الانتصارات الرياضية والزيجات والاحتفالات الدينية مناسبة في باكستان لاطلاق النار في الجو منذ مئات السنين. نظريا ينبغي الحصول على رخصة لحمل السلاح في باكستان كما ان حيازة الاسلحة الرشاشة وذات العيار الثقيل تخضع لتراخيص معينة. الا ان الاسلحة منتشرة كثيرا في السوق السوداء في شمال غرب البلاد عند الحدود مع افغانستان والجرائم المسلحة كثيرة في المدن الكبرى. بعد فوز باكستان الكبير على المنتخب الهندي الخصم خلال كأس ابطال الكريكيت في حزيران/يونيو، قتل شخصان على الاقل وجرح المئات خلال اطلاق النار ابتهاجا في البلاد. في نوشره في محافظة خيبر باختونخوا القريبة من المناطق القبلية في شمال غرب البلاد كان لائق شاه برفقة نجله نوين في متنزه يحتفل فيه الناس بالفوز عندما اصابت رصاصة طائشة الطفل في الرأس. ونقل على وجه السرعة الى مستشفى في بيشاور وبقي حوالى ستين ساعة في غيبوبة قبل ان يفارق الحياة متأثرا باصابته. ويقول الوالد المفجوع "من السهل جدا القضاء على اسرة شخص اخر من دون ان ندرك ذلك". "ثقافة الكالاشنيكوف" ويبدو الهوس بالاسلحة جليا جدا في شمال غرب باكستان القبلي حيث بعضها اقل كلفة من سعر هاتف خلوي فيما يتنقل غالبية الرجال مسلحين. وتشكل البنادق والرشاشات والمسدسات جزءا لا يتجزأ من المشهد بحيث باتت تعتبر اكسسوارات مثل الحلى والمجوهرات. وثقافة السلاح الراسخة اصلا في باكستان، تعززت اكثر في الثمانينات بعد الغزو السوفياتي لافغانستان المجاورة عندما راح الاميركيون يمدون بالسلاح المجاهدين الذين يواجهون القوات الروسية على الجانب الاخر من الحدود. ولدت عندها "ثقافة الكالاشنيكوف" مع توافر الاسلحة الاوتوماتيكية في عدد من الاسواق الشعبية التي تمد الجماعات المتطرفة المسلحة التي بقيت ناشطة حتى بعد انسحاب السوفيات. فخلال الامسيات التي تشهد مباريات رياضية او زيجات، راح الكالاشنيكوف والاسلحة الهجومية تحل مكان البنادق القديمة. مئات القتلى الا ان السكان يدفعون ثمنا غاليا لهذه الظاهرة. ولا تتوافر بيانات محددة حول عدد ضحايا الرصاص الطائش الا ان السلطات تعتبر ان مئات عدة من الاشخاص لقوا حتفهم في العقود الاخيرة. بعد وفاة نجله قرر شاه التحرك. وانتقل من مسجد الى اخر داعيا الائمة الى تضمين خطبهم دعوة الى التخلي عن هذه الممارسات القاتلة. ويوضح "في الماضي كان الناس يحتفلون ببعض المناسبات باطلاق النار في الهواء لانه كانت تتوافر حولنا مساحات شاسعة مفتوحة. اما اليوم فكل رصاصة تطلق في الهواء يمكن ان تصيب شخصا وما من ضمانات انها ستسقط في مكان غير مأهول". وقد باتت السلطات المحلية تولي اهتماما بهذه المشكلة اذ ان الشرطة في نوشره وفي اقاليم اخرى توزع المنشورات والملصقات للتوعية على هذه الافة وتدعم مبادرات تعارض هذه الممارسة. ويوضح الضابط في الشرطة سجاد خان "لا يمكننا القضاء على هذه الافة من دون دعم السكان". ودعا قائد شرطة بيشاور، طاهر خان المحتفلين بهذه الطريقة الى التبرع بسعر الذخائر التي ينوون اطلاقها الى جمعيات خيرية بدلا من اطلاق النار. واكد خان "كل رصاصة تكلف 60 الى 70 روبية (0,50 يورو) يمكن انفاق هذا المال لتحسين وضع الفقراء". نقص في الالعاب الا ان الوضع قد يتغير اذ ان رئيس الوزراء الجديد شاهد عباسي تعهد انه سيكون اكثر صرامة مع مالكي الاسلحة الرشاشة. واليوم يفرض على مطلق النار في الهواء غرامة قدرها الف روبية (8 يوروهات) على ما يفيد مسؤولون الا انه نادرا ما يطبق ذلك. ولمواجهة هذا التقليد تحاول محافظات باكستانية عدة الحد من بيع العاب تشبه الاسلحة رغم الاقبال الكثيف عليها. الا ان البازار الرئيسي في بيشاور يعج بنسخ الاسلحة هذه من كل الانواع وهي تشبه كثيرا الاسلحة الحقيقية. ويخبر البائع شريف خان "منعت الحكومة بيع الاسلحة الوهمية اذ تقول ان لذلك تأثيرا سلبيا على الاطفال ومن الافضل تقديم الاقلام او اشياء اخرى لهم". ويقول بأسف "لكن البدائل قليلة وما من وسائل لعب اخرى".
مشاركة :