أوضح مختصون لـ«الجزيرة»، أن إلزام المحال والمنشآت التجارية بالتعامل بنقاط البيع سيسهم بشكل مباشر في مكافحة التستر، وضبط النقد بالسوق، مؤكدين أن هذه الخطوة أمان للمستهلكين وأصحاب المحلات. وقال الكاتب الاقتصادي أحمد الشهري، أنه منذ أدخلت مؤسسة النقد وعبر البنوك نقاط البيع إلى الأسواق، تحسنت مؤشرات حركة النقود في الاقتصاد، لاسيما العرض النقدي في القطاعات المختلفة، فالتستر التجاري على سبيل المثال ينخر في جسد الاقتصاد منذ عقود، وقيام وزارة التجارة والاستثمار بإلزام المحلات والمؤسسات التجارية بتوفير نقاط بيع سيحد من هذا التستر. وأضاف: البنية التحية للاتصالات في المملكة تعتبر من المرتكزات الأساسية لتوفير خدمات المصرفية ولاسيما للمحلات الصغيرة، وأعتقد أن جميع المناطق لن تواجه مشكلات تتعلق بالاتصالات ولاسيما في المناطق الرئيسية. وتابع: منافع القرار متعددة ومنها توفير طباعة النقود الورقية وتقليل تداولها يدوياً وذلك باستخدام التقنية، بالإضافة إلى سهولة التعرف على الحركة التجارية، وهذا بدوره يدعم الإحصاءات والتقارير الاقتصادية المختلفة، أما في المستقبل فيمكن استخدام الإحصاءات الصادرة من الجهات ذات العلاقة حول مبيعات نقاط البيع في تقدير حجم الأموال الزكوية على عروض التجارة المختلفة. بدوره، ذكر عضو مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة عبدالله سعد أبومعطي للمكتبات يوسف القفاري، أن القرار تطور إيجابي ومطلب قديم، لانعكاساته الاقتصادية والتجارية والأمنية على المنظومة التجارية والاستثمارية بشكل عام.. فإلزام المحلات التجارية بالتعامل بنقاط البيع سيسهم بشكل مباشر في مكافحة التستر، ويدعم تطبيق وتحصيل ضريبة القيمة المضافة والسلع المنتقاة والزكاة بدقة، كما أنه يرفع معدلات الشفافية في التعاملات المالية والدخل الشهري للمحل التجاري وبالتالي معدل دخل الفرد سواء كان مواطنا أو أجنبيا، بالإضافة إلى الحد من نقل أو حمل الأموال وبالتالي رفع مستوى الأمن، ومحاصرة عمليات السرقة أو التلاعب بأرقام المبيعات. وأفاد بأن التعامل بنقاط البيع وسيلة عملية وفعالة في إدارة النقد ومراقبة عمليات البيع والتحصيل، وتخفيض تكلفة العمليات التشغيلية الناتجة عن الاعتماد على تبادل ونقل الأموال وكذلك رفع مستوى دقة الرقابة والشفافية، وهي أداة فعالة أيضاً في تنمية وتطوير البنية التحتية المناسبة لمنظومة التجارة والاستثمار بشكل عام، فضلاً عن دعمها ديمومة المنشآت الناشئة والصغيرة. وأوصى القفاري بإعادة النظر في رسوم نقاط البيع لتحفيز الجميع على التقيد بضوابطها. وقال: لدينا أكثر من مليوني منفذ بيع بالمملكة تفتقد لأنظمة نقاط البيع، فيما بلغ حجم تجارة التجزئة عام 2016 حوالي 370 مليار ريال، مضيفاً أن أكثر من 55 ألف بقالة ليس بها نقاط البيع وهذا يساهم في نشر التستر والغش التجاري والتلاعب بالأسعار. وتابع: مغاسل الملابس والمطاعم الشعبية ومحلات الصيانة والأدوات الصحية والمنزلية والكهرباء ومستلزمات البناء والإكسسوارات المنزلية والتي يتجاوز عددها 500 ألف منفذ بيع ليس بها نقاط بيع ولا تقبل إلا النقد بسبب التستر التجاري، وكذلك أعمال السباكة والتنظيف يديرها أفراد مجهولي الهوية تحت مسميات تجارية وهمية لإخفاء أسماء الكفلاء والحسابات البنكية لعدم كشف إيراداتهم. من ناحيته أوضح الاقتصادي محمد عبدالعزيز العجلان، بأن إلزامية استخدام نقاط البيع خطوة ممتازة ستعمل على ضبط النقد المتداول، وتقليص أعداد المحلات العشوائية، بالإضافة إلى مساهمتها في الحد من التستر واقتصاد الظل الذي يحرم النظام البنكي والاقتصاد من أموال طائلة، مشيراً إلى أن الأموال التي لا تدخل النظام البنكي تخرج من البلاد بطرق سهلة نظامية وغير نظامية. وأضاف: يجب أن تخاطب وزارة التجارة مؤسسة النقد لتخفيف رسوم استخدام نقاط البيع. من جانبه، أشار عضو اللجنة التجارية بغرفة الشرقية محمد الدوسري، إلى أن القرار سينعكس على المستهلك بتسهيل الدفع وعلى المنشآت بتبسيط العمليات المحاسبية ومعالجتها بشكل لحظي وإدارة المخزون والاحتفاظ بسجلات إلكترونية للمدفوعات وزيادة المبيعات. وقال الكاتب الاقتصادي فضل البوعينين: المدفوعات الإلكترونية أصبحت البديل الأمثل للتعاملات النقدية التي تحيط بها المخاطر من كل جانب، وفي مقدمها التزوير وغسل الأموال، والمملكة خطت سريعا في التحوُل نحو المدفوعات الإلكترونية، وأسهمت مؤسسة النقد العربي السعودي والبنوك في إنشاء بنية تحتية، ساعدت في تعزيز دورها بالسوق. كما أسهمت التشريعات الأمنية والرقابية في الحد من التسويات النقدية، واستبدالها بآليات الدفع البديلة التي توفر قاعدة معلوماتية دقيقة عن مصادر الأموال، وتوفير الخدمات الآلية السريعة المتميزة بالسهولة والدقة والأمان من الأهداف الاستراتيجية الواجب تحقيقها لدواعٍ اقتصادية وأمنية وتنافسية. ولفت البوعينين إلى أن عبدالعزيز الفريح، نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، أكد في مؤتمر صحفي أن «ساما» تشجع دائماً استخدام البطاقات الآلية عوضاً عن المبالغ المالية النقدية، وأكد أن الطاقة الاستيعابية للشبكة زادت سبع مرات عما كانت عليه من قبل، وهو أمر مفرح ولا شك، إلا أنها لم تصل بعد إلى حد الكفاية ومستوى الجودة المطلوبة، خاصة في المدن النائية.. فتشجيع استخدام البطاقات الآلية يحتاج إلى دعم البنية التحتية بشكل شامل، وبخاصة شركات الاتصالات التي تحتاج إلى تطوير أكبر، وبما يسهم في تحسين أداء شبكات الدفع الآلي، وتقليص الأخطاء. وزاد البوعينين: توفير مكائن الدفع بيُسر وسهولة لجميع المتاجر ومراكز الخدمات في مناطق المملكة، واستبدال مكائن البيع القديمة التي تتسبب في تأخر عمليات الدفع، والأخطاء المتكررة، من متطلبات الدعم الرئيسة. وأشار إلى أن التحول من المدفوعات النقدية إلى نظيرتها الآلية يؤدي إلى تحقيق أهداف أمنية ومالية ورقابية مهمة، منها الحد من عمليات غسل الأموال المرتبطة بالدفع النقدي، ومكافحة التزوير، ورصد المدفوعات المختلفة، التي تعتبر إحدى أهم أدوات التوثيق وإثبات الحقوق، والكشف عن الجريمة، إضافة إلى خفض حجم السيولة خارج القطاع المصرفي، بما يحقق الدعم الأمثل للنظام المالي والجهاز الرقابي. وأضاف: المدفوعات الإلكترونية ستضمن تطبيق تقني لضريبة القيمة المُضافة وستوفر سجلا إلكترونيا للمدفوعات والمبيعات على حد سواء، وستعمل على خفض عمليات تزوير العملة وتداولها وستقلص استخدامات النقد بما يرفع كفاءة أنظمة مكافحة غسل الأموال بالإضافة إلى تقليص الرسوم البنكية على نقاط البيع وتوسعة شبكة الاتصالات ورفع كفاءة الأجهزة من أدوات تحفيز انتشارها ويجب التأكد من قدرة استيعاب الشبكة للعمليات المتوقعة حين التطبيق الإلزامي خاصة في أوقات الذروة، فالمدفوعات الإلكترونية هي المستقبل الذي لا يمكن تأجيله، فالإسراع في التحديث والتطوير أمر مهم للغاية. واختتم قائلاً: تحقيق الأهداف الاستراتيجية يحتاج دائماً إلى عمل مكثف، ودعم مالي سخي، وغض الطرف عن العوائد الربحية العاجلة، وتحفيز الشرائح المستهدَفة على المشاركة في تحقيق الأهداف الموضوعة سلفاً، وهو ما نحتاج إليه في تنفيذ استراتيجية «التحول الكلي نحو المدفوعات الآلية».. عندما يتقلص دور النقد في دفع الثمن، وتصبح المدفوعات الآلية جزءاً رئيساً من عملية البيع، يمكن للمؤسسة فرض هوامش الربح المناسبة.
مشاركة :