهدة عالية جداً في التلفزيون، ونسبة مشاهدة أعلى على يوتيوب، وما زالت تجتذب جمهوراً كل يوم. جرأة أن نتناولها، لكن كان يجب أن تظهر للنور، لتخضع لحوار مجتمعي لإيجاد حلول جذرية لها، وأعتقد أن آراء الخبراء فيها كانت عملية جداً، لو تم تطبيقها فعلياً.ألا ترى أن البرنامج أصبح أكثر جرأة في انتقاد الحكومة في بعض الحلقات؟- نحن لا ننتقد الحكومة نفسها، بل أداءها في بعض المواضيع المتعلقة بالحياة اليومية، مثل ارتفاع الأسعار بشكل جنوني غير مفهوم، دون أن تتحرك للحد من هذه الظاهرة المفزعة، التي تتوغل يوماً بعد يوم على الرغم من الوعود. الشعب يحتاج تفسيراً مقنعاً. لست اقتصادياً لأدلي برأيي الشخصي في هذه النقطة، لكنني أرى أن ارتفاع سعر الدولار هو السبب الأساسي؛ لأن مصر مثل معظم الدول تتعامل به في المعاملات الرسمية الدولية، والتجارة الخارجية، والمستوردون هم السبب الثاني؛ لأنهم يستقدمون كثيراً من المنتجات يمكن الاكتفاء بها محلياً، ويبيعونها بسعر أرخص، لأنها خامات سيئة سريعة التلف، وبالتالي يسهمون في زيادة أزمات الاقتصادي القومي، الذي يعاني ديوناً داخلية وخارجية.تنوع الحلقات في مصلحة البرنامج أم ضده؟- برنامج التوك شو، لا بد أن تتنوع فيه الحلقات، وأن يناقش موضوعاً مختلفاً في حلقة مع المختصين، سواء باستضافتهم في الأستوديو أو بالاتصال بهم أو تلقي مكالماتهم على الهواء، قد تجمع فكرة واحدة الحلقات كلها مثل الأسلوب الكوميدي؛ لكنه لا يناسب طبيعة برنامجنا الرصينة الهادئة التي تناقش أي مشكلة بكل حياد وموضوعية. الجدية مبدؤنا في التعامل مع الأفكار الجديدة في كل حلقة.عملت في التلفزيون البريطاني وقنوات «المحور» و«الحياة» و«mbc مصر» ثم عدت إلى «المحور».. كيف كانت تجربتك؟- بعد أن أكملت دراستي عملت لفترة في التلفزيون البريطاني في لندن، ثم عدت إلى مصر، ثم عملت في «المحور» ثم «الحياة» التي قدمت فيها برنامج «مصر الجديدة» لمدة 3 سنوات، ثم انتقلت إلى «mbc مصر» وقدمت برنامج «أخطر رجل في العالم»، ثم عدت إلى «المحور» في برنامجي الجديد القديم «90 دقيقة» وهو أقرب البرامج إلى قلبي.تنقل المذيع بين القنوات يفيده أم يضره؟- يفيده طبعاً؛ لأنه يُكسبه خبرات متراكمة، نتيجة عمله في أماكن متعددة ودول مختلفة، لها اهتماماتها المحلية والإقليمية والدولية. تعلمت كثيراً من عملي في الدول والقنوات سالفة الذكر، علماً أن انتقال المذيع، قد يضر القناة نفسها؛ لأن البرنامج يحتاج مذيعاً جديداً بنفس القدر من شعبية المذيع السابق، وقد يستمر البرنامج بالمذيع الجديد دون حدوث تبعات لأن ذوق الجمهور من الصعب التنبؤ به، قد ينجح البرنامج بسبب المذيع أو بسبب الفكرة نفسها، وفي الغالب بسبب الاثنين.والحل بالنسبة لهذه النقطة؟- رحيل المذيع يتم بالاتفاق مع القناة وليس عشوائياً، تقديم البرنامج لموسم أو اثنين أو ثلاثة، أو يستمر لسنوات كما هو الحال في «90 دقيقة» وغيره من البرامج التي يقدمها زملائي الإعلاميين في القنوات الأخرى، يخضع لاعتبارات كثيرة منها درجة النجاح الجماهيري، وإقبال شركات الإعلان، وحساب تكاليف الإنتاج ونسبة الربح.لماذا بكيت أثناء عرض تقرير عن الفنانة كريمة مختار أثناء الاحتفال بيوم المرأة المصرية؟- كنت جالساً بين الجمهور، ولم أستطع أن أتماسك وانهمرت دموعي، ورصدتني الكاميرات، في الواقع كنت متعلقاً بوالدتي جداً، وهي لم تكن أمي فقط، بل أم المصريين كلهم. جنازتها كانت مظاهرة حب لها، وعلى الرغم من أنني كنت متأكداً من حب الجمهور لها، لكن للأمانة لم أكن متخيلاً أنه كان بهذا الشكل الجارف، وعبر مطبوعتكم الغراء أتقدم بخالص الامتنان لكل من حضر الجنازة أو العزاء أو واساني بشكل شخصي.لو عرض عليك تقديم برنامج في التلفزيون المصري هل توافق؟- ولم لا؟ في بداياتي بمصر عملت لفترة في برنامج «أنباء وآراء» كمذيع، وهو برنامج إخباري تحليلي أسبوعي، وكانت له جماهير كبيرة. مبدئياً ليس عندي مانع في تقديم برنامج للتلفزيون المصري، بشرط الجدية في تنفيذه والجودة في الإنتاج والمحتوى. العمل في تلفزيون بلادي، إذا تحسنت الأحوال وعاد لدوره، يسعدني بالتأكيد وأرحب به.ماذا عن أحدث أعمالك الفنية؟- أعود إلى السينما بعد غياب سنوات، منذ فيلم «لا تراجع ولا استسلام.. القبضة الدامية»، مع الكاتب الكبير وحيد حامد بفيلم «أيام الغضب والثورة» الذي يجري الإعداد له، والمخرج المبدع محمد سامي، وحشد من النجوم منهم أحمد السقا، ومحمد رمضان، وأحمد رزق، والفنان القدير نبيل الحلفاوي، وعدد آخر من الفنانين. ولا أريد أن أنسى أحداً، الأحداث تدور في مصر ابتداء من ثورة 25 يناير 2011، وما تلاها من توابع خلال سنوات، وصولاً إلى ثورة 30 يونيو 2013، التي أسقطت مشروع «التيار المتأسلم» في مصر إلى الأبد، لم أقرأ السيناريو حتى الآن، على الرغم من أنني وافقت عليه بحماسة، وتم الإعلان عن بعض الأدوار بالفعل. وأعتقد أنني سأظهر بشخصيتي الحقيقية فيه.
مشاركة :