في إحدى القضايا الشائكة، تؤيد الكاتبة الصحفية عزيزة المانع زواج المسنين والمسنات بعد رحيل الزوجة أو الزوج، رافضة انتقاد المجتمع لهذا الزواج، ومؤكدة أن كبار السن لهم احتياجات عاطفية، ومهما بلغ بر الأبناء بوالديهم ورعايتهم لهما، لا يمكن أن تعوض عن الحاجة الفطرية لديهما إلى رفيق محب يجلب الدفء إلى القلب الوحيد ويطرد عنه الوحشة، لكنها ترفض هذا الزواج في حالة واحدة. زواج المسن ليس حماقة وفي مقالها "قطار الزواج لا يتوقف في محطة المسنين" بصحيفة "عكاظ "، تقول المانع: "يتعامل بعض الناس مع المسنين كما يتعاملون مع المنتجات الاستهلاكية منتهية الصلاحية. فالمسن ينظر إليه كإنسان (هش) بدنيًا و(عتيق) ذهنيًا، فيصير لا يصلح للقيام بشيء سوى ملازمة السجادة والسبحة استعدادًا لموعد المغادرة الذي يوشك أن يحل .. وإذا كانت هذه هي النظرة الشائعة نحو المسنين، فإنه ليس مستغرباً أن ينتقد بعض الناس زواج المسن أو المسنة بعد فقد الشريك، وإن كان النقد في حق المسنات أكبر، (كالعادة في كل شيء)، فالزواج كما يراه أغلب الناس، غايته الإنجاب وتكوين الأسرة وإشباع الغريزة، ومن بلغ سن الشيخوخة لا حاجة له في شيء من ذلك، مما يجعل زواج المسنين يبدو في أعينهم، حماقة من الحماقات .. وربما لهذا نجد أحيانًا بعض الأبناء ينظرون باستخفاف إلى تفكير الأب أو الأم في الزواج، وقد يتعاملون معه كطرفة يتندرون بها، هذا إن لم ينظروا إليه كأمر بغيض فيعارضونه بشدة ويقاومون تحقيقه ما استطاعوا، حجتهم أنهم لم يقصروا في رعاية الوالد أو الوالدة، وأنهم حريصون على خدمتهما وتلبية جميع احتياجاتهما فما حاجتهما إلى الزواج!". الحاجة إلى رفيق وتعلق المانع قائلة: "ينسى أولئك الأبناء، أن الإنسان مهما بلغت به السن، تظل له احتياجات عاطفية لا تنتهي ببلوغ سن الشيخوخة، وأن بر الأبناء بوالديهم ورعايتهم لهما، مهما بلغت، لا يمكن أن تعوض عن الحاجة الفطرية لديهما إلى رفيق محب يجلب الدفء إلى القلب الوحيد ويطرد عنه الوحشة. لقد سمعت أكثر من صديقة وهي تتحدث عن معاناة أبيها بعد وفاة أمها، وكيف أنه دخل في حالة اكتئاب وضيق، فأطبق عليه الميل إلى الوحدة والعزلة عن الحياة الاجتماعية". المسن المرح وتستدل الكاتبة بدراسات عن زواج كبار السن وتقول: "حسب ما تقوله بعض الدراسات الاجتماعية، فإن كبار السن الذين يتزوجون ثانية بعد ترملهم، يكونون غالباً أكثر مرحًا وإقبالاً على الحياة، فالزواج يساعد على الاهتمام بالصحة والمظهر، ويحسن الحالة النفسية ويخفف من الاكتئاب والشعور بالوحدة والفراغ العاطفي الذي يأتي غالبًا مع الشيخوخة، وأهم من هذا أنه يساعد على الحد من شرود الذهن وتشتت الانتباه الذي عادة يصحب التقدم في السن". للمسن حقوق وتؤكد المانع أن المسنين "ليسوا منتجات تنتهي صلاحيتها في زمن معين، ومن حقهم الاستمتاع بطيبات الحياة ما أمكنهم، ومن طيبات الحياة الركون إلى زوج يؤنس الوحدة وتسكن إليه النفس، فلا تجعلوا من زواج المسنين (طرفة) للتندر بها في المجالس وفي برامج الفكاهة، حيث لا توجد مادة للإضحاك أفضل من التندر برغبة (الشايب) أو (العجوز) في العرس". حالة واحدة وتنهي المانع باستثناء واحد في زواج المسن، وتقول: "هناك حالة واحدة يكون فيها زواج المسنين حقاً حماقة مضحكة، وذلك حين يكون التكافؤ في السن بين الزوجين مفقوداً، فيتزوج أحدهما من آخر في سن أبنائه، هنا حقًا يبدو الأمر حمقاً يبعث على التهكم والسخرية".
مشاركة :