متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية.. ملتقى الشرق والغربيعد متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية إحدى أهم العلامات الثقافية والفنية البارزة في مدينة الإسكندرية المصرية، وقد تم بناء هذا المتحف الفني والانتهاء من إنشائه ليكون متحفا فنيا للإسكندرية في عام 1954، وأقيم المتحف على الأرض التي أهداها لبلدية الإسكندرية البارون دي منشا، أحد التجار من الأجانب الأثرياء بالإسكندرية الذين كانوا يعيشون بالمدينة، وللمتحف قصة وتاريخ.العرب [نُشر في 2017/09/16، العدد: 10753، ص(16)]متحف ذو طبيعة خاصة الإسكندرية (مصر) – عندما أهدى أحد الفنانين الألمان 210 أعمال فنية إلى بلدية الإسكندرية خلال عام 1904، جاءت فكرة إنشاء متحف خاص للفنون الجميلة يضم كافة الأعمال الفنية لكبار المبدعين، لا سيما بعدما اشترط هذا الفنان، واسمه إدوارد فريد هايم اختيار مكان أمين لحفظ هذه الأعمال، التي وصفها بأنها من أعظم الأعمال لأكبر الفنانين الغربيين. وبعد مرور اثنين وثلاثين عاما على اقتراح الفنان الألماني إدوارد فريد هايم، أهدى أحد الأثرياء السكندريين، واسمه البارون دي منشا، بلدية الإسكندرية قصرا كبيرا بحي محرم بك، للاحتفاظ فيه بكافة الأعمال الفنية سواء المصرية أو القادمة من الدول الغربية. القصر والحرب كان البارون دي منشا يعمل بالتجارة، تزوج من سيدة بريطانية الأصل وأنجب منها ولدين، وعندما كبرا فكر في أن يعتزل التجارة، ويقضي ما تبقى من حياته في مكان آخر غير الإسكندرية، وهو ما دفعه إلى التنازل عن القصر بعد أن شيد في الحديقة الملحقة به مدرستين، بدأ بهما كمدرسة كبيرة، ثم انقسمتا بعد ذلك إلى مدرستين. وتم تقسيم القصر بعد تسلم البلدية له إلى أقسام على أساسها يتم توزيع الأعمال الفنية، كل منها بما يناسب القسم الخاص بها داخل القصر، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد تعرض القصر لضربات قاضية بعد قيام الحرب العالمية الثانية، مما أثر على بنيانه، الأمر الذي ترتب عليه قلق البلدية من استهداف الأعمال الفنية التي توجد بالداخل بطلقات أو ذخائر، ومن ثم قامت بنقل جميع الأعمال الفنية إلى مكان آخر أكثر أمانا على هذا الكنز الفني، كما أنها قامت خلال هذا الوقت بترميم القصر ومعالجة الأضرار التي لحقت به، بهدف تحويله إلى متحف كبير يستحق تزيينه بأعمال مثل هذه. وكلف مدير عام بلدية الإسكندرية، حسين صبحي، أيامها أحد المعماريين الأكفاء، فؤاد عبدالمجيد، بتحويل القصر إلى متحف كبير يليق بالكنوز الفنية المهداة من أكبر الفنانين الأجانب، يكون الهدف منه الحفاظ على الإبداعات الفنية المتميزة، وبالفعل أبدع المهندس المعماري في تشييد المتحف محل قصر التاجر السكندري، حيث بناه متضمنا الكثير من أقسام العرض الفنية، كما ألحق به مكتبة تضم العديد من المضامين الفنية، بالإضافة إلى مركز خصص من قبل البلدية لإقامة الحفلات والمؤتمرات الفنية، وصالة كبرى خصصت للعروض السينمائية. المعرض يقدم لزواره بعض أعمال المدرسة الباروكية، والمدرسة الرومانسية، بالإضافة إلى لوحات لمستشرقين ومصريين رغم كل هذه الاستعدادات إلاّ أن المتحف لم يتم افتتاحه بشكل رسمي، فقد كان مجرد مكان آمن يضم أعمالا فنية رائعة، إلى أن جاء مجلس قيادة الثورة عام 1954، حيث قام بافتتاح المتحف رسميا، احتفالا بمرور عامين على ثورة يوليو، التي قام بها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. وبعدها احتضن المتحف الذي سمي بعد ذلك بمتحف الفنون الجميلة، الدورة الأولى من إحدى الفعاليات الفنية الشهيرة على مستوى العالم، والتي تسمى بـ”بينالي الإسكندرية”، وضمت الفاعلية حينها 14 دولة من دول حوض البحر المتوسط، ومنذ ذلك الحين اعتبر متحف الإسكندرية للفنون الجميلة وجهة الفن والفنانين، حيث يعرض في هذا المتحف الكثير من الأعمال الفنية التي تنتمي إلى عدة مدارس تشكيلية، كما أنه ضم بعض أعمال المدرسة الباروكية، وكذلك المدرسة الرومانسية، بالإضافة إلى عدد كبير من اللوحات الفنية للكثير من المستشرقين. ويوجد قسم بمتحف الفنون الجميلة بحي محرم بك بالإسكندرية، يحتوي على بعض أعمال الحفر الخشبي، وقد تمثلت هذه الأعمال في صورة طيور بمختلف أنواعها، كما تجسدت في أشكال هندسية وصناديق للملابس وكراسٍ، وذلك كله بالإضافة إلى أعمال فنية أخرى متميزة، تنسب للفنان محمود مختار، وغيره من الفنانين المصريين والأجانب الذين أظهروا في أعمالهم الفنية روح الشرق العربي على طريقتهم الغربية. لوحات خاصة يشير علي السويسي، أستاذ تاريخ الفنون بجامعة السويس، إلى أن المتحف يحوي قسما كبيرا خصص لإقامة الأمسيات الفنية والأنشطة المتنوعة، حيث أن المتحف لم يكن مصدرا للأعمال التصويرية والمرسومة أو المجسدة، لكنه ضم أيضا الكثير من الأعمال الفنية الأخرى، وقد أقيم بالمتحف الكثير من المعارض الفنية للعديد من الفنانين، كان ذلك في القسم الخاص بالمعارض الفنية، كما أن هناك قسما آخر خاصا بأنشطة التبادل الدولي في مجال الثقافة والفن، حيث أقيم به الكثير من المعارض والمؤتمرات الدولية. وأضاف السويسي “هناك ثلاثة أقسام فنية رئيسية بمتحف الفنون الجميلة، قسم يضم عددا من أعمال الفنان الألماني إدوارد فريد هايم، صاحب فكرة إنشاء متحف كبير يضم الأعمال الفنية بالإسكندرية، كما أن هناك قسما آخر يحتوي على غالبية لوحات “المستشرقين” الفنية، التي كان يمتلكها الفنان محمد محمود خليل، ووضعها في المتحف للحفاظ عليها وحتى تكون أيضا جاذبة للرواد حول العالم”. وتعد هذه المجموعة من الأعمال التي كانت تتخذ مكانة خاصة لدى الفنان المذكور، ولكن رغم ذلك رأى أنه من الأفضل أن تكون داخل المتحف، حيث أنها ذات طبيعة خاصة متميزة تتآلف مع خصائص غالبية مقتنيات المتحف الفنية. أما القسم الثالث بمتحف الفنون الجميلة، فأوضح أستاذ تاريخ الفنون، أنه يضم بعض الأعمال التي كانت بمتحف الفن المصري الحديث الذي أقيم بالقاهرة، فضلا عن الأعمال الفنية المصرية والأجنبية التي أهداها أصحابها إلى المتحف لإثرائه.
مشاركة :