إن من المقرر أن يكون أحد المواضيع المهمة على جدول أعمال الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع هو تقييم التقدم العالمي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهي خريطة طريق الأمم المتحدة لحل أكبر التحديات التي يواجهها العالم بحلول سنة 2030. ووفقا لمارك سوزمان هو الرئيس التنفيذي في مؤسسة بيل وميليندا جيتس، الذي كان جزءا من فريق الأمم المتحدة المساعد على وضع الأهداف الإنمائية للألفية التي سبقت أهداف التنمية المستدامة وبحلول اختتام الأهداف الإنمائية للألفية في عام 2015 تمكنت تلك الأهداف من تحقيق أسرع وأكبر المكاسب التي شهدها العالم على الإطلاق في مجال الصحة والتنمية العالمية، وقد مهدت الأهداف الإنمائية للألفية الطريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقد شجع هذا الالتزام الذي أبداه المجتمع الدولي لاستدامة خطة التنمية لما بعد عام 2015.لكن أصبح واضحا لسوزمان وواضحا للآخرين أيضا أن إحراز تقدم فيما يتعلق بمجموعة واسعة من الأهداف سيعاني ما لم يتم التركيز بعمق أكثر على البيانات المتعلقة باحتياجات النساء والفتيات بشكل خاص، وإذا أخفقنا في تحقيق المساواة بين الجنسين على الصعيد العالمي فإننا لن نستطيع تحقيق عديد من الأهداف الأخرى، وذلك من إنهاء الفقر إلى ضمان صحة جيدة.إن من إحباطاتي الشخصية، يضيف سوزمان، إزاء الأهداف الإنمائية للألفية هي أن "المساواة بين الجنسين هي أقوال أكثر من كونها أفعالا، وأن الأهداف الإنمائية للألفية على الرغم من وعدها بالتمكين لم تستهدف بشكل كاف عددا من أكبر التحديات التي تواجه النساء والفتيات مثل العنف القائم على نوع الجنس والتمييز الاقتصادي، وقد استمرت هذه الثغرات لأنه في التسعينيات عندما كانت الأهداف الإنمائية للألفية في طور الصياغة لم يكن معظم الناس بمن فيهم أنا على دراية كافية بحجم المشكلة أو تعقيدها".وفي ضوء ذلك، ينبغي لنا أن نتجنب مصيرا مماثلا مع أهداف التنمية المستدامة، وإن تحقيق المساواة بين الجنسين هو أكثر من مجرد فرصة تظهر كل جيل بل هو أيضا أفضل طريقة لإحراز تقدم في جميع أهداف التنمية المستدامة تقريبا وبناء عالم يمكن للجميع أن يزدهر فيه، وكما سيناقش بيل وميليندا جيتس في اجتماع لقادة العالم في الأسبوع المقبل في نيويورك وكما يظهر في تقرير جديد، فإن من الضروري أن يكون هناك عمل جماعي لمعالجة مختلف أبعاد عدم المساواة بين الجنسين ودفع عجلة التقدم.إن أحد أكبر العوائق هو ندرة البيانات الجيدة بشأن القضايا التي تؤثر بشكل غير متناسب في النساء والفتيات مثل حقوق الأرض والحصول على التعليم وتنظيم الأسرة والرعاية الصحية، حيث إن البيانات ضرورية لفهم ما هي الأشياء التي تحقق النجاح وكيفية متابعة التقدم الحاصل، ومع ذلك توجد بيانات حديثة تتعلق بجزء صغير فقط من المؤشرات التي تم تطويرها لتقييم التقدم الذي تم إحرازه في أهداف التنمية المستدامة الـ 17، بما في ذلك أكثر من 40 مشروعا يرتبط مباشرة بالمساواة بين الجنسين ومن بين المؤشرات الـ 14 للتقدم المرتبط بالهدف الرئيسي للمساواة بين الجنسين وهو الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة فإن معظم البلدان تقيس ثلاثة من تلك المؤشرات فقط.لقد أنشأت مؤسسة بيل وميليندا جيتس للمساعدة على سد هذه الفجوات الحيوية مبادرة مدتها ثلاث سنوات بقيمة 80 مليون دولار لجمع بيانات أكثر مصداقية يمكن أن تحسن تصميم واستهداف البرامج والتدخلات المتعلقة بالسياسات، وأطلقت المؤسسة أخيرا كجزء من هذا الجهد شراكة بقيمة عشرة ملايين دولار مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة لمساعدة البلدان على تحسين نوعية البيانات الخاصة بنوع الجنس التي تجمعها وتدعم المؤسسة أيضا التدابير المتساوية لعام 2030، وهي مبادرة ترمي إلى تمكين المدافعين ومجموعات المجتمع المدني من الحصول على أدلة سهلة الاستخدام لتقييم التقدم الذي تم إحرازه نحو تحقيق الأهداف والإبقاء على أهداف التنمية المستدامة للنساء والفتيات على المسار الصحيح.وستوفر هذه الجهود وغيرها للجهات المعنية بالدفاع عن المساواة بين الجنسين وصناع القرار معلومات أفضل عن طبيعة وحجم الحواجز الاجتماعية والاقتصادية التي تعوق النساء والفتيات وتساعد على تحديد من يتخلف عن الركب.ونحن نعلم من الأدلة القائمة أن تمكين النساء والفتيات يمكن أن يعجل بالتقدم، فعلى سبيل المثال، عندما تلتحق الفتيات بالمدارس الثانوية "الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة" يقل احتمال زواجهن في سن مبكرة بست مرات وترتبط معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة بين الفتيات المراهقات بانخفاض معدلات الولادات لدى المراهقات وتحسين الصحة "الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة" وبالمثل هناك احتمالية أكبر لدى النساء مقارنة بالرجال فيما يتعلق باستثمار الدخل الفائض بطرق تحسن من حياة أطفالهن.وتظهر فوائد المساواة بين الجنسين أيضا عندما تحصل المرأة على الخدمات المالية الأساسية مثل حسابات الائتمان والحسابات الادخارية التي تمكنها من بدء الأعمال التجارية وتوفير المال من أجل الاحتياجات الأساسية للأسرة.من جهة أخرى، فإن سد الفجوة بين الجنسين في الزراعة يمكن أن يكون له أثر أكثر عمقا في الأسر والإنتاجية في العالم النامي، حيث تشكل النساء اليوم على سبيل المثال، ما يقرب من نصف القوى العاملة الزراعية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومع ذلك، فإن المرأة عادة ما تتعامل مع قطع أراض أصغر حجما وأقل إنتاجية مقارنة بالرجل، وغالبا ما تواجه صعوبات في الحصول على أفضل البذور والأسمدة والإئتمان وفرص التدريب، وتظهر الدراسات أن إعطاء النساء سلطة أكثر في صنع القرار على الأصول الإنتاجية له القدرة على زيادة الغلة الزراعية بأكثر من 20 في المائة وهو أمر ضروري "للقضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان" بحلول عام 2030 "الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة".وعندما نزيل الحواجز التي تواجه أشد الفئات ضعفا في المجتمع فإن تأثير ذلك يمكن أن يكون كبيرا للغاية، لكن للقيام بذلك يجب على المانحين والشركاء في التنمية والحكومات والقطاع الخاص أن يستثمروا في بيانات أكثر وأفضل التي يتم فرزها حسب العمر والجنس، ومن شأن ذلك أن يسمح بتكييف البرامج وفقا لاحتياجات النساء والفتيات في كل مكان.إن التحدي الذي يواجهنا ـ وهو فرصة كذلك ـ هو التغلب على الحواجز المترسخة التي تعرقل التقدم بالنسبة إلى النساء والفتيات، وتمثل أهداف التنمية المستدامة خطوة هائلة في هذا الاتجاه، لكن الأهداف دون استراتيجيات قابلة للتنفيذ هي مجرد نوايا حسنة، وتوفر أهداف التنمية المستدامة خريطة طريق لإنهاء الفقر وإيجاد عالم أفضل وأكثر صحة وأمنا للجميع. إن التحقق من وجود بيانات ذات نوعية جيدة هو أفضل طريقة للتحقق من أن لا يتخلف أحد عن ركب التنمية.Image: Author: «الاقتصادية» من الرياضpublication date: الاثنين, سبتمبر 18, 2017 - 03:00
مشاركة :